مدبولي: مصر تنظر إلى لبنان كشريك اقتصادي محوري واستراتيجي
زار رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي على رأس وفد رفيع، يرافقه وزير الصناعة اللبناني جو عيسى الخوري اليوم الجمعة، غرفة بيروت وجبل لبنان، حيث عقد لقاءً اقتصادياً موسّعاً مع الهيئات الاقتصادية وممثلي القطاع الخاص اللبناني برئاسة الوزير السابق محمد شقير، تحت عنوان "آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر ولبنان".
وقال مدبولي: "مما لا شك فيه، أن وجودي في بيروت اليوم يحمل رسالة واضحة مفادها بأن مصر تنظر إلى لبنان ليس فقط كشريك سياسي، بل كشريك اقتصادي محوري واستراتيجي، وإننا نؤمن بأن العلاقات بين الدول تُبنى وتُصان عندما يكون للقطاع الخاص دور فاعل في صياغة مستقبلها".
وأشار إلى أن "لبنان يمر اليوم بمرحلة دقيقة، مليئة بالتحديات، لكنها في الوقت ذاته تحمل فرصاً حقيقية لإعادة البناء على أسس أكثر صلابة واستدامة"، لافتاً إلى أن "مصر التي خاضت خلال السنوات الماضية تجربة إصلاح اقتصادي شاملة، تدرك حجم التحديات التي يواجهها لبنان اليوم، وتؤمن بأن التعافي ممكن متى توافرت الإرادة والرؤية والشراكة الفاعلة بين الدولة والقطاع الخاص".
وفي هذا السياق، أشار مدبولي إلى "الحضور القوي والناجح للاستثمارات اللبنانية في مصر"، موضحاً أن "المستثمرين اللبنانيين شكلوا عبر عقود جزءاً فاعلاً ونشطاً من النسيج الاقتصادي المصري، وأسهموا بفاعلية في قطاعات حيوية مختلفة"، مؤكداً أن "هذه الاستثمارات تعد خير دليل على قدرة رأس المال اللبناني على الاندماج والمساهمة المباشرة في نموّ السوق المصرية".
وأوضح أن "تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر ولبنان لم يعد خياراً، بل ضرورة متبادلة"، مشيراً إلى أن "مصر تمتلك قاعدة صناعية واسعة، وخبرة متراكمة في مجالات البنية التحتية والطاقة والصناعات التحويلية، فيما يتمتع لبنان برأس مال بشري متميز، وقطاع خاص ديناميكي يساعده في القيام بدور محوري في التجارة والخدمات في المنطقة".

ولفت مدبولي إلى أن "حجم التبادل التجاري بين مصر ولبنان، رغم أنه في تنامٍ مستمر على مدار السنوات الأربع الأخيرة لِيتجاوزَ حاجز المليار دولار عام 2024، فإنه لا يزال دون مستوى الطموحات والإمكانيات المتاحة، مشيراً إلى "وجود فرصة حقيقية لزيادة حجم التبادل التجاري، من خلال إزالة العوائق الإجرائية أو عبر تشجيع الشراكات المباشرة بين الشركات المصرية واللبنانية، بما يحقق قيمة مضافة للطرفين".
وشدد في حديثه على أن "موضوع إعادة الإعمار في لبنان يكتسب أهمية خاصة في هذه المرحلة، ولا سيما في الجنوب اللبناني، حيث تَبرز حاجات ملحة في قطاعات البنية التحتية، والكهرباء، والمياه، والطرق، والاتصالات"، مؤكداً أن "الشركات المصرية، العامة والخاصة، تمتلك خبرات عملية واسعة في تنفيذ مشروعات كبرى في مختلف المجالات، وهي على أتم الاستعداد للدخول في شراكات حقيقية مع القطاع الخاص اللبناني للمساهمة الفعلية والملموسة في كافة المجهودات الوطنية للتنمية".
وقال مدبولي "إنّنا لا نتحدث عن تصدير خدمات أو منتجات فقط، بل عن شراكة طويلة الأمد، تقوم على نقل الخبرة، وتدريب الكوادر، والاستثمار المشترك، والاستفادة من التمويل العربي والدولي المتاح لمشروعات إعادة الإعمار والتنمية المستدامة. ونحن نولي أيضاً أهمية خاصة للتعاون في قطاع الطاقة، سواء عبر دعم مشروعات الكهرباء التقليدية أو من خلال التوسع في الطاقة الجديدة والمتجددة. إن مصر تمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال يمكن الاستفادة منها، بما يخفف الأعباء عن الدولة والمواطنين ويدعم الاستقرار الاقتصادي".
وأوضح أن "نجاح أيّ مسار اقتصادي يتطلب بيئة أعمال مستقرة، وإطاراً تنظيمياً واضحاً، وثقة متبادلة بين الدولة والقطاع الخاص"، مثمّناً "الدور الذي تقوم به الهيئات الاقتصادية اللبنانية في الدفاع عن مصالح القطاع الخاص، وفي الدفع نحو الإصلاحات التي تضمن استدامة الاقتصاد اللبناني".
وأكد مدبولي أن "الحكومة المصرية منفتحة على العمل مع رجال الأعمال والمستثمرين ومع الحكومة اللبنانية الشقيقة لتفعيل آليات تعاون عملية، سواء عبر لجان مشتركة أو منتديات أعمال، أو منصّات دائمة للتواصل بين المستثمرين، بما يضمن الانتقال من النيّات الحسنة إلى المشروعات الملموسة".
وجدد التأكيد أن بلاده "ستبقى إلى جانب لبنان، دولة وشعباً، في مسيرته نحو التعافي والاستقرار"، وقال: "نحن نؤمن بأن القطاع الخاص هو القاطرة الحقيقية للنموّ، وبأن التعاون المصري اللبناني، إذا ما أُحسن استثماره، قادر على أن يشكل نموذجاً ناجحاً للتكامل الاقتصادي العربي. ونتطلع إلى نقاشات مثمرة تترجم هذا اللقاء إلى خطوات عملية تعود بالنفع على البلدين والشعبين الشقيقين".
نبض