حظيت زيارة الموفد الفرنسي جان - إيف لودريان للبنان باهتمام لافت، وإن لم تكن الأولى له، بحيث جاء إلى بيروت مرارا، ولكن البعض يرى أنه لم يحقق خرقا في أمور كثيرة باعتبار أن الملف اللبناني في عهدة الولايات المتحدة الأميركية.

 ماذا عن هذه الزيارة؟ ومن التقى؟ وكيف كانت المداولات في سياق اللقاءات التي جمعته بمعظم المسؤولين؟

بداية ينقل عن مواكبين ومتابعين أن الأبرز فيها هو أن لودريان بدا متشددا للمرة الأولى في حديثه عن ضرورة أن يسلم "حزب الله " سلاحه، ما يعني أن موقفه تماهى مع الموقف الأميركي، إذ كان هناك تنسيق تام في هذا السياق بين باريس وواشنطن، كما أن الموفد الفرنسي على تواصل دائم مع المسؤولين السعوديين في الملف اللبناني من جوانبه كافة، ولاسيما مؤتمر الدول المانحة ومؤتمر دعم الجيش، وقد حظي الأخير باهتمام في لقاءات لودريان في العاصمة اللبنانية.

وبالعودة إلى موقفه من حصرية السلاح، فمن التقاهم أكدوا أن هذا الموضوع أثاره في معظم اللقاءات لأنه يراه الحل، وبالتالي يؤسس لمرحلة جديدة للبنان ويفتح الآفاق أمام مؤتمر الدول المانحة وحتى مؤتمر دعم الجيش، لأن هذا المطلب يحظى بإجماع دولي، في حين كان سفراء فرنسا المتعاقبون يزورون الضاحية ويلتقون نوابا وقيادات من "حزب الله"، إلا أن "زمن الأول تحول"، وبالتالي الموقف الفرنسي تبدل، وهو ما ظهر جليا من خلال زيارة لودريان، بينما لم يلتق رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ولا رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، ربما لأنهما خارج الحكومة.
عضو لجنة العلاقات البرلمانية اللبنانية-الفرنسية النائب سيمون أبي رميا، المتابع للشأن الفرنسي والعلاقة بين البلدين قال لـ"النهار": "التواصل قائم بين المسؤولين اللبنانيين والفرنسيين ولم ينقطع يوما، وإن كان هناك نفوذ أميركي واضح، بمعنى أن واشنطن دورها مفصلي وأساسي، لكن ثمة تنسيقا بين واشنطن وباريس حيال الوضع في لبنان، ولاسيما في هذه الظروف".

وماذا عن أبرز مداولات لودريان في بيروت؟ أجاب أبي رميا بأن "الموفد الفرنسي نقل رسالة واضحة لمسؤولين لبنانيين، بناء على تقاطع معلومات أميركية -إسرائيلية- فرنسية، مفادها أن إسرائيل ستقوم بعدوان على لبنان إذا استمرت المماطلة، ولذلك كان حاسماً في موضوع حصرية السلاح، درءا لأي حرب قد تقع، وهذه مسألة مهمة جدا بحثها بعمق مع من التقاهم من المعنيين".

وبالنسبة إلى الأمور الأخرى التي تداولها، فقد أكد بحسب أبي رميا ضرورة انعقاد مؤتمر دعم الجيش في 18 من الجاري في العاصمة الفرنسية بعدما تأجل مرارا. حتى الساعة يمكن القول إن كل الاحتمالات واردة في ظل ما يشهده لبنان والمنطقة، لكن موعده حدد في هذا التوقيت باعتبار أن فرنسا حريصة على الجيش ودعم المؤسسة العسكرية ومدها بالسلاح، وهذه أيضا مسألة مهمة موضع متابعة في إطار التواصل الأميركي - الفرنسي - السعودي، وهؤلاء سيشاركون في المؤتمر، إضافة إلى شق آخر هو ترسيم الحدود اللبنانية-السورية بحكم الوصاية الفرنسية آنذاك على كلا البلدين وما تملكه من خرائط وخبراء، ناهيك بمتابعته العملية الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة اللبنانية، والتي تصر عليها فرنسا لأي دعم سيحظى به لبنان من الدول المانحة".