جعجع: تصرّفات بري تُعطّل عمل مجلس النواب
اعتبر رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أن "دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعيّة يوم الخميس المقبل لاستكمال ما تبقى من جدول أعمال الجلسة الماضية، والتي قاطعها أكثر من نصف النواب لعدم إدراجه على جدول أعمالها اقتراح القانون المعجّل المكرّر المتعلّق بقانون الانتخابات، تعد تخطياً واستخفافاً برأي هؤلاء الـنواب الـ65".
ولفت خلال استقباله وفداً من طلاب "القوّات اللبنانيّة" في جامعة الحكمة إلى أنّه "بالإضافة إلى ذلك، وفي ذاك الحين، كانت الحكومة قد أرسلت أيضاً مشروع قانون معجّل بالموضوع ذاته إلى المجلس، فلم يقم بري بتحويله إلى الهيئة العامة بل حوّله إلى اللجان، وكأنه مشروع قانون عادي في موضوع عادي وفي زمن عادي”.
وأضاف: "وحتى بعدما حوّله إلى اللجان وانقضاء مهلة الـ15 يوماً المنصوص عنها في النظام الداخلي للمجلس، لم يقم بري بما كان عليه القيام به، أي تحويل مشروع القانون إلى الهيئة العامة".
ورأى أن "تصرّفات بري تدل على أنّه لا يقيم وزناً لا للدستور ولا للنظام الداخلي لمجلس النواب ولا للنواب، واستطراداً لا يقيم وزناً للشعب اللبناني الذي اقترع لصالح هؤلاء النواب"، مشدّداً على أن "تصرّفات بري هذه تعطّل عمل مجلس النواب وتعطّل بالتالي نظامنا البرلماني وتعطّل أكثر وأكثر الديموقراطيّة في البلاد".
وكان قد استهل جعجع كملته بتهنئة الطلاب على انتصارهم في الانتخابات الطالبيّة في جامعتهم وقال لهم: "أنتم تقفون اليوم على عتبة مرحلة مفصلية من حياتكم، حيث يُفترض بكم، رويداً رويداً، أن تُحضّروا أنفسكم لتسلّم المسؤوليات وبناء مستقبلكم، تماماً كما فعلت الأجيال السابقة"، محمّلاً إيّاهم مسؤولية "تحويل الفرص التي تُمنح لهم إلى إنجازات مضاعفة لا إلى مكتسبات جامدة أو متراجعة".
متوجّهاً إلى الطلاب، شدّد جعجع على" ضرورة أن يطرح كلّ شاب وشابة سؤالاً أساسياً على أنفسهم: لماذا نحن موجودون في هذه الحياة؟ "، معتبراً أنّ "العقود الأخيرة شهدت تعرّض الشباب لموجات فكرية وثقافية سطحية ومضلِّلة، لا تمتّ بصلة إلى واقع الحياة ولا تساعد على بناء إنسانٍ متوازن، ما يفرض على الجيل الصاعد أن يحدّد بنفسه خياراته وأهدافه بعيدًا من الإملاءات والموضات العابرة".
وأوضح أنّ "الإنسان، في مسار حياته، يقف أمام خيارين لا ثالث لهما: إمّا أن يختار حياة عادية محصورة بالمسار المهني والعائلي، وهو خيار محترم وضروري لاستمرار المجتمع، وإمّا أن يختار أن يكون “ابن قضية”، أي أن يعيش من أجل معنى أسمى، وأن يساهم في صناعة التاريخ والمسار العام للأحداث"، لافتاً إلى أنّ "الأخلاق الحقيقية لا تقتصر على السلوك الفردي، بل تقوم أساساً على التزام قضية عامة والعمل من أجل توجيه المجتمع نحو مسار سليم".
وأشار جعجع إلى أنّ "المجتمعات لا تتقدّم عشوائياً، بل تحتاج إلى من يحدّد لها الاتجاه ويقودها نحو أهداف واضحة"، معتبراً أنّ أبناء القضايا هم الوقود الأساسي لهذه المسيرة".
ودعا "الطلاب إلى رفض الاكتفاء بالعيش البيولوجي الذي يقتصر على تلبية الحاجات اليومية"، وحثّهم على إعطاء حياتهم" بُعداً ومعنى أعمق"، لافتاً إلى أنّ "المجتمعات المرفّهة مادياً ليست بالضرورة مجتمعات سعيدة أو نابضة بالحياة، في حين أنّ الشعوب التي تحمل قضية تعيش حياة أكثر امتلاءً ومعنى".
وتوقّف جعجع عند البعد التاريخي للانتماء، مذكّراً بأنّ "كلّ فرد هو امتداد لسلسلة طويلة من الأجيال التي خاضت صراعات وتضحيات كبرى من أجل الحفاظ على الأرض والهوية".
وأردف: "الانقطاع عن هذا المسار التاريخي يُفرغ الإنسان من حجمه ودوره، فيما العيش المتصل بقضايا الآباء والأجداد وتضحياتهم يمنح الفرد جدّيته وعمقه". وسأل: "هل يحقّ لنا التخلّي عن هذا الإرث فقط بحثاً عن راحة أو فرصة أفضل في الخارج؟ مجيباً بأنّ الانتماء إلى القضية لا يسقط أينما وُجد الإنسان، في لبنان أو في بلاد الاغتراب، لكنّ الحاجة اليوم تفرض مزيدًا من الالتزام والعمل داخل الوطن".
وقال "أي مجتمع لا يمكن أن يستمرّ من دون ضمير حيّ"، مشدّداً على أنّ "القوّات اللبنانية تمثّل هذا الضمير عبر مسيرتها المتواصلة، جيلًا بعد جيل".
ورأى أنّ" الثقة الشعبية التي تُمنح لأي قوّة سياسية تشكّل مسؤولية مضاعفة، لا سبباً للاكتفاء بالاحتفال، بل حافزاً لتحمّل أعباء أكبر والعمل على مستوى أعلى من الجدية والالتزام".
ولفت إلى أنّ "النجاحات التي تحقّقها القوّات في مختلف الجامعات والنقابات ليست وليدة جهدٍ آنيّ أو ظرفٍ عابر، بل ثمرة مسيرة طويلة امتدّت لعقود، تخلّلتها تضحيات ومواجهات قاسية".
وشدّد على "ضرورة عدم الوقوع في وهم الانتصار السريع"، مؤكّداً أنّ "ما يصمد في التاريخ هو الصحيح، شرط وجود من يؤمن به ويدافع عنه بثبات."
وميّز جعجع بين" الجهد التنظيمي الآني وبين البُعد الاستراتيجي العميق"، معتبراً أنّ "قوّة القوّات اللبنانية تنبع من ثباتها إلى جانب الناس، ومن أدائها السياسي والنيابي والوزاري الذي بقي نظيفاً وفاعلاً وخالياً من شبهات الفساد، ما عزّز ثقة اللبنانيين بها".
وشدّد في ختام كلمته على أنّ "الفرح بالنجاح يجب أن يترافق دائماً مع وعيٍ عالٍ للمسؤولية"، داعياً الطلاب إلى "العمل لمصلحة جميع زملائهم من دون تمييز، وتقديم نموذجٍ في الالتزام والعدالة، بما يعكس مفهوم الدولة الحقيقي".
وحثّهم على "الاستعداد للاستحقاقات الوطنية المقبلة، لا بهدف زيادة الأرقام أو المكاسب، بل من أجل تعزيز التأثير في مسار الأحداث في لبنان، ودفعها في الاتجاه الذي ناضلت من أجله “القوّات اللبنانية” منذ عقود".
نبض