مع بدء مهمّة سفير الولايات المتحدة الأميركية في لبنان ميشال عيسى، يسود أروقةً لبنانيةً - أميركية ارتياح إلى قدرته على إحداث متغيرات، لمعرفته بالأوضاع الداخلية، من دون إغفال "نوستالجيا" ماضي ترعرعه في موطنه اللبنانيّ، ما سيمنحه قوّة وقدرة تلقائية على متابعة الملفات اللبنانية ويساعده في وضع "أحجار الشطرنج الديبلوماسية" بما يتناسب مع الأهداف الأكثر أهميّة.

ينتهج عيسى أسلوباً ديبلوماسيّاً رصيناً ومتفائلاً، مع حضّه على إنهاء الفوضى وقيام الدولة اللبنانية.
عندما التقاه ناشطون من القوى اللبنانية - الأميركية في الاستقبال الذي أقامته السفارة اللبنانية في واشنطن قبل انتقاله إلى لبنان، كانت مناسبة تعرَفوا فيها أكثر إلى سفير الولايات المتّحدة المعيّن والأولوية الأكثر إلحاحاً في مستوى الملفات اللبنانية. 

من البديهي أن يطبّق عيسى أجندة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب، ويتّبع مضمون سياسة الإدارة الأميركية المنتهجة في منطقة الشرق الأوسط. 

سلام وعيسى. (نبيل إسماعيل)

وبحسب معطيات لـ"النهار" مستقاة من أجواء مَن جالسه في السفارة اللبنانية في واشنطن، سيحرص عيسى على متابعة تنفيذ الدولة اللبنانية قرار حصر السلاح الصادر في آب 2025. وسيعنى بالبحث عن إيجاد مخارج للأزمات اللبنانية وإنهاء الأوضاع غير المستقرّة في الجنوب، ويبحث عن توطيد مبادئ السلام والبحبوحة والازدهار في لبنان. وينظر عيسى من زاوية وزارة الخارجية الأميركية والإدارة الأميركية إلى "حزب الله"، على أنّه حزبٌ يتلقّى أوامره من إيران ولا يساعد في إعادة قيام الدولة اللبنانية، والأولوية لنزع سلاحه وأن يتحوّل حزباً سياسياً بحتاً داخل الدولة اللبنانية.

من منحى مراقب لبنانيّ - أميركيّ، يتّضح أنّ عيسى يتمتّع بميزة تمنحه أفضلية في متابعة الملفات اللبنانية، لأنّه مواطن أميركيّ من أصل لبنانيّ، سبق أن عاش في لبنان ويتقن اللغة العربية ويجيد التواصل بسهولة مع اللبنانيين. وهو صديق للرئيس ترامب وعيّن بعد تشاورهما، وسيحرص على تنفيذ سياسات العاصمة الأميركية واشنطن، مع درايته بالأوضاع اللبنانية وتحبيذه مساعدة لبنان. وتطمح قوى ناشطة لبنانية - أميركية إلى التنسيق مع سفير الولايات المتحدة الجديد، وتتطلّع إلى دعم قراراته. ولا ترجيح على مستوى مراقب لبنانيّ - أميركيّ، لحصول الدولة اللبنانية على مساعدات وازنة قبل تنفيذ قرار حصر السلاح، ولكن سيبقى دعم الولايات المتحدة للجيش اللبنانيّ قائما حتى تحقيق أهداف، في طليعتها حصر السلاح، أو سيترك المجال لإسرائيل إذا لم يستطع لبنان التنفيذ.

تبقى الكلمة التي ألقاها عيسى خلال استقبال السفارة اللبنانية في واشنطن، الأكثر تعبيراً عن ميزة تعيينه سفيراً للولايات المتحدة في لبنان، حين قال: "هذه ليست مجرّد مهمّة مهنيّة، بل هي رحلة شخصيّة، فقد ولدتُ في بيروت ولبنان لم يُغادر قلبي أبداً". 

في المحصلة، وصل عيسى إلى بيروت هادفاً إلى إنهاء الوضع المتشرذم، هو الذي أكّد حرصاً على لبنان وإعادة النهوض بدولته.