علي جابر- مدير عام القنوات التلفزيونية والمحتوى في مجموعة "إم بي سي" صحافة جبران تويني لم تكن فقط مهمة جمع معلومات وتوليفها بشكل مفهوم للقارئ بموضوعية وبدون الانحياز نحو أيّ فكرة أو أيّ شخص أو أيّ أيديولوجية. صحافة تويني كانت مهمّة وطنية لتوعية مجتمع مشرذم حول فكرة وطن جامع لكل أبنائه بدون تفرقة طائفية. صحافة تويني كانت صحافة البحث عن الحقيقة لكي تخدم الناس، صحافة جبران كانت رحلة البحث عن هويّة ضائعة ثمّ أصبحت هويّة مختطفة. صحافة جبران كانت نضالاً لاستعادة هذه الهوية وهذا الوطن الصغير وإعادته إلى جغرافيته ولجميع أبنائه.
ليته الآن بيننا والعالم قد تغيّر، ومخاصموه بعضهم قد رحل إلى غير رجعة وبعضهم الآخر راحل لا محالة ولكنه لا يزال في حالة نكران.
ليت جبران بيننا لكي يفيد قرّاءه بما افتقدوه في إعلام اليوم من حسّ وطني ومسؤولية مجتمعية. ليته بيننا لكي ننتشل الحقيقة من بحر الأكاذيب والتحريض والتهديد. صوته وصوت جريدته، كان مدوّياً بجرأته وشجاعاً بخياراته. نعم نفتقد شجاعة جبران وطلته البهيّة، وشخصيته الطاغية، نفتقد ولاءه الذي لم يساوِم عليه حتى دفع حياته ثمناً لثباته. نايلة الآن تكمل الجلجلة، بوجهها السموح الجميل، وابتسامتها الحزينة وعينيها الهائمتين ونبرة صوتها الهادئ، تكمل رحلة الآلام وهي في عمر الفرح، تكمل نايلة رحلة "النهار" وتضيف إليها إبداعاً وبعداً عربياً وعالمياً ضروريين ورسوخاً وطنياً لا يتزحزح. تكمل نايلة الرحلة مع نبيل وغسان وسركيس وعلي وجهاد... وغيرهم من رفاق جبران الذين لم يتركوا المركب. ولاؤهم للبنان مثل ولاء جبران، ولاءً كان دائماً للوطن ولمواطنيه، المسيحيين والمسلمين، دائماً متحدين، دفاعاً عن لبنان العظيم إلى أبد الآبدين.
شهادات خاصة عن جبران تويني.
الدفاع عن حقنا في قول الحقيقة
كلاريسا وورد- كبيرة مراسلين في CNN نعيش اليوم في مرحلة غير مسبوقة، حيث تشير بيانات لجنة حماية الصحافيين إلى أن عدد الصحافيين الذين قُتلوا في غزة تجاوز أيّ حصيلة سابقة في تاريخ النزاعات الحديثة. وفي الوقت نفسه، ما زالت السلطات الإسرائيلية تمنع دخول الصحافيين الدوليين إلى القطاع، ما يضاعف عزلة الحقيقة عن العالم.
على الصعيد العالمي، يتعرّض الصحافيون للاعتقال والاختفاء القسري والمضايقات بأعداد قياسية، في ظلّ إفلات شبه كامل من العقاب، وغالباً من دون أيّ دعم من حكوماتهم.
ورغم ذلك، يواصل كثير من الزملاء حول العالم أداء رسالتهم بشجاعة نادرة، مخاطرين بحياتهم ليكونوا شهوداً على الأحداث، وليكشفوا انتهاكات السلطة ويضعوا الحقائق أمام الرأي العام. هؤلاء يستحقون دعماً أكبر من أيّ وقت مضى. لقد آن الأوان لأن نستحضر شجاعة جبران تويني، وأن نعلن بصوت واحد أن الاعتداء على أيّ صحافي هو اعتداء على المهنة بأسرها، وأن نقف صفّاً واحداً دفاعاً عن حقنا في قول الحقيقة.
استنهاض "النهار" تكريم لجبران
عثمان العمير- صحافي
عندما يُذكَر لبنان، تتبادر إلى البال جريدة "النهار"، وفارسها غسان تويني، ونجله اللامع جبران، الذي قدّم حياته على مذبح الصحافة التي زخرت بعدد من الصحافيين البارزين، وفي مقدمتهم كامل مروة وسليم اللوزي. وتعرّض كثير من أبناء المنطقة للاغتيال على أيدي مؤسسات الإرهاب والتخلّف.
تعرّفتُ إلى الأستاذ جبران تويني في مبنى جريدة "النهار"، وتنامت علاقتنا، وكان آخر لقاء لنا في دبي، حيث تناولنا موضوعاً أغضبه، ثمّ مضى كما يمضي المبدعون في طريقٍ لا عودة منه.
إن العودة إلى استنهاض "النهار" من جديد في حركة تثير الغبطة لهو تكريم مستحق لوالد جبران وله شخصياً .
شهادتهم لم تذهب سدى ريما مكتبي
صحيح أنّ قتل جبران تويني خسارة لـ"النهار" ولبنان والعالم العربي، ولكن بعد ٢٠ عاماً ها نحن نلمس كيف أن شهادته روت تراب الوطن. ليته بيننا ليرى أن من تآمروا وحرّضوا وأرهبوا جبران وغيره سقطوا واحداً تلو الآخر. بعد عشرين عاماً، شكراً جبران تويني، الثمن باهظ لذا سنحرص على أن لا ينتصر الظالم!
قصموا ظهرنا بقتل وجبران وباقي الشهداء… لكن في مكان ما صرت أشعر بأن شهادتهم ربّما لم تذهب سدى. ربّما ربّما سيصبح لبنان حرّاً مستقلاً كما حلم جبران.
جبران والاتحاد العالمي لناشري الأخبار
أندرو هيسلوب- المدير التنفيذي في WAN-IFRA كان جبران تويني شخصية بالغة الأهمية والتأثير في التاريخ الحديث للاتحاد العالمي لناشري الأخبار (WAN-IFRA). ولا تزال خسارته المأساوية حاضرة في وجدان مجتمعنا، لدى أصدقائه وزملائه الذين كانوا يكنّون له تقديراً كبيراً. فقد ساعد جبران في توجيه الاتحاد وتشكيل فهمه لصناعة الإعلام في مختلف أنحاء الشرق الأوسط خلال أوقات شديدة التحدي؛ إذ إنّ خلفية الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية شكّلته حتماً كما شكّلت جريدته ولبنان والمنطقة الأوسع.
لقد منحتْه تلك الحكمة، المكتسبة بصعوبة ومن خلال التجربة، قدرة على المضي بثبات أينما ذهب، ومع كل من التقاهم باسم الاتحاد. إن تفانيه في الدفاع عن الصحافة الحرة والتزامه بالقيم الإنسانية العالمية التي تقوم عليها صناعتنا، جديران بأن يُحتفى بهما ويُستحضرا بمحبة ودفء في هذا الزمن من الحزن والذكرى.
رؤية استشرفت مستقبل المهنة
خوان سينور- رئيس Innovation media جبران تويني، بشجاعته، وبالثمن الذي دفعه بحياته، لا يزال يشكّل روح "النهار". وكانت بصيرته لافتة بالقدر نفسه: فعندما نقل الجريدة إلى مقرّها الحالي، حرص على أن يكون هناك غرفة أخبار مستعدّة لاحتضان التكنولوجيا المقبلة. أتذكّر أنّني قدت أوّل ورشة عمل رقمية لنا في بيروت مع زميلي لوتسيو ميشكيستا، داخل غرفة أخبار متضرّرة من القصف والزجاج المحطّم كان لا يزال على الأرض. ومع ذلك، كان المكان ينطق بالإصرار. كان شرفاً لي أن أساهم في حمل رؤية جبران نحو مستقبل رقمي مدعوم بالذكاء الاصطناعي.
واليوم، بقيادة نايلة تويني، أصبحت "النهار" وجهة رقمية لا بدّ من قراءتها في المنطقة، جريئة وجاهزة للمستقبل.