منذ نحو سنة، ضج الرأي العام اللبناني بتوقيف عصابة تحرش واغتصاب أطفال عبر استخدام تطبيق "تيك توك" لاستدراج الضحايا. وما ساعد الخبر على الرواج حينها، كان تورط أحد أكثر المؤثرين متابعة في لبنان في هذه الجريمة. ومنذ أشهر، سمع اللبنانيون أيضا عن موت طفل لا يتعدى عمره الـ10 سنوات اختناقا في إحدى المدارس أثناء تجربة "Trend" على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما كان يتمثل بمحاولة بلع "كرواسان" دفعة واحدة.

ومع تكاثر الحوادث، بدأت جمعيات حقوقية تعمل على إيجاد تشريع يحاول كبح جماح ظاهرة الابتزاز الإلكتروني، ويحمي الأطفال من أي محتوى يعود بالضرر عليهم. 

View this post on Instagram

A post shared by Annahar (@annaharnews)

في هذا الإطار، توصلت جمعية "نضال نضال لأجل الإنسان" إلى مشروع قانون جاء في أسبابه الموجبة: "لما كان من واجب الدولة والمجتمع عامة حماية الأطفال من التنمر والتحرش، ومن العنف بمختلف أشكاله كما من التسليع والاستغلال، بجميع الأساليب سواء المباشرة منها أو من خلال الوسائل الإلكترونية وغيرها، ولما كانت الإمكانات التقنية لا تكفي لضبط تسرب محتويات ما يعرض على وسائل التواصل الاجتماعي نظرا إلى التعقيدات التقنية وتطورها بسرعة فائقة، ولما كان شرعاً وقانونا من واجبات الأهل الأساسية تربية أولادهم وتنشئتهم تنشئة سليمة، وتأمين الحماية لهم من كل ما يهدد أوضاعهم الصحية والنفسية والعقلية، من الواجب التقدم باقتراح قانون يؤمن الحماية للأطفال ويضع الأهل أمام مسؤوليتهم في حماية أطفالهم، آملين من المجلس النيابي الكريم مناقشته وإقراره في أقرب وقت".

مشروع القانون المؤلف من 9 صفحات يتضمن اقتراحات لتعديل الغرامات على المرتكب في المادتين 535 و536 عقوبات (وهما مادتان تتناولان أساسا استغلال القصر في مواد إباحية تنشر على وسائل الإعلام)، فضلا عن إضافة عبارات تجرّم أي تصوير لقاصر بواسطة تطبيقات السوشيل ميديا والإنترنت.

إضافة إلى ذلك، تقترح الجمعية إضافة 3 مواد، تتناول الأولى الحماية من الاستغلال الاقتصادي للأطفال عبر مواقع التواصل، أما الثانية فتنص على مضاعفة كل العقوبات التي تناولها القانون في ما يخص الاستغلال الجنسي في حال كان الضحية لم يتجاوز الـ15 سنة، وتُعنى الثالثة بمسؤولية الأهل والمعلمين عن أي استغلال يتعرض له الطفل.

رئيسة جمعية "النضال لأجل الإنسان" ريما صليبا أشارت لـ"النهار" إلى أن "مشروع القانون تقدمنا به عبر كتلة "اللقاء الديموقراطي" إلى المجلس النيابي، والأخير أرسله إلى الحكومة فأبدت ملاحظات إيجابية ورحبت به، ثم عرض على كل من لجنة التكنولوجيا والمعلومات ولجنة حقوق الإنسان ولجنة الإدارة والعدل، وجميعهم أبدوا إيجابية، ويبقى  أن نعرضه على لجنة المرأة والطفل لنسعى إلى إدراجه في جدول أعمال جلسة عامة ليتسنى إقراره".
وأضافت: "الأسبوع الماضي عرضناه على وزيرة التربية التي رحبت بدورها بالفكرة، وطلبنا منها كتابا رسميا يسمح لنا بدخول المدارس مع مكتب جرائم المعلوماتية لتوعية الأطفال على خطورة السوشيل ميديا لنكون بذلك أرسينا شراكة مجتمعية من أجل محاربة هذه الحوادث، كما سنسعى إلى التوعية في مختلف البلدات بالتعاون مع البلديات".

وعن أهمية القانون أجابت صليبا: "يا للأسف، الحوادث تتكرر، والكثير من الأهل غير متنبّهين لخطورة الأمر، بل إن بعضهم يشجع ولده على استخدام هذه المنصات للحصول على بعض المال، من دون التنبه للبث المباشر على التيك توك الذي له مردود مادي يعرض الأطفال لكل أنواع العنف والتنمر والضغط الذي لا تتحمله هذه المرحلة العمرية".