الحكومة تماشي الأكثرية في قانون الانتخاب... هل يُنشر في الجريدة الرسمية أو يبقى في "المقبرة"؟
لم يكن أكثر المتفائلين من خصوم الثنائي يتوقعون أن يصوّت مجلس الوزراء على مشروع قانون معجّل بالصيغة التي صدر فيها بعد جلسة الحكومية يوم الخميس الفائت. فما سرّب قبل ساعات من الجلسة كان يشي بأن اتفاقاً تم بين مكونات الحكومة على صيغة تناسب القوى كافة، وذهب نواب من تكتل "الجمهورية القوية" إلى التعامل مع نتائج الجلسة قبل انعقادها على قاعدة أن "ما سيجري هو جريمة في حق المغتربين لأن الاتفاق قد حرمهم حقهم في التصويت". والأمر عينه كرره نواب من التغييريين وآخرون في كتل سبق أن وقّعت العريضة النيابية التي رفعت إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري لإدراج اقتراح قانون معجل مكرر لتعديل قانون الانتخاب النافذ.
ولكن هل رئيس المجلس ملزم إدراج مشروع القانون في جدول أعمال الجلسة التشريعية؟ ليس في النظام الداخلي ما يلزمه ذلك بعدما أعطاه النظام الداخلي لمجلس النواب سلطة استنسابية، إذ جاء في النص: "لرئيس المجلس أن يدرج (...)"، وبالتالي ستبقى الأمور على حالها بحسب ما يعتقد مقربون من "الثنائي".
في المقابل، ثمة اعتقاد مغاير مفاده أن على رئيس المجلس إدراج مشروع القانون في جدول أعمال الجلسة التشريعية، وبالتالي مناقشته وإقراره ما دام يحظى بالأكثرية.

خلال جلسة الحكومة الأخيرة، ولعدم احتدام النقاش في بداية مناقشة جدول الأعمال، ارتأى رئيس الجمهورية جوزف عون تأخير مناقشة بند الانتخابات إلى حين الانتهاء من إقرار جدول الأعمال، إفساحاً في المجال للتوافق على صيغة ترضي جميع الأطراف، وهو ما ظهّره وزير الإعلام بول مرقص من خلال محاولة إقرار صيغة توافقية، وبعد تعذر ذلك عاد مرقص وصوّت على تعليق العمل بمواد في قانون الانتخاب النافذ.
وعملاً بمبدأ الأكثرية والأقلية، تم التصويت على مشروع القانون المعجل من دون الأخذ في الاعتبار أن مكوّنا أساسياً رفض التعديل، ولكن طريقة تعامل الحكومة الحالية مع الطائفة الشيعية باتت من منطلق "ضرورة القبول بما يعرض عليكم، لأن الأوضاع تغيرت ونقطة على السطر".
وتاليا، تنتظر القوى المعارضة لـ"أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" أن تقرأ في الجريدة الرسمية في وقت ليس ببعيد ما صدر في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2021، وجاء فيه حينها: "يعلق العمل، استثنائيا ولمرة واحدة، بالمواد 84 و112 والفقرة الأولى من المادة 118 و121 و122 من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب رقم 44 تاريخ 17/6/2017، وذلك لدورة الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في ربيع العام 2026 حصرا. على أن تعود المواد المذكورة أعلاه إلى السريان في الدورات التي تلي".
ولكن في مرسوم إحالة مشروع القانون لتعليق العمل بالمواد 112 و121 و122 والفقرة الأولى من المادة 118 من القانون 44 الصادر عام 2017، وهي المواد المتعلقة بالمقاعد الستة المخصصة للمغتربين، نص المشروع على تعديل مهل تسجيل المغتربين الراغبين في الاقتراع في الخارج كي لا تتجاوز 31 كانون الأول /ديسمبر 2025، بينما المهلة المعمول بها حالياً هي 20 من الشهر الحالي.
كذلك تضمن مشروع القانون تعديل المادة 84 (إلغاء البطاقة الممغنطة واعتماد مراكز اقتراع كبرى، بما يسمح للناخبين بالاقتراع خارج دوائرهم الانتخابية)، أي إقامة الـMega center وفقاً لمبدأ التسجيل.
لكن وزير الإعلام أشار حين تلا مقررات الحكومة إلى أنه "(...) تم تعليل هذا الأمر بأنه تعديل وتعليق بصورة استثنائية"، بحيث أنه يأتي فقط حتى انتهاء اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجان النيابية المشتركة من درس الاقتراحات المعروضة عليها وبتها في مجلس النواب.
أما مصير مشروع القانون فسيكون مبهماً وليس مضمون الإقرار في مجلس النواب، ما دام الرئيس بري يعارض التعديل، وقد أعلن ذلك مراراً وتكراراً، وسيكون مشروع القانون أمام اللجنة النيابية المنبثقة من اللجان المشتركة والتي يفترض أن تدرس اقتراحات القوانين التي وصلتها، وهي 9 اقتراحات، وبالتالي سيكون مشروع الحكومة محط بحث في اللجنة وسط تخوف من تكرار معادلة "اللجان مقبرة القوانين".
أما في حال تعذر إقرار مشروع القانون الذي أحالته الحكومة على المجلس، فإن الانتخابات ستجرى وفق القانون النافذ.
نبض