جدل حول سكن الطلاب في المدينة الجامعية - الحدت: عكاريون يشكون تدخّل "الثنائي" في حرمانهم الإقامة
لا يختلف واقع الجامعة اللبنانية عن المشهد السياسي في البلاد، إذ تسود المنافسات و"الحساسية" بين الأحزاب التي تتسابق لفرض نفوذها عبر الهيئات الطالبية المنتخبة، والموزّعة منذ عام 2008 بين "حزب الله" وحركة "أمل" في الفروع الأولى والرابعة والخامسة، وبين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" في الفروع الثانية.
ولطالما كانت المعارك في مجمّع الحدت الذي يضم نحو 65 ألف طالب، الأشدّ احتداماً، إذ يتردّد بين الطلّاب كلام على منافسات حادّة ومشكلات متكرّرة بين طرفي "الثنائي"، ومحسوبيّات جعلت "ناس بسمنة وناس بزيت". ويشكو طلّاب من عكّار "تدخّلات" تحول دون إقامتهم في السكن الجامعي، فيما تُمنح الغرف، بحسب قولهم، لطلاب "الثنائي الشيعي" بحكم سيطرتهم على الحرم.
في هذا السياق، يقول أحد الطلّاب إنّ مسألة السكن الجامعي تثير الجدل في كل عام، إذ لا يتوافر عددٌ كافٍ من الغرف لاستيعاب جميع الطلبات، "لكن من يمون على الحركة يمكن أن "تُزبّط له الأمور"، وفق تعبيره.

في المقابل، يكشف طالبٌ آخر أنّ "المحسوبيّات كانت أكثر في السابق، لكنّها اليوم أقلّ نسبياً"، مشيراً إلى وجود طلّاب من الضاحية يقيمون في السكن الجامعي.، اي على مقربة من منازلهم التي لا تبعد سوى مئات الأمتار.
اتّصلت "النهار" بإحدى الموظّفات في إدارة السكن الجامعي للاستفسار عن الموضوع ومعرفة المعايير المعتمدة لقبول الطلبات، وبعدما بدت الموظّفة متعاونة في البداية، أغلقت الخطّ فور طرح السؤال، مكتفية بالقول: "لا أستطيع التعليق".
ينفي رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران، في حديث لـ"النهار"، أيّ علاقة للسياسة أو الثنائي الشيعي بتوزيع غرف السكن، مشدداً على أنّ "هذا الكلام غير مقبول على الإطلاق، ولا معنى له"، وموضحاً أن الأولوية في السكن تُعطى للكليات الموحّدة مثل الطب العام وطب الأسنان والصيدلة، التي لا فروع لها خارج مجمّع الحدت، ولكليات الهندسة والفنون والصحة وإدارة الأعمال التي لديها امتحانات دخول".
ويشير إلى أنّ "ثمة استثناءات في بعض الحالات الاجتماعية أو الإنسانية، فمن تضرّر منزله نتيجة القصف الإسرائيلي مثلاً، يُقدّم ورقةً تُثبت ذلك، ويؤمّن له سكن في الحدت قرب كليته"، مضيفاً: "حتى من عكّار استثنينا بعض الحالات وأمّنا لها سكناً، لكن عندما تمتلئ الأماكن، ماذا يمكن أن نفعل؟".
ويشدّد بدران على أنّ الكليات المفتوحة مثل الحقوق والعلوم والآداب لديها فروع في مختلف المناطق، بما فيها عكّار وطرابلس، "وبالتالي لا حاجة لانتقال الطلاب إلى بيروت، لأنّ المنهج ومستوى التعليم موحّدان في جميع الفروع"، ضارباً المثل بأنّ "الطالب الأوّل في كلية الطبّ للعام الجامعي 2024-2025 كان من فرع طرابلس، فالطالب المجتهد يصل أينما كان".
ويلفت بدران إلى أن أسهل ما يمكنُ قوله: "لم يقبلوني"، في حين "يحاول البعض الضغط عبر الإعلام لإيجاد مكان له. لكن المكانَ لا يؤمّن إلّا عندما يكون متاحاً"، مشيراً إلى أن السكن الجامعي في الحدت يستوعب نحو 1950 سريراً امتلأت بالكامل. ويضيف: "الجامعة تعاني اكتظاظاً كبيراً، لذلك نسعى إلى بناء مساكن جامعية جديدة في طرابلس والفنار لتخفيف الضغط عن الحدت".
بين شكاوى الطلّاب من "المحسوبيّات" ونفي رئاسة الجامعة لهذه الاتهامات، يبقى السكن الجامعي في الحدت مرآةً لأزمات أوسع تعيشها الجامعة اللبنانية، من ضعف البنى التحتية إلى محدودية القدرة الاستيعابية وتسييس الحياة الطالبية.
نبض