بسام براك الحامل الكلمة
"فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ". بهذه العبارة ينطلق إنجيل يوحنا. وبسام براك آمن بالكلمة الحق، وهي يسوع المسيح. وتمسك بالكلمة والحرف يحافظ على لغة الضاد، ويدافع عنها، منعاً من "تخريبها" والإساءة إليها، إذ لا تستقيم الأمور بلغة "مكسرة".
هو الماروني العقيدة والإيمان، الأرثوذكسي (القويم والمستقيم الرأي) في الحياة واللغة. متشدد في كل عمل مهني. خلوق، دقيق. كان يحدثنا، نحن أصدقاءه، بالعربية الفصحى. وغالباً ما كنت أقول له "خفف عنك قليلا، فأحمالك كثيرة، ولم يكلفك أحد أن تحافظ وحدك على اللغة العربية". وما أقوله هو اقتناعي التام، ليس مع بسام فقط، إذ إنني أعير اللغة اهتماماً، ولكن في حده الأدنى، لأن تعقيدات اللغة تؤخر ولا تقدّم، والتقدم العلمي لا يقوم على قواعد لغوية بل علمية.
أعود إلى بسام. الأنيق في كل شيء. في حياته، في ملبسه، في إطلالاته، في كلماته، في اختياره أسماء أولاده، في التدريس الذي تشاركناه معاً في رحاب الجامعة الأنطونية في بعبدا، حيث كان يحاول حشرنا للمشاركة في مسابقة الإملاء التي شكلت محطة سنوية يترقبها الناس.

أنيقا كان في مرضه، لم تصدر شكواه من الألم والمعاناة، ولم يعتب على أحد لم يزره أو يسأل عنه. حاول باستمرار أن يبتسم، ابتسامة مصطنعة، من وجه شاحب، وألم قاهر. الاصطناع ليس كذباً هنا، بل عمل مفتعل، للبقاء قريباً من الآخرين.
عندما توفي الفنان زياد الرحباني، تحسس بسام وجع فيروز، تلك التي يعشقها. لا يمكنه الذهاب وحيداً لتقديم التعزية لها، لا يمكنه قيادة السيارة منفرداً، ولا الوقوف طويلاً في الصف، وأيضا لا يمكنه أن يغيب عن التعزية، اتصل بالصديق جورج صليبي، ليقصدا الكنيسة معاً. أمسكه جورج بيده ودخلا معاً. ربما يكون من القلائل الذين رفعت رأسها فيروز وسألته عن أحواله، وعن وضعه الصحي. كان عزاؤه أن فيروز بخير، صامدة كما أرز لبنان، وأنها عرفته رغم التبدل في مظهره الخارجي لشدة النحول والاصفرار.
بسام براك كان إعلامياً مهنياً، ومربياً، ومعلماً، وصديقاً، سيذكره الذين عرفوه بكل الخير.
نبض