"جزء من ذاكرتنا"... إذاعة لبنان والمجلس القاري الأفريقي يكرّمان عدداً من الشخصيات
كرّمت "إذاعة لبنان" والمجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم رواداً من الإذاعة، بحفل في إستوديو فيروز بمبنى الإذاعة، برعاية وزير الإعلام بول مرقص ممثّلاً بالمدير العام للوزارة حسان فلحه، وحضور ممثّلة نقيب المحرّرين جوزيف القصيفي الإعلامية إسراء حسن، نقيب الممثّلين نعمة بدوي، رئيس المجلس القاري القنصل حسن يحفوفي وأعضاء المجلس، رئيسة مجلس الإدارة المديرة العامة لـ"تلفزيون لبنان" أليسار نداف، مدير "إذاعة لبنان" محمد غريب، مديرة البرامج في الإذاعة ريتا نجيم، رئيسة التحرير في "الوكالة الوطنية للإعلام" رنا شهاب الدين وعدد من رؤساء الأقسام والموظّفين والفنانين.
بداية النشيد الوطني، ثم عرض فيلم وثائقي عن تاريخ الإذاعة وتعريف بالمحتفى بهم وهم: أحمد الزين، أمال عفيش، جهاد الأطرش، عمر ميقاتي، محمد إبراهيم، نبيل غصن، وحيد جلال وفاء طربيه، طوني موراني، محمد كريم ويحيى الحاج.
وقالت مديرة البرامج في الإذاعة: "رائع أن نلتقي في هذا الإستوديو الذي يحتضن أحباءنا اليوم، في هذه الإذاعة العريقة الضاربة جذورُها في عمق لبنان التاريخ والحضارة المشرّعة أبوابُها لكل جديد يحاكي الأصالة. هو الصرح الذي يحتضن الشباب الذين ينهلون من الأصالة ليبدعوا ويبنوا المستقبل المشرق".
وأضافت: "جميل أن نلتقي في هذا الإستوديو الذي واكب النهضة الفنية والثقافية والأدبية في لبنان، فهو مهد الكبار منذ 88 سنة وفيه اليوم يكرم الكبار، الذين مرّوا في هذا الإستوديو، كتبوا، ألّفوا، لحنوا، أطربوا، وسطّروا تاريخ الفن وما زالت أصواتهم غافية في جدرانه. فلننصت للحظات لنسمع التاريخ يحاكينا".
وختمت: "كتب التاريخ ولادة أعمال الكبار هنا. أردنا أن نقول للتاريخ اليوم: "قف. ها هم أعمدة الإذاعة الذين طبعوا بصماتهم على صفحاتك نكرمهم اليوم لأنهم الأساس. إنّهم الأعمدة التي نرتكز عليها لننمو ونرتفع، ممتنين لعطاءاتهم التي حملت للعالم الفرحة والبسمة والمعرفة".

"جزء من ذاكرتنا"
بدوره، قال مدير الإذاعة: "المكرّمون الأعزاء أصحاب القامات الإذاعية الفنّية الذين شكّلوا عبر إذاعة لبنان جزءاً من ذاكرتنا وحديثنا اليومي عن الزمن الجميل وما زالوا، إلى جانب آخرين سنسعى لتكريمهم لاحقاً لأنّكم وهم صنعتم مجداً للبنان، ورسمتم بتعبكم حينها وحبّكم له ولإذاعته، أحلامنا الجميلة في الوطن المشتهى. إليكم وأنتم زمننا الجميل وذاكرتنا التي تحتوي على صورة لبنان جوهرة هذا الشرق والوطن الرسالة رغم كل الآلام والدموع التي تحاول حجب هذه الصورة الجميلة. ونحن نكرّمكم نكرّم الماضي والحاضر وحتى المستقبل الذي لم يأت ولا نعرف كيف سيكون، وندعو الباري عز وجل أن يكون على خير في كل شيء".
وأضاف: "نكرّمكم من على هذا المنبر، منبر إذاعة لبنان ومن إستديو السيدة فيروز على وجه التحديد، لأن التاريخ الأعظم للفن في لبنان والعالم العربي انطلق من هنا بكل تلاوينه، من هنا من هذه الإذاعة العريقة التي جسّدت دوماً وحدة هذا البلد وميزة تنوّعه وفرادته ودوره الرائد في عالم الفن، هذا الدور الكبير للوطن الصغير".
وتابع: "مجدّداً أهلا وسهلا بكم في إذاعة لبنان التي تشبه علم لبنان وجبال لبنان وسهول لبنان وما فيها من جمال خلاب والإنسان في لبنان. وأخيراً نشكر المجلس القاري الأفريقي على هذه المبادرة الطيبة تجاه إذاعة لبنان وروّادها المبدعين".
"تاريخ نفتخر به"
من جهّته، قال رئيس المجلس القاري: "يشرفني اليوم أن أكون في حضرة هذه النخبة من أهل الإعلام والفكر والفن والثقافة، لنكرّم كوكبة من الرواد الأوائل الذين أبدعوا فصنعوا لنا تاريخاً نفتخر به اليوم وغداً، وسيكون منارة للأجيال المقبلة، يهتدون بها كلما أرادوا التعلّم والبناء على الجميل، أكان نصّاً أو أداء أو إبداعاً. الوقوف في حضرة هذه الكوكبة هو تكريم لنا ولكل لبناني يقدّر رحلة العطاء والسجل الحافل والغني بالإنجازات".
وأضاف: "إن الاغتراب اللبناني بأغلبيته المطلقة في حال تفاعل يومي مع أهله في لبنان، بمن فيهم ما اصطلح على توصيفه بالانتشار اللبناني (أي الفئة التي اندمجت بشكل كامل أو شبه كامل بالمجتمعات المضيفة)، هؤلاء جميعهم يتطلّعون إلى وطنهم الأم بأمل دائم في أن يتجاوز التحدّيات الكبيرة والخطيرة التي يواجهها. وكم يحزنهم أن يقرأوا أو يشاهدوا صورة الانقسامات حيال قضايا وطنية بديهية، من هنا فإن تطوير وتعزيز الإعلام الوطني (الرسمي) يصبح ضرورة وطنية وأولوية من ضمن الأولويات العديدة، لأن اللبنانيين، المقيم منهم وغير المقيم، بحاجة إلى خطاب يجمع ولغة توحّد وتقرّب الناس إلى بعضها البعض، بحاجة إلى مساحات حوار إيجابية رغم الاختلاف أو التباين الطبيعي والاختلاف المشروع".
وتابع: "نحن في المجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، يسعدنا أن نكون شركاء في ورشة تطوير الإعلام الوطني الذي يتخطى الحدود ويشمل المغتربين في رؤاهم ويحاكي أحلامهم وقضاياهم وما يواجهون من تحدّيات. وفي هذا السياق، نؤكّد أمامكم أهمية وضرورة أن يكون لدى الحكومة رؤية اغترابية – وطنية جامعة، يشعر معها المغترب بقوة التمثيل الديبلوماسي، وأن تكون برامج عمل الوزارات تشمل الاغتراب اللبناني، كوزارتي الإعلام والخارجية طبعاً، بالإضافة إلى وزارات الثقافة والشباب والرياضة والسياحة والاقتصاد والتجارة وغيرها. ولدينا في المجلس حزمة من الأفكار لتعاون وثيق مع وزارتكم الكريمة ومع سائر الوزارات، لعلنا نسهم في حضور إعلامي رسمي أكثر فاعلية، يبعد عن الاغتراب لوثة الانقسام في زمن ما نحتاج فيه إلى الوحدة فالوحدة ثم الوحدة".
"الإعلام الصحيح"
أمّا ممثّل وزير الاعلام فقال: "رئيس المجلس القاري الأفريقي القنصل حسن يحفوفي، نقيب الممثلين، الزميلات والزملاء، حضرة المكرمين لنا بقبولكم هذا التكريم. نحن نعتز أنّه أتيحت لنا الفرصة لنكون معكم في هذا التكريم. وهذا أمر طبيعي لإذاعة عريقة مثل إذاعة لبنان".
وأضاف: "شرفني مرقص أن أمثّله في هذا الحفل، أولا أنتم في إستديو فيروز وما زال صوتها عابقاً في هذا المكان كما كل الفنانين والمغنين والمطربين والكتاب والأدباء والشعراء".
وتابع: "في الفيلم الذي عرض تبدو وجوهكم الآن أجمل مما كانت في السابق. ثانياً، أنتم في بيتكم ونحن الضيوف، ونحن في خدمة العمل الإعلامي، ولكن أنتم أعمدة هذا العمل والإذاعي والفني. من الخطوات الأساسية التي تضع على السكّة الصحيحة إعادة العمل الإعلامي الصحيح في هذه الفوضى التي يعيشها البلد، أن نعتز ونتكرم بكبارنا وأنتم كبارنا. وبالتالي عندما نتكلّم عن الإذاعة اللبنانية، نتكلّم عن شق أسس للتواصل بين المقيمين والمغتربين، أبناؤنا الذين عادوا إلينا وعودة الابن البار إلى بيته العتيق".
وقال: "مع التطوّر التقني الهائل الذي شهده العالم، انتهت الصحف الورقية، فيما التلفزيونات التقليدية لديها أزمة، أما الإذاعات فلها استمرارية وحتى تاريخه هناك 4 مليارات مستمع للإذاعات في العالم، وفي العالم العربي هناك 338 إذاعة تبث عبر الإنترنت، وبالتالي علينا أن نعرف أن هذا العمل الإذاعي لا ينتهي، كيف ينتهي وأعمدته تنتصب قربنا وحولنا. إن هذا الاختلال هو باكورة انطلاق الإذاعة اللبنانية وموئل وناد لكل الذين عملوا فيها".
وأردف: "لا يمكن أن يكون هناك إعلام راق أو متطوّر أو متقدّم ما لم يكن العاملون فيه يتمتّعون بالشروط اللائقة للمعيشة ونهاية الخدمة اللائقة، بحيث لا يقفون على أبواب أحد. عندما تكون إرادتنا ودولتنا ونكون في هذا السياق ننتصر ولا نقع ولا نكون بحاجة لأحد. إذا أردنا أن يكون الإعلام اللبناني حرّاً وصنوا للبنان يجب أن يكون العاملون فيه أحراراً وغير مرتهنين على المستوى المالي أو الحاجة لأي شيء. أما بالنسبة إلى المغتربين، فهم الذين جعلوا هذا البلد يقف، ولولاهم لكان الوضع في غاية الصعوبة، وهذه ليست منة. علينا أن نبني البلاد سوية في الإعلام الصحيح والفن الصحيح والثقافة الصحيحة، إن إذاعة لبنان أول إذاعة أسّست في عاصمة عربية بعد إذاعة الإسكندرية التي هي مدينة، وخرج منها الكبار ولا يمكن إحصاء كل هؤلاء".
وختم: "نأمل من القيّمين على الإذاعة والمغتربين أن يصار إلى إعداد برامج مستدامة وأول انطلاقة أن ينشأ دار او نادي الإذاعة للعاملين الحاليين والذين ساهموا في بناء هذه الإذاعة. إن اذاعة لبنان هي الوحيدة التي جمعت ولم تفرّق، وكان لبنان هو المستفيد الأول من ذلك. طبعاً نحن لا نلغي أحداً ولا الإذاعات الخاصة، بالعكس إنّها أخوات إذاعة لبنان، ولكن المطلوب أن يكون الإعلام مسؤولاً ووطنياً وبكل الطوائف والمذاهب من أجل الفن والثقافة ومن أجل الغد الذي نصبو إليه ونحلم به. في عصر الذكاء الاصطناعي، إذا لم نتفوّق على أنفسنا وعلى ذواتنا التي تعيش الماضي وتحافظ على التراث وننطلق نحو المستقبل فالوضع سيكون صعباً، ولكنّه يسهل إذا ما استطعتنا ان نتكرم بهذه الوجوه".
وفي الختام سلم فلحة دروعاً تكريمية للمكرّمين.
نبض