بحرٌ يُنهَب وكنوزٌ "غير مقدّرة"...هل يُقرّ قانون لحماية التراث البحري؟ (فيديو)

مجتمع 16-12-2025 | 11:23

بحرٌ يُنهَب وكنوزٌ "غير مقدّرة"...هل يُقرّ قانون لحماية التراث البحري؟ (فيديو)

بينما تتعرّض السفن والمدن المغمورة بالمياه لتهديد يومي بسبب الأنشطة الصناعية والصيد وعمليات النهب، تحذّر اليونيسكو دائماً من هذا الخطر، إذ تعتبر أن المحيطات هي "أكبر متاحف العالم"
بحرٌ يُنهَب وكنوزٌ "غير مقدّرة"...هل يُقرّ قانون لحماية التراث البحري؟ (فيديو)
شاطئ جبيل في لبنان (مواقع).
Smaller Bigger

يقول المثل: "البحر أسرار"، لا بل البحر أسرار وآثار، ذاكرة كاملة مغمورة بالمياه لا نعرف عنها إلا القليل.

 

قبل عامين، غطست بعثة فرنسية في بحر صور ووجدت العديد من الكنوز تحت المياه، ومنذ أسابيع قليلة اكتُشفت سفينة غارقة في المياه الإقليمية بين لبنان وقبرص. لم تكن عبارة "لبنان بلد الحضارات" مجرد قصة رُويت لنا في صفوف المدرسة، إذ إن التاريخ لا تشهد عليه المدن والمعابد فوق اليابسة فحسب، بل البحر أيضاً، ذلك الامتداد الأزرق الذي يخبئ في أعماقه طبقات من التاريخ لا تقل قيمة عمّا هو على سطح الأرض.

 

في 9 كانون الأول/ديسمبر 2025، برز ملفّ الآثار الغارقة في لبنان من بابٍ تشريعي، إذ عقدت اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة من اللجان المشتركة والمكلّفة درس اقتراح القانون الرامي إلى الحفاظ على التراث الثقافي المغمور بالمياه جلسةً برئاسة النائبة نجاة عون صليبا، وفي حضور ممثلين للوزارات والإدارات المعنية. هذا الحراك التشريعي يطرح سؤالاً جوهرياً: ما هذه الآثار الغارقة التي تستدعي قانوناً خاصاً بها؟ ولماذا الآن؟

 

 

 

 

 

تشرح النائبة نجاة عون صليبا في حديث إلى "النهار" أنّ لبنان، "بحكم موقعه في الشرق المتوسّط كان منذ فجر التاريخ موطناً لشعوبٍ من الفينيقيين وغيرهم، اتّخذوا البحر طريقاً لهم، فأنشأوا سفناً وأبحروا بها. هذا الواقع يعني أنّ هناك كمّاً هائلاً من المخلّفات البحرية التي تراكمت عبر ستة آلاف عام من الحضارات، وبقيت في قاع البحر، وهي ثروة حقيقية للبنان".

 

في هذا السياق، تؤكّد صليبا أنّ الغطّاسين المتخصصين يصفون هذه الثروة بأنها "غير مقدّرة"، لافتة إلى أنّ خبراء لبنانيين في الجامعة الأميركية في بيروت يعملون في مجال الغطس والآثار البحرية، يؤكّدون أنّهم يعرفون أشخاصاً كثيرين يعثرون على قطع أثرية لا يمكن ردعهم، بسبب غياب أي قانون ينظّم الأمر. وحتى الجيش اللبناني، خلال عمليات الغطس التي يقوم بها، يعثر على قطع أثرية، وبات يطالب بوجود إطار قانوني يحميها.

 

إلى ذلك، تحذّر صليبا من أنّ "غياب تشريع واضح يجعل هذه الثروة عرضة للاستغلال، ويجعل الاهتمام بالقانون ملحّاً اليوم، ليس فقط لحماية التراث، بل أيضاً بسبب عودة الاهتمام بالتنقيب عن الغاز في البحر اللبناني، الذي قد يكشف عن حطام سفن أو قطع أثرية قيّمة أثناء عمليات الحفر. كما أنّ العثور على آثار على الحدود البحرية مع دول أخرى يستدعي وجود قانون يكفل حمايتها".

 

وتوضح أن ليس هناك حالياً آلية للإبلاغ عن الاكتشافات، "إذ تُبقي الدولة المعلومات سرية داخل وزارة الثقافة ومديرية الآثار عند العثور على أي أثر، منعاً للاتجار بها".

 

 

شاطئ صيدا في لبنان (مواقع).
شاطئ صيدا في لبنان (مواقع).

 

لجنة "توربو" 

فيما لا يزال القانون الذي قدّمه النائب أحمد الخير قيد الدرس، تعمل اللجنة اليوم بوتيرة "توربو"، وفق تعبير صليبا، وتشمل خبراء، وممثلين للجيش والأمن العام، ووزارتي الثقافة والخارجية، وهيئة إدارة قطاع البترول، ونقابة المحامين، لضمان إعداد قانون يراعي جميع التفاصيل الفنية والقانونية. كما تعتمد اللجنة المكلّفة على اتفاقية اليونسكو لعام 2001 الخاصة بالتراث الثقافي المغمور بالمياه، وهي معاهدة دولية وقّعها لبنان، تهدف إلى تمكين الدول الموقعة من توفير حماية أفضل لكل الآثار التي يعود وجودها إلى أكثر من مئة سنة على الأقل، ما يجعل إعداد قانون وطني مستند إليها ضرورياً، للتمكّن من تطبيق الاتفاقية فعلياً.

 

وتشير صليبا إلى أنّ الإسراع في إقرار القانون أصبح ملحاً، خصوصاً في ظل عودة الاهتمام بالتنقيب عن الغاز، إذ يجب أن ترافق عمليات الحفر دراسة للأثر البيئي، وتقييم أثر التراث، ما يُعرف بـHeritage Impact Assessment، لضمان حماية التراث البحري قبل أي تدخل بشري، مؤكّدةً أنّ "جميع الجهات المعنية، من وزارة الثقافة والطاقة والبيئة، مهتمة بإنجاز هذا الإطار القانوني لتقديمه للشركات عند تقدّمها بعروض التنقيب، والمشروع سيكون جاهزاً في الشهر الأول من سنة 2026". 

 

وبينما تتعرّض السفن والمدن المغمورة بالمياه لتهديد يومي بسبب الأنشطة الصناعية والصيد وعمليات النهب، تحذّر اليونيسكو دائماً من هذا الخطر، إذ تعتبر أن المحيطات هي "أكبر متاحف العالم"، وأن المياه ليست مستقبل البشرية فحسب، بل هي ماضيها وضرورية لفهم الطريقة التي تطورت بها البشرية. فهل نتمكّن من حماية هذه الكنوز قبل أن تُسرق؟

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

دوليات 12/14/2025 3:19:00 PM
تحوّل صاحب متجر الفواكه أحمد الأحمد إلى "بطل بوندي" بعدما انتزع سلاح أحد المسلحين خلال هجوم على احتفال الحانوكا في شاطئ بوندي بسيدني، منقذًا عشرات الأرواح قبل أن يُصاب ويُنقل إلى المستشفى.
دوليات 12/15/2025 1:50:00 PM
يقضي الأطفال ووالدتهم معظم وقتهم في التسوق، ويملأون منزلهم الروسي الجديد بالسلع الفاخرة، بحسب مصدر قريب من العائلة.
دوليات 12/15/2025 2:38:00 PM
تحدّثت تقارير عن صلة محتملة لإيران واستخباراتها بهجوم سيدني.
العالم 12/14/2025 11:00:00 PM
الأب لقي حتفه بينما يرقد الابن في المستشفى.