مبتكرون ولامعون من أجل مجتمع أفضل
"للطفل الحقّ في أن يُعبّر بحرية عن آرائه، وأن تُؤخذ هذه الآراء بعين الاعتبار في كل ما يتعلّق به". تنص شرعة حقوق الطفل على هذا الحق الأساسي، ما يجعل تمكين الأطفال والشباب من التعبير عن أفكارهم ليس مجرد عمل تطوعي أو مبادرة جميلة، بل واجباً إنسانياً وحقاً أصيلاً لهم.
في إطار برامج اليونيسف الداعمة للشباب، انطلقت مبادرات شبابية عدّة ضمن مسارات "جيل قادة الابتكار (GIL)" و"المجموعة الاستشارية الشبابية" والمنصة الوطنية للتطوع "نحن متطوعون/عات" لمشاركة الشباب وانخراطهم في المجتمع.
حنين جوهري: "لغتي... رحلة فرح وانتماء"
حين اشتدت الأزمات على لبنان بخيوطها الاقتصادية والاجتماعية، وجدت حنين أن التعليم يمكن أن يكون نوراً وسط الظلام. منذ عام 2019، أسّست حنين مبادرة "لغتي"، التي تهدف إلى تعليم الأطفال اللغة العربية بطريقة ممتعة وتفاعلية، مع التركيز على الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير بيئة تعليمية تشجع على التعبير الحر والإبداع.
لاحظت حنين أن طرق التعليم التقليدية لا تلائم احتياجات الأطفال في العصر الرقمي، وأن الأدوات التعليمية المتاحة في الأغلب تكون جامدة وغير محفزة، فابتكرت تطبيقاً يدمج ما بين الألعاب والفيديو والصوت، ويحوّل الحروف والكلمات إلى رحلة ممتعة وشيّقة، تجعل من التعلم تجربة شخصية محفزة ومليئة بالمرح.
مع مرور السنوات، وصلت منتجات "لغتي" إلى أكثر من 200 مدرسة في لبنان، مستخدمة من قبل آلاف الأطفال، بينهم أطفال يعانون من صعوبات تعلم أو توحد. المبادرة لم تقتصر على تعليم اللغة فحسب، بل ساعدت الأطفال على تطوير مهارات التفكير النقدي، والقدرة على التعبير عن الذات، وبناء الثقة بالنفس، وإيجاد مساحة يشعرون فيها بالانتماء والفرح.
حرصت حنين وفريقها على دمج الفنون والأنشطة الإبداعية في البرنامج، لتصبح كل حصة تعليمية فرصة لاكتشاف الذات، وتعزيز مهارات التواصل، وتشجيع الأطفال على المشاركة في المجتمع. تقول حنين: "هدفنا أن يشعر كل طفل أن لغته الجميلة ليست عبئًا، بل مساحة فرح وانتماء، وأن التعلم يمكن أن يكون مغامرة محببة".

روي أبي رعد: "بيتي بيتك... شباب ينطلقون من الميدان"
في الـ18 من عمره، وجد روي أبي رعد نفسه أمام واقع مليء بالتحديات. خلال أوج موجة النزوح من الجنوب التي تسببت بها الحرب الأخيرة، لاحظ روي مع مجموعة من أصدقائه الشباب الفراغَ الكبير في الميدان، في قضائي جبيل وكسروان، حيث كانت الأسر النازحة تبحث عن مأوى، والدعم الإنساني بحاجة إلى تنظيم سريع. من هذا الواقع المباشر، انطلقت فكرة "بيتي بيتك"، المبادرة التي أسسها روي وفريقه من شبان قادة في محيطه، وفي مناطق أخرى، لتقديم المساعدة بطريقة عمليّة وفعّالة.
بدأ روي ورفاقه بتوثيق الموارد المتاحة في الميدان: العائلات المستعدة لاستضافة النازحين، المدارس المفتوحة كملاجئ، وسائل النقل لنقل المحتاجين، والمرافق الطبية. أنشأوا قاعدة بيانات مرنة وسهلة الاستخدام، تُتيح متابعة احتياجات العائلات وتنسيق العمليات بسرعة، بينما كان روي نفسه يتواصل مع مديري المدارس والأشخاص الفاعلين والجمعيات المحلية لضمان وصول الدعم للجميع. لم يقتصر التواصل على الجهات الرسمية، بل شمل المستشفيات لتأمين العلاج والأدوية اللازمة للمرضى، مع التركيز على تقديم أنشطة ترفيهية وتعليمية للأطفال لتخفيف أثر النزوح عنهم.
خلال أيام، تمكّن الفريق من نقل مئات العائلات وتأمين احتياجاتهم الأساسية من طعام وفرش ودعم طبي، لتصبح المبادرة جسراً حقيقياً بين الحاجة والمساعدة. لم تكن "بيتي بيتك" مجرد عمل إنساني، بل تجربة تعليمية للشباب أنفسهم، حيث اكتسبوا مهارات تنظيمية وقيادية، وتعلّموا كيفية التعامل مع المواقف الطارئة وحل المشكلات على أرض الواقع. يقول روي: "لم نكن نملك الموارد، بل الإرادة فقط، وكانت كافية لتغيير الواقع".
روي هو عضو مشارك ونشيط في مجموعة يونيسف الاستشارية للشباب، التي تضم 65 شابًا وشابة من جميع أنحاء لبنان، للمشاركة في التخطيط للبرامج والمناصرة، والتي تعتبر من أكبر المجموعات الاستشارية الشبابية في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.

موهبة صغيرة تكسر الأرقام القياسية في السباحة
في عمر تسع سنوات فقط، يسطع نجم الطفل اللبناني محمد حسن علي الهادي شرف الدين على الصعيد الدولي في السباحة، ليبرهن أن الإرادة والموهبة قادرتان على صناعة المعجزات منذ الصغر. شارك محمد حسن أخيراً في البطولة السنوية للأندية العالمية التي أقيمت في العاصمة العمانية مسقط، يومي 7 و8 تشرين الثاني 2025، وحقق إنجازاً استثنائياً بتحطيمه لأربعة أرقام قياسية لبنانية معتمدة من الاتحاد اللبناني للسباحة.
بدأت رحلة محمد مع الماء منذ الخامسة من عمره، حين قررت والدته أن يتعلم السباحة ليكون آمناً، وليكتسب هذه المهارة الحيوية. تقول والدته: "في البداية كان الهدف أن يتعلّم السباحة، ثم سرعان ما اكتشفنا شغفه الكبير وموهبته الفطرية في هذا المجال". ومع التدريب المستمر، بدأ محمد يظهر قدراته الاستثنائية، حتى أنه شارك في أول بطولة له في قطر وهو بعمر ست سنوات، وفاز بالمركز الأول في فئته العمرية، مدهشاً الجميع بأدائه.
لم تكن رحلة محمد سهلة، فقد كان يتدرب ثلاث مرات أسبوعياً على السباحة. ومع اقتراب البطولات الكبرى أصبح التدريب خمس مرات أسبوعياً. والدته تضيف بحماس: "كنا نضحي بالكثير من راحتنا ووقتنا اليومي لمرافقة محمد، فهو يذهب للتدريب مباشرة بعد المدرسة، أحياناً من الثالثة وحتى الثامنة مساءً، مع الالتزام بالدراسة والحياة اليومية؛ وهذا ليس بالأمر الهين لطفل بعمره".

نبض