إن كان الملف الأمني يطغى على أجندات مختلف الأفرقاء وانتظار ما سيحدث قبل نهاية السنة، فإن الانتخابات النيابية والبناء على ما سترسمه من نتائج تبقى محل متابعة عند العواصم المعنيّة ولا سيما "المجموعة الخماسية".

تشكل واشنطن أول الأطراف الدولية التي تواكب حركة انتخابات الصيف المقبل واستعدادات الكتل والأحزاب والمستقلين لخوض هذا الاستحقاق. وفي جلسة ضيقة نُقل عن ديبلوماسي أميركي من المتابعين عن كثب لمسار العملية السياسية في البلد أن إدارته لا تؤيد التمديد لمجلس النواب وأن من الأسلم أن تجرى في موعدها في أيار المقبل. وإن كانت ثمة مسائل ضاغطة لا يجب أن تستمر الدورة الحالية ولا مانع من التمديد لها لمدة لا تتجاوز الأشهر الثلاثة للإفساح أمام المغتربين في عطلة الصيف للمجيء إلى لبنان وممارسة حقهم في الاقتراع على أساس أن المعطيات لا تشير إلى أن الرئيس نبيه بري سيتراجع عن رفضه لتعديل قانون الانتخاب والسير بمشروع اقتراح الحكومة مهما تلقى من ضغوط وهو يتسلح بالصلاحيات الممنوحة له وفقاً للنظام الداخلي في المجلس وإن كان ثمة من يخالفه هذا التفسير أي بمعنى أنه بعد تلقيه اقتراح الحكومة أن يعمد إلى تلاوته ومناقشته في جلسة عامة من دون المرور بأيّ لجنة.

ويُنقَل عن الديبلوماسي الاميركي أنه يعرف انقسامات القوى اللبنانية جيداً وحسابات كل فريق حيال العدد الذي سيحصّله في استحقاق يستعد له الجميع. وعندما يرفض التمديد للمجلس بناءً على معطيات وزارة الخارجية الاميركية ينطق بجملة معبّرة موجهة للبنانيين ويقول "يجب الانقطاع عن ممارسات الماضي" في رسالة موجهة لكل من يعنيه الأمر.

ولا يتراجع الديبلوماسي الأميركي عن الإشارة إلى ضرورة إتمام الانتخابات في موعدها مع معرفته بترجيح أن ثنائي "أمل" و"حزب الله" سيحافظ على مقاعده الشيعية الـ27. ولم تأت هذه الخلاصة من فراغ بل جاءت نتيجة قراءة وقائع على الأرض من خلال دراسات إحصائية أجريت على عينات شيعية في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع أعدّتها شركات من اتجاهات مختلفة أظهرت استمرار تأييد الشرائح الكبرى من هذه البيئة لـ"الثنائي" وترجمته في صناديق الاقتراع.

ويظهر الديبلوماسي الأميركي أن بلاده تعاين باهتمام شديد ما سيسبق الانتخابات من تحضيرات وتعبئة للقواعد ولا تكترث لمسار الكباش المفتوح بين الأفرقاء حيال تصويت المغتربين سواء جرى في أماكن انتشارهم أو إذا حضروا إلى دوائر قيودهم الانتخابية "لأن المهم إجراء الانتخابات وعدم تأخير إتمامها" مع معرفته أن نواباً من جهات عدة من "تغييريين" أو أعضاء في كتل يتمنّون حصول التمديد على عكس تصريحاتهم وتواقيعهم على عرائض.

ولا شك في أن واشنطن ترغب في وصول العدد الأكبر من النواب الذين يتلاقون مع سياساتها ومشروعها في لبنان والمنطقة، لكنها تدرك وفقاً لبراغماتية إدارة الرئيس دونالد ترامب أنها تستطيع التعاون مع كل الأطراف وأنها قادرة بحكم موقعها وتأثيرها على مسار الأحداث في المنطقة وخصوصاً في آخر سنتين القدرة على التأقلم مع مختلف الأطراف وأن خريطة مجلس النواب المقبل لن تكون بعيدة من تأثير واشنطن ولو أن ثمة حسابات مختلفة لدى حلقة البيت الأبيض والكونغرس وأن كل ما يجري القيام به هو توظيف علاقات مع مجموعة من النواب يتصدّون لسياسات "حزب الله" ومشروع إيران في المنطقة.