عوامل سياسية وسوسيولوجية وراء تحرك الشارع السنّي... انتقام تاريخي تذكيري لـ"حزب الله" وتماثل مع "قيادة مفقودة"
هل هي "القيادة المفقودة" أم الحاجة إلى "انتقام تاريخي" منذ عقود؟!
ربما هي كل هذه الأسباب وراء تأييد الشارع السنّي للنظام الجديد في سوريا، فأي عوامل سوسيولوجية – سياسية لهذه القراءة؟
لا شكّ في أن تحديد الشارع السني له أكثر من اعتبار مرتبط بالتاريخ والمراحل التي مرّت بها هذه الطائفة أو ما عايشته مع نظام الأسد الأب والابن معاً. إنما محلياً أو لبنانياً، فإن الأمر مرتبط بعوامل سياسية، سوسيولوجية، ونفس اجتماعية أيضاً.
يعتبر الخبير والباحث في علم الاجتماع والإنثروبولوجيا الاقتصادية سعيد عيسى أن "الشارع السني يحتاج إلى زعامة سنية في محاولة للتفتيش عن قائد، وخصوصاً أن الطوائف الأخرى لديها زعيم أو أكثر".
أما سوسيولوجياً، فإن التفتيش عن الابوة، وفق عيسى، "يحرّك الشارع السنّي، أي الحاجة إلى صورة أب، وبغض النظر عن عيوب هذا النظام. في الأساس، لا ترى الجماعات عادة العيوب أو تغض النظر عنها، لمصلحة صورة تحتاج إليها أمامها، فالنظام الجديد هو المنتصر، برأيهم، والذي استطاع التغلّب على الاخرين".
لا شك أن عام 2005 كان مفصلياً عند الجمهور السني، بحسب عيسى، "لقد فقدوا الزعيم الذي كان متمثّلا بالرئيس رفيق الحريري، وعلى مرّ الأعوام، تضاعف الشعور بالخسارة. فأتى النظام السوري "ليشبع" هذه الحاجة بعدما هُزم الجميع في الداخل. أما في الخارج، فقد برز كطرف دولي أجمع عليه عدد من الدول، وأشاد به الرئيس الأميركي دونالد ترامب. كل هذه الاعتبارات الداخلية والخارجية تتشابك في تكوين صورة القيادة المفقودة".
انتقام و"حزب الله"
لكن المجتمع السني ليس متجانساً، بمعنى لا يمكن التعميم. يشرح الخبير في الحوكمة والسياسات العامة ميشال سماحة أن "تنوع المجتمع السني يعبرّ عنه بتمثيله السياسي المتنوع ربما أكثر من المسيحي. لذا، لا يجوز التعميم. فهناك السنّي الذي يؤيد الأسد، والسنّي الذي يؤيد الشرع، والسنّي الذي ضد النظام".
تاريخياً، اعتُبر السنة مناطقيين أكثر، ينطلق سماحة من هذه المعادلة ليقول إن "التفاعل أيضاً له مستوياته. وإذا أردنا التوقف عند منطقتين معبرّتين: طرابلس وصيدا، (تحديداً حارة صيدا)، نفهم أكثر التفاعل الذي جرى".
لا يغفل سماحة أن "ثمة مشكلة عند السنّة في لبنان مع "حزب الله" أو ما يسمى بمحور الممانعة أو النظام السوري الذي كان سائداً. من مقتل المفتي حسن خالد والرئيس رفيق الحريري وكل الاضطهادات التي مورست عليهم، لاسيما في طرابلس وهي مرتبطة عندهم بنظام الأسد".
كل هذه العوامل مرسخة في الأذهان، إنما بالتأكيد، لا يؤثر التفاعل السني عندهم، وفق سماحة، "على نهائية لبنان أو النظرة إلى الكيان. والأهم أن التفاعل الذي تمثل بعدد من التحركات، أتى كتظاهرات هزيلة في العدد ومنفوخة بفلسطينيين وسوريين، ولم يكن نتيجة دعوة عامة أو تبنٍّ من المجتمع السنّي لها".
ويتوقف عند "استجلاب منطقتي صيدا وطرابلس تحديداً عبر ملفين مرتبطين بالنظام الأسدي. في طرابلس، ملف الموقوفين الإسلاميين لا يزال عالقاً، وفي صيدا ملف الأسير، من دون أن نغفل المخيمات التي تعتبر أرضاً خصبة، لنخرج بخلاصة أن "ثمة انتقاماً تاريخياً وإعادة تذكير حزب الله تحديداً، أن المعادلات تغيرت، ليس فقط محلياً إنما إقليمياً".
ويختم: "لحارة صيدا أكثر من رمزية، هي ليست فقط بوابة الجنوب عند حزب الله، إنما هي أيضا عاصمة المخيمات التي كانت تتحرك "لحشر" السني أمام الجهات المتطرفة، ولطالما كانت ورقة تحرّك بيد "حزب الله". وليست صدفة أن تشهد الحارة هذا التفاعل، وإلا لماذا لم نر التفاعل العصبي السنّي مثلاً ضد ما حصل في غزة، أو ما يتردد عن اتفاقات سلام؟! لكل ذلك، رمزية أكثر من سوسيولوجية عند التحركات التي جرت!".
• استجلاب منطقتي صيدا وطرابلس تحديداً عبر ملفين مرتبطين بالنظام الأسدي؛ في طرابلس، ملف الموقوفين الإسلاميين، وفي صيدا ملف الأسير، ولحارة صيدا أكثر من رمزية. هي ليست فقط بوابة الجنوب عند "حزب الله".
نبض