حقّ التعلّم للأطفال اللبنانيين... أين أصبحت جهود التطوير ووقف التسرّب؟

مجتمع 20-11-2025 | 09:52

حقّ التعلّم للأطفال اللبنانيين... أين أصبحت جهود التطوير ووقف التسرّب؟

في لبنان، حيث عشرات آلاف الأطفال خارج الكادر التعليمي، وصل الفاقد التعلّمي لدى بعض التلاميذ إلى خمس سنوات 
حقّ التعلّم للأطفال اللبنانيين... أين أصبحت جهود التطوير ووقف التسرّب؟
حقّ التعلّم - صورة تعبيرية. (النهار)
Smaller Bigger

"ليتني أحمل حقيبة جميلة، وادردش مع أصدقاءٍ، أضحك وألعب معهم... ليتني أملك حاسوباً أتعلم من خلاله مثل أطفال العالم... فلماذا لا أذهب إلى المدرسة؟ كيف نتعلّم؟ وهل الرحلة في الحافلة ممتعة...؟".

هي أسئلةٌ وأحلامٌ كثيرة، بسيطةٌ، بريئةٌ وعميقة في وجعها، يحلم بها أطفالٌ حُرموا من حقّهم الطبيعي في التعلّم، في وطنٍ أصبحت فيه الطفولة رهينة الأوضاع الإقتصادية والأمنية. 

 في لبنان، حيث عشرات آلاف الأطفال خارج الكادر التعليمي، وصل الفاقد التعلّمي لدى بعض التلاميذ إلى خمس سنوات وفق نتائج التقييم الوطني الذي أجرته وزارة التربية بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء عام 2025، وذلك مع اندلاع الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان واضطرار الوزارة إلى تحويل عدد من المدارس إلى مراكز إيواء لعدم وجود البديل.  

دعم البقاء في المدرسة
ومع تعمّق الأزمة التربوية وارتفاع نسب الانقطاع، تؤكّد مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية د. هيلدا خوري عبر "النهار" أن الوزارة وضعت هذا الملف في صدارة أولوياتها للبحث عن حلول عملية تحدّ من تأثير الأزمات على القطاع التربوي وتعويض الفاقد التعلمي.

وتشرح خوري أن الوزارة أطلقت التقييم الوطني لقياس الفاقد التعلمي في المدارس الرسمية، وشمل الصفوف من الأول إلى السادس الأساسي، إضافة إلى الصفوف التاسع والأول والثالث الثانوي، لتحديد الفجوات التعليمية. 

وتضيف: "عززت الوزارة سياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية عبر إجراءات وقائية وآليات تبليغ واضحة وتدريب للكوادر المدرسية، فضلاً عن دعم الجوانب الصحية والنفسية للمتعلمين، إذ تم تفعيل برنامج الصحة المدرسية بالتعاون مع وزارة الصحة العامة، والذي يوفر الكشف الطبي والمتابعة الصحية للمدارس الرسمية ويؤمن وجبات يومية لنحو 118 ألف تلميذ، وهو ما أثبت فعاليته في الحد من التسرب، خصوصاً لدى المتعلمين المعرضين لانعدام الأمن الغذائي".

 وتوضح المسؤولة في برنامج التعليم في اليونيسف ليزا كيم لـ"النهار" أن "المنظمة تدعم الوزارة عبر برامج دعم البقاء في المدرسة، لتحديد الأطفال المعرّضين للخطر وتسجيلهم في برامج تعليمية مناسبة بغية تزويدهم بالمهارات الأساسية في القراءة والكتابة، والحساب، والعلوم، مع دعم نفسي واجتماعي، خصوصاً بعد فترة الانقطاع الطويلة، فضلاً عن تدريب أكثر من 23,000 معلّم على دعم التعلم الأساسي، والمهارات الاجتماعية والنفسية للأطفال، بالإضافة إلى ترميم أكثر من 115 مدرسة رسمية في السنوات الثلاث الماضية وحدها، وتشييد خمس مدارس جديدة، وتركيب طاقات شمسية في نحو 272 مدرسة رسمية، لتحسين بيئة التعلم".

وتتابع: "في ظلّ الأزمة الاقتصادية، ساهمت اليونيسف بدعم التعليم الرسمي بفضل تمويل من الاتحاد الأوروبي ومن ألمانيا عبر بنك التنمية الألماني KfW ومن فرنسا من خلال الوكالة الفرنسية للتنمية (AfD) ومن سويسرا والمملكة المتحدة وهولندا وإيطاليا وفنلندا والنرويج ، بما في ذلك دعم صناديق المدارس وصناديق لجان الأهل، ما مكّن نحو 400 الف طفل من الاستمرار بالتعليم الرسمي سنوياً. وللأطفال غير الملتحقين بالمدرسة، توفّر برامج "دراسة" و"مكاني" تعليماً بديلاً ومهارات أساسية، إذ بات بإمكان هؤلاء الأطفال، وفق قرار مهمّ من الوزارة، الخضوع لاختبار تحديد المستوى، للإلتحاق مجدّداً بالنظام الرسمي، وهو أمر لم يكن ممكناً من قبل".

تطوير المناهج وتعزيز جودة التعليم
لا تطمح اليونيسف إلى الحدّ من التسرب المدرسي فقط، بل تهدف أيضاً إلى تحسين جودة التعلم من خلال تطوير المناهج التعليمية الرسمية وجعلها أكثر تركيزاً على الطالب، خصوصاً أن المناهج لم تحدّث منذ عام 1997.
إلى ذلك، تشدد كيم، على "ضرورة تحسين نظام الامتحانات ورقمنته لمتابعة تقدم الطلاب بدقة، وتعزيز القيادة المدرسية وتمكين المعلمين من تطبيق التعليم التفاعلي".

تلفت خوري، من جانبها، إلى أن "المركز التربوي للبحوث والإنماء انخرط في مسارٍ متواصل لتطوير البرامج التربوية بما ينسجم مع التطوّرات التربوية العالمية. وقد تُوِّج هذا المسار في  كانون الأول/ديسمبر 2022 بإقرار الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي. تلا هذا الإطار المرجعي إعدادُ أوراق سياسات مسانِدة أُنجزت بالتعاون مع خبراء من مختلف الاختصاصات، كما يعمل المركز التربوي حالياً على استكمال مصفوفة المدى والتتابع لكل المواد، كما تعمل الوزارة على بناء قدرات المعلمين المرتبطة بهذه المناهج الجديدة وبالكفايات التي تتضمّنها، وبصيغ مرِنة (حضوريّة، وعن بُعد) تراعي واقع الأزمة الاقتصادية وتخفّف أعباء التنقّل عن الكادر التعليمي".

إدخال التكنولوجيا إلى المدارس الرسمية
على صعيد التكنولوجيا، تكشف المسؤولة في برنامج التعليم في اليونيسف في حديثها إلى "النهار" أنه تم توصيل الإنترنت إلى أكثر من 500 مدرسة، وتزويد أكثر من 400 مدرسة بأجهزة كمبيوتر ولوحات إلكترونية، مع تدريب أكثر من 10 آلاف من المعلّمين على الاستخدام الفعّال للمنصّات الرقمية وأدوات التعليم الرقمي، لتقليص الفجوة الرقمية بين المدارس الرسمية و المدارس الخاصة.

ضمن هذا الإطار، تؤكّد خوري أن "هناك مشاريع قيد التنفيذ بالتعاون مع منظمة اليونيسف ومنظمات دولية أخرى، تهدف إلى استكمال التدريب على التحوّل الرقمي بالشراكة مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، وكذلك إلى استكمال تجهيز عدد أكبر من المدارس الرسمية بالمعدّات والتجهيزات الضرورية لدمج التكنولوجيا في التعليم"، موضحة:"أطلقت الوزارة الاستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي، والهدف منها ليس تأمين الأجهزة فقط، بل بناء كفايات رقمية للمعلمين والمتعلمين، وربط التكنولوجيا بالمناهج الجديدة لضمان أن يصبح التعلم أكثر فعالية وتفاعلية."

ورغم أن قطاع التعليم الرسمي يتطلب تحديثات كثيرة وحلولاً عاجلة، أعربت كيم عن أملها، قائلةً: "هناك تغييرات إيجابية، إذ بدأت الصورة النمطية عن أن المدارس الخاصة أفضل تتغيّر، كما يظهر النظام التعليمي الرسمي مؤشرات تحسّن واضحة، فقد خصصت الحكومة 11مليون دولار في 2024–2025، وتطمح إلى ضخّ 27 مليوناً إضافية في 2025–2026 لضمان استمرار التعليم"، مشيرةً إلى أهمّية عدم اعتماد الوزارة والحكومة فقط على التمويلات الخارجية والمساعدات.

وبين تحديات واقع التعليم الرسمي واحلام الأطفال في التعلم الكريم، يبقى تطوير التعليم الرسمي أملاً حياً يؤكّد التزام لبنان بشرعة حقوق الطفل ومنح كل طفل حقه في الوصول إلى تعليم أساسي مجّاني، دامج ونوعي، يطوّر شخصيته ومواهبه وقدراته بشكل كامل ويؤمّن مستقبل أفضل له وللبلاد.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/18/2025 10:10:00 PM
استهداف إسرائيلي في عين الحلوة... وعدد كبير من الضحايا.
سياسة 11/19/2025 1:59:00 PM
مصادر في المتحف توضح في اتصال مع "النهار" تفاصيل صنع التمثال
سياسة 11/19/2025 7:27:00 PM
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي:  تم تقديم بلاغات بشأن بعض الأهداف الموجودة داخل القرية خلال الأشهر الأخيرة عبر الآلية المخصصة لتنفيذ التفاهمات، لكنها لم تعالَج
مجتمع 11/18/2025 10:59:00 PM
أثناء استكمال المداهمة لمنزل شقيقه المطلوب حسين عباس جعفر، انفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة في بوابة المنزل...