"زرع شجرة زيتون في ساحة الشهداء"... البابا لاوون: السلام أقوى من الحروب

سياسة 01-12-2025 | 16:31

"زرع شجرة زيتون في ساحة الشهداء"... البابا لاوون: السلام أقوى من الحروب

البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء يؤكد أن لبنان قادر على تحويل تنوّعه إلى قوّة سلام ووحدة.
"زرع شجرة زيتون في ساحة الشهداء"... البابا لاوون: السلام أقوى من الحروب
خيمة السلام (نبيل اسماعيل)
Smaller Bigger

في مشهد روحي استثنائي، تحوّلت ساحة الشهداء في قلب بيروت إلى منبر مفتوح للسلام والوحدة، حيث وقف البابا لاوون الرابع عشر وسط ممثلي الطوائف اللبنانية ليُعيد التذكير برسالة لبنان التاريخية كجسر بين الشرق والغرب، ويغرس شجرة زيتون رمزاً للأمل والمصالحة.

 

وفي خيمة صُمّمت رمزاً للحوار، تلاقى صوت الكنائس والمآذن في لحظة جامعة نادرة، حملت كلمات البابا ونداءات القادة الروحيين دعوة واضحة إلى المصالحة، ورفض الانقسام، وتثبيت الدور اللبناني في حماية العيش المشترك.

 

لقاء البابا حمل الكثير من الدلالات، وأبرز ما جاء في كلمته أن " لبنان أرض مباركة حملت صوت الله عبر الأجيال، وأن الحوار بين الأديان في الشرق ينبع من الإيمان والروابط الروحية".

 

ورأى أن وجود المآذن والكنائس جنباً إلى جنب دليل على قدرة اللبنانيين على العيش معاً رغم الأزمات. وشدد على أن الشرق الأوسط يحتاج إلى سلام عادل يحفظ كرامة الإنسان.

 

ودعا اللبنانيين ليكونوا بناة سلام يرفضون الخوف والانقسام. وختم بوضع لبنان والشرق تحت حماية مريم العذراء، لتفيض نعمة المصالحة والرجاء.


واحتضنت ساحة الشهداء في وسط بيروت اللقاء المسكوني والحوار بين الأديان الذي جمع البابا لاوون الرابع عشر برؤساء الطوائف في لبنان، وسط حضور ضمّ أكثر من 300 مدعوّ وشخصيات دينية وروحية.

 

وأقيمت المناسبة داخل “خيمة السلام” التي شُيّدت خصّيصاً لهذا الحدث، وتتوسّطها منصّة دائرية ترمز إلى العائلة الواحدة والوحدة بين اللبنانيين.

 

 

استهلّ اللقاء بكلمة ترحيبية لبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، تلتها تلاوة للإنجيل بحسب الطقس البيزنطي، ثم تلاوة آيات من القرآن الكريم لشيخ قراء القلمون الشيخ زياد الحاج.

 

وتضمّن البرنامج عرضاً وثائقياً عن العيش المشترك وشهادات حول الحوار بين الأديان.

 

يونان

وافتتح بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان، فذكّر "بما  قال البابا يوحنا بولس الثاني إن لبنان ليس مجرّد بلد وإنّما رسالة إلى منطقتنا والعالم أجمع".

ورأى أن "الزيارة اليوم من أجل بناء السلام والاستقرار في المنطقة، ولا سيما لبنان الصغير على الخريطة ولكن الكبير برسالته ودوره وفسيفسائه الإسلامي المسيحي".


 

 

تابع: "زيارتكم تتزامن مع محطتين أساسيتين في المسيحية: الذكرى الأولى للمجمّع المسكوني الذي عُقد في نيقيا حيث اجتمعتم بطوائف دينية أخرى، كنائسنا تنظّم الاجتماعات المسكونية لتحتفل بالقانون الذي نجتمع تحته جميعنا، أما المحطة الثانية فهي الدعوة إلى الحوار ما بين الأديان، هذه الدعوة التي أصدرها المجلس الفاتيكاني".

 

 

 

وبعد ترحيب البطريرك يوحنا العاشر اليازجي بالبابا لاوون الرابع عشر، شدّد مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان على أن المواطنة والعدالة والمساواة هي أساس الحقوق والواجبات في لبنان الذي يحمي حرياته الدينية بدستوره. وأكد أن الإسلام هو امتداد لمسيرة الإيمان بالله الواحد من آدم إلى عيسى ومحمد عليهم السلام، وهو دين يجمع ولا يفرّق. واستشهد بتجربة هجرة المسلمين إلى الحبشة وبوثيقة المدينة كنموذج للتعايش بين الأديان. ورحّب بالبابا باسم هذه القيم الروحية، متمنياً أن تحمل زيارته رسالة سلام للبشرية. وختم بالتأكيد أن لبنان سيبقى أرض الرسالة وحامل مشعل الأخوّة الإنسانية بين الشعوب.

 

الشيخ علي الخطيب

 

رحّب الشيخ علي الخطيب بالبابا لاوون الرابع عشر باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، معتبراً زيارته دعماً للبنان الجريح الذي يواجه تحديات خطيرة.

وأكد أن الإسلام يؤمن بالسيد المسيح ويحمل قيم الأخوّة الإنسانية، مستشهداً بقول النبي محمد والإمام علي عن المساواة بين البشر.

وشدد على أن التعايش والحوار بين أتباع الديانات هو الأساس، وأن الحروب باسم الدين لا تعبّر عن جوهره. وأوضح أن اللبنانيين اضطرّوا للدفاع عن أنفسهم في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

وختم بالدعوة إلى دعم دولي يساعد لبنان على تجاوز أزماته وفي مقدمتها العدوان الإسرائيلي.

 

أفرام الثاني

ورحّب البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بالبابا لاوون الرابع عشر في لبنان، “أرض القداسة وقلب الله”، مؤكداً أن مسيحيي المشرق صمدوا في الشهادة للمسيح رغم الاضطهادات والحروب. أشار إلى أن المنطقة تعيش مرحلة حساسة تتطلب سلاماً مبنيّاً على العدالة وحفظ كرامة الإنسان وحقوقه. وشدد على أن المسيحيين والمسلمين عاشوا معاً قروناً في اختبار يومي للعيش الواحد والحوار الحقيقي. وقال إن لبنان أثبت أن الإنسان لا يكتمل إلا بأخيه في مواجهة الانقسام والتعصّب. وختم بالدعوة إلى أن تكون زيارة البابا إشراقة رجاء وسلام لمشرق معذَّب.

 

آرام الأول

وقال الكاثوليكوس آرام الأول إن لبنان هو بلد تتجلى فيه التنوّعات في كل جوانب الحياة، لكنها تنوّعات محفوظة في إطار الوحدة الوطنية والسيادة والاستقلال. واعتبر أن حضور البابا تعبير قوي عن تضامن الفاتيكان مع لبنان، حيث يشكّل العيش الإسلامي-المسيحي حجر الأساس والميزة الفريدة لهذه البلاد. وأضاف أن لبنان، بوحدته في التنوّع، هو جسر بين الشرق والغرب. وأكد أن التحدي الأكبر هو كيف نحافظ على هذا التنوع والتعايش ونترجمه إلى وحدة وطنية حقيقية. وختم بأن زيارة البابا تجدّد دعم الفاتيكان الدائم للبنان.

 

البطريرك إغناطيوس

 

ورحّب بطريرك أنطاكية للسريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان بالبابا لاوون الرابع عشر في بيروت، المدينة التي ما زالت تلتئم جراحها بعد انفجار المرفأ. وأكد أن زيارة البابا تأتي بصفته أباً للكنيسة الكاثوليكية وأخاً في الإنسانية حاملاً رسالة السلام. وقال إن لبنان، رغم صغره، بلد استثنائي برسالته الديموقراطية وتنوّعه الديني والثقافي. وأشار إلى أن الزيارة تتزامن مع ذكرى مجمع نيقية الأول ومع مرور ستين عاماً على إعلان “نوسترا إيتاتي” الداعي للحوار بين الأديان. وختم بالدعاء أن تسهم الزيارة في ترسيخ الاستقرار والسلام في لبنان والمنطقة.

 

الشيخ أبي المنى

وأكد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى أن لبنان لا يُبنى إلا على قاعدة أخلاقية ذهبية  ثابتة تقضي بأن تحافظ كل عائلة روحية على شريكتها في الوطن، مطلقاً النداء: "ليكون صوت السلام أقوى من أصوات الحروب".

 

الشيخ علي قدور


وختاماً، تحدث رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور، فقال: "يشرّفنا أن نعبّر بغاية السرور والمحبّة عن تقديرنا العميق لقداسة الحبر الأعظم وأن نرفع إلى قداسته أسمى آيات الترحيب والتقدير بمناسبة زيارته للبنان، هذا البلد الذي شاءت حكمة الله أن يكون ملتقى الأديان وواحة للحوار وجسراً بين الشرق والغرب".
واعتبر أن "زيارة البابا لاوون رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعاً بأن لبنان ما زال قادراً على النهوض واستعادة دوره".
أضاف: "إن حضور قداستكم ليس حدثاً بروتوكولياً بل رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعاً ورسالة تأكيد أن لبنان رغم ما يمر به من محن ما زال قادراً على النهوض برسالته".

 

البابا لاوون

وقف البابا لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء مؤكّدًا أنّ لبنان أرض مباركة رسّخ الأنبياء قدسيّتها، وأنّ صوت كلمة الله لم ينطفئ فيها يوماً.

 

وشدّد على أنّ الحوار بين الأديان في الشرق الأوسط ينبع من الإيمان والروابط الروحية والتاريخية، لا من مصالح سياسية. وقال إن وجود المآذن والكنائس جنباً إلى جنب هو شهادة على وحدة شعب لبنان وإخلاصه للإله الواحد. ورأى أن الشرق الأوسط يحتاج اليوم إلى سلام عادل يحفظ كرامة الإنسان وحريته، وأن لبنان يذكّر العالم بأن الخوف والانقسام ليسا قدراً.

 

واستعاد وثيقة “في عصرنا” ومرحلة الحوار المستوحى من المحبّة الإلهية الرافضة للتمييز. وأشار إلى زيارة يسوع لنواحي صور وصيدا كعلامة على محبّة تتخطّى الحدود.

وأكد أن شجرة الزيتون رمز دائم للمصالحة والسلام، مثل اللبنانيين المنتشرين في العالم حاملين تراثهم وإيمانهم. ودعا اللبنانيين ليكونوا بناة سلام وصوتاً للوحدة. وختم بوضع لبنان تحت حماية العذراء مريم كي تفيض نعمة المصالحة والرجاء في لبنان والشرق.

 

وفي ختام اللقاء غرس البابا لاوون شجرة زيتون عسى أن يحلّ السلام في بلد السلام.

هدايا رمزية

 

وشهدت خيمة اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء تحضير هدايا رمزية وُضعت على المقاعد المخصّصة للمدعوّين إلى لقاء البابا لاوون الرابع عشر بعد ظهر اليوم.





وتضمّنت الهدايا نسخة من الإنجيل، وأخرى من القرآن الكريم، والعهد الجديد، إضافة إلى كوب تذكاري يحمل علمَي الفاتيكان ولبنان، في رسالة واضحة إلى قيم الوحدة والإيمان المشترك واحترام التنوّع الديني.

 

 

 

 

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

كتاب النهار 12/1/2025 9:21:00 AM
زيارة البابا يفترض أن تكون مناسبة للمصالحة، وكان ممكناً تخطي البروتوكول فيها، إذ يحق لصاحب الدعوة، كما للشاعر، ما لا يحقّ لغيره. 
لبنان 11/26/2025 5:22:00 AM
كل ما يجب معرفته عن زيارة الحبر الأعظم الأحد
لبنان 11/30/2025 7:25:00 AM
 البابا لاوون الرابع عشر في لبنان "وطن الرسالة"، في أجواء مشحونة بالتحديات ومفعمة بترقب خاص
سياسة 11/30/2025 5:48:00 PM
نبيه بري يهدي البابا لاوون الرابع عشر كتابا عن حضور المسيح في لبنان خلال لقائهما في بعبدا