مصر توازنها: لا سلاح الحزب ولا اعتداءات إسرائيل
تولي مصر عناية خاصة للبنان وتحرص على عملية استقراره وهي لم تكن بعيدة من رؤية الاتيان بالرئيس جوزف عون إلى سدة الرئاسة. ولا تقدم نفسها طرفاً أو داعماً لفريق على حساب اخر، بحيث تعمل على إحداث توازن بين الأفرقاء من "القوات اللبنانية" إلى " حزب الله"، في وقت لا يتأخر الأخير عن الحفاظ على قناته المفتوحة مع القاهرة، وخصوصاً أن دولاً عربية تضعه على قائمة لوائح الإرهاب ولا تتواصل مع قيادته ولا نوابه.
من هنا نشاط الديبلوماسية المصرية في لبنان وخصوصاً في السنتين الأخيرتين بعد حصول جملة من التبدلات في بلدان الإقليم ليس أقلها ما حصل في سوريا وانهيار نظام بشار الأسد.
وحل رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في بيروت بعدما سبقه إليها وزير خارجيته بدر عبد العاطي ورئيس الاستخبارات العامة اللواء حسن رشاد، مع إبراز "تأكيد مصري" على عدم ترك لبنان والغرق في أزماته وأخطرها التهديدات الإسرائيلية التي لا تتوقف. ولذلك فإن الجميع في لبنان ينظرون بعين إيجابية لآداء مصر، والأنظار توجه نحو علاقتها مع "حزب الله" التي لم تنقطع في الأصل بين الطرفين، منذ أيام ولاية الرئيس الراحل حسني مبارك وتواصلت مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويلخص مصدر مواكب لعلاقة مصر والحزب بأنها " تقوم على درجة لا بأس بها من التفاهم إذ يتفق الطرفان على جملة من الأمور ومن غير أن تقبل القاهرة بالطبع إبقاء السلاح في يد الحزب، ولا تسلم في الوقت نفسه باستمرار إسرائيل في عدوانها ضد الحزب وتضرر كل البلد".
ويعمل المسؤولون في لبنان على الاستفادة من علاقة مصر مع الإدارة الأميركية فضلاً عن إسرائيل مع "إمكان استثمارها" في مصلحة لبنان، بغية ممارسة ضغوط على بنيامين نتنياهو للركون إلى التوجه الأميركي لمنع التصعيد الذي يعتمده، وسط محاولة التعويل على اجتماعه المنتظر مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
ويقول الحزب إنه ينظر بكل ارتياح إلى الدور المصري حيال لبنان والتوجه الحقيقي عند القاهرة "لاحتضان لبنان والعمل على منع التصعيد الإسرائيلي". وتلقى الحزب بارتياح كلام مدبولي عند إشارته من السرايا بعد زيارته الرئيس نواف سلام، إلى الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب واحتلالها مساحة من أراضيه.
ويؤكد قيادي في الحزب أنه يتطلع إلى علاقة طيبة مع مصر والاستفادة من حضورها في "تحصين موقف لبنان من عدوان إسرائيل الذي يستهدف اللبنانيين لتحقيق مشروعها واستمرار احتلالها"، مشيراً الى "أن اتصالاتنا لم تتوقف مع المصريين".
وإذا كان الحزب لم يتبن ما طرحه رئيس الاستخبارات المصرية لجهة "تجميد سلاح الحزب" وانتظار حصيلة عملية المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، فإن الحزب يبقى من المرحبين بدور مصر ومساعيها في لبنان، وهي لن تتأخر في دعمه بالمباشر وغير المباشر بحسب شخصية لبنانية على تواصل مع المسؤولين في القاهرة "الذين يتعاطون مع لبنان بكل إيجابية والمساهمة في التخفيف من اثقال الأعباء التي تهدده".
في غضون ذللك لا بد من الإشارة إلى أنه عندما تقوم مصر بالاهتمام في لبنان ومساعدته، فهي في الوقت نفسه تساهم في تحصين أمنها القومي الواقع في شريط من النار والحروب المفتوحة من غزة إلى ليبيا المضطربة وحرب اليمن، إضافة الى أن علاقتها لم تسوّ مع السلطات الجديدة في سوربا جراء التباعد في الخيارات بين الطرفين، ولن تتأخر مصر في مد شراع ديبلوماسيتها حيال لبنان مستفيدة من قيامها بالحوار ولقاء مختلف الأفرقاء. وهذا ما يطبقه بالفعل سفيرها علاء موسى من خلال مروحة تواصله مع الجميع، على عكس سفراء مؤثرين أيضاً لكن لا يمكنهم التحدث مع مختلف الأفرقاء ولاسيما منهم "حزب الله" الذي يحرص على استمرار قناته مع مصر في المحيط العربي ومع الفرنسيين في أوروبا.
نبض