بندان خلافيان لم يفجرا جلسة مجلس الوزراء: تلزيم البلوك 8 وترسيم الحدود مع قبرص
أكثر من بند سجالي تضمنه جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء في بعبدا، كالبندين 12 و22 المتعلقين بتلزيم البلوك البحري رقم 8، واتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص، فضلاً عن البند 14 الذي يتعلق بنظام كتاب العدل، وهو ما يفتح الجدل في شأن التعميم الذي أصدره وزير العدل لجهة تحقق كتاب العدل من عدم ورود أصحاب المعاملات في لائحة العقوبات الأميركية.
لم يسجل لبنان أي تقدم في التنقيب عن الغاز والنفط في البلوك رقم 9 بعد توقف الأعمال التي كانت تجريها "توتال" قبل أكثر من عامين، وانتظار بيروت 18 شهراً لتسلم التقرير الفني للحفر في البئر الاستكشافية الأولى، ما يعني عدم وضوح "مستقبل لبنان النفطي".
لكن الخلاف في مجلس الوزراء تركز على منح اتفاقية الاستكشاف والإنتاج في البلوك 8 خلافا لما قرره مجلس الوزراء في كانون الثاني/يناير 2024، وتنص الاتفاقية على منح الشركة مهلة 3 سنوات بعدما كانت عاماً واحداً للمسح الزلزالي، ما يعني تأخير حصول لبنان على النتائج لعامين على الأقل، في حين عمدت الوزارة إلى "طرد" شركة TGS من المياه اللبنانية بعدما كان مقرراً أن تباشر المسح الزلزالي الثلاثي الأبعاد للبلوك 8 إثر استحوذها عام 2019 على شركة spectrum واندماجها عام 2023 مع شركة PGS لتصبح الشركة التي أنجزت المسوحات الزلزالية السابقة.
وركز اعتراض الوزراء على من سيتحكم في الملكية وحق تسويق بيانات المسح، وهل تضمن الاتفاقية صراحةً ملكية الدولة وحقها في تسويق البيانات؟
وسأل أحد الوزراء وزير الطاقة جو الصدي هل مارست شركة "توتال" الضغوط على الوزارة وعلى هيئة قطاع البترول (بعد استقالة 3 من أعضائها الستة)، لطرد سفينة المسح التابعة لشركة TGS، ما أدى الى وقف المسح فورا؟
واستطرد أحد الوزراء: "إذا لم يكن هناك ضغوط فلمَ طرد الشركة والقبول بالابتزاز؟"
وسئل الصدي: "لماذا لم تخبر رئيس الجمهورية بالضغوط، علماً أنك أكدت أن الأمور طيبة عندما سألك فخامة الرئيس عن الأمر، فيما قمت بطرد السفينة في الثالث من الشهر الحالي؟"
وقبل أن يجيب وزير الطاقة، أردف الوزراء المعترضون على تلزيم البلوك رقم 8 بسؤال عن "تقييم المخاطر الجيوسياسية لترك مسوحات البلوك 8 من دون بيانات مستقلة. وهل تمت استشارة فرنسا وقطر ومرجعيات ديبلوماسية قبل هذه الخطوة؟ وماذا عن الضمانات لحماية لبنان إذا قرّرت "توتال" لاحقا حجب بيانات أو تضييع سنوات إضافية سدًى من دون قرار مبكر بالتنقيب؟"
وخلصت المطالعة المطولة للوزراء المعترضين على "إمكان ضياع حقوق لبنان النفطية"، إلى أسئلة عدة لوزير الطاقة، منها: "لماذا لم تعرض شروط التفاوض ومسار التفاوض على هيئة إدارة قطاع البترول (LPA) كتابيا للنقاش قبل جلسة الحكومة؟ وهل هناك بنود سرية أو استثنائية في العرض تسمح بتغييرات لاحقة من دون موافقة الحكومة؟ هذه البنود في مطلق الأحوال يجب عرضها أمام مجلس الوزراء".

أما في شأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، فكان الاعتراض على اعتماد المحددات الراهنة التي تؤدي إلى خسارة لبنان مساحات واسعة من منطقته الاقتصادية الخالصة بما يكرس ما كان قد جرى عام 2007 وأدى إلى خسارة لبنان في ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعد اعتماد خط وسطي غير عادل له، وإن بعض أعضاء اللجنة التي رسمت الحدود مع قبرص كانوا يعترضون على اعتماد المعطيات التي أقرتها الحكومة عام 2007، فيما عادوا ليرضوا بها في الترسيم مع قبرص.
وخلال نقاش بند الاتفاقية مع قبرص، كان سؤال عن خط الوسط المعتمد لأنه "يمثل تنازلاً عن الحقوق اللبنانية ويخالف جوهريا توصيات اللجنة الوزارية السابقة التي كان يرأسها وزير الاشغال آنذاك علي حميه، وكان الاقتراح خلال الجلسة باعتماد خط للحدود البحرية يلبي الحقوق اللبنانية على قاعدة الإنصاف، والاعتماد على القواعد القانونية المناسبة".
وبرز التساؤل عن "المنهجية المعتمدة لاعتماد خط الوسط وتجاهل قاعدة الاجتهاد الدولي الحالية التي تعتمد المنهجية الثلاثية"، وعن "الأسس القانونية المتبعة لاختيار خط الشاطئ ومسافة 200 ميل بحري بما يخالف القواعد القانونية المعتمدة، بما يؤدي إلى خسارة لبنان مساحة بحرية تراوح بين 2600 و5000 كيلومتر مربع، الأمر الذي يستدعي استشارة أكثر من جهة قانونية وعدم الركون إلى رأي قانوني واحد في مسألة وطنية وسيادية بامتياز".
لكن الحكومة وافقت في النهاية على اتفاقية الترسيم، وستحال على مجلس النواب.
أما بالنسبة إلى البند المتعلق بطلب وزارة العدل، فقد تم تأجيله لارتباط الوزير بموعد مسبق ومغادرته الجلسة، علما أن الاعتراض المبدئي كان على تعميم وزير العدل عادل نصار بإلزام كتاب العدل التحقق من طالبي تنظيم المعاملات وما إذا كانوا من المعاقبين أميركيا، وكذلك ضرورة التحقق من مصدر أموالهم في معاملات البيع والشراء، وهو ما يخرج عن الصلاحيات والإمكانات المتاحة لدى كتاب العدل، فضلاً عن مخالفة التعميم الأصول القانونية والمبادىء الدستورية سواء لجهة الشكل الذي صدر فيه أو لجهة الصلاحيات المعطاة للمدير العام لوزارة العدل.
نبض