زيارة البابا لاوون توطّد أهمية السلام اللبناني والإقليمي
في كلّ منطقة لبنانية وطئ ترابها، وعلى كلّ منبر ومنصّة وأمام أيّ حشود متوافدة للقياه، تكلّم البابا لاوون الرابع عشر بمصطلحات نابعة من حرص على اعتناق مبادئ السلام. "طوبى لفاعلي السلام" أكثر من شعار لزيارة البابا لاوون، أنه بحثٌ عن سلام في منطقة كانت ولا تزال ساعية إلى إنهاء الحروب والنزاعات بين جغرافيا الدول التي تحتاج إلى التآزر والتوصّل إلى السلام.
يقول عضو تكتل "الجمهورية القويّة" النائب ملحم الرياشي لـ"النهار" إنّ "شعار السلام الفاتيكانيّ الذي رُفع أثناء زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان، يعني السلام الداخلي بين اللبنانيين والسلام في المنطقة، وبين كل دول المشرق. العراقة الفاتيكانية تعتاد الحديث في المبادئ العليا وتترك للبنانيين مهمّة التطبيق على الأرض، وكيف بالحريّ بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
ويعتبر الرياشي أنّ "البابا لاوون الرابع عشر استثنائيٌّ وليس كما سواه ممّن سبقوه، خصوصاً أنّ خلفيّته السياسيّة أكاديميّاً وشخصيّاً، بمثابة خلفيّة كبيرة، ويعرف جدّاً في السياسة ويأتي من جنسيّة أميركيّة، والعهد الحاليّ في الولايات المتحدة الأميركيّة معه. بموجب العلاقات الفاتيكانية مع الولايات المتحدة، في مقدور البابا لاوون أن يضطلع بدور، بدأ به، وتشكّل زيارته لبنان جزءاً من التنسيق والدور الأميركيّ كذلك، حتى لا يكون لبنان على قارعة الطريق".
لا يغفل الرياشي أنّه "عام 1997، كانت زيارة البابا يوحنا بولس الثاني للبنان هادفة إلى حماية الوجود المسيحيّ فيه، وها هي زيارة البابا لاوون الرابع عشر تهدف عام 2025 إلى حماية مستقبل لبنان حتى لا يبقى على القارعة في المنطقة. السلام من أعمال الله. والفاتيكان عمله تنفيذ أعمال الله، ولا اعتبارات سياسية. لكن في زيارة البابا لاوون للبنان، رسالة استراتيجية. ليس بالضرورة أن تجنّب زيارته لبنان حرباً أخرى. ولكنّ التوجّه سيكون في النهاية نحو السلام والاستقرار في المنطقة".
السياسة الفاتيكانية ثابتة في تهدئة الحروب والدعوة إلى تحقيق السلام بين الأمم والشعوب. تاريخيّاً، يسرد أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية مروان أبي فاضل لـ"النهار" أنّ "تأثير الفاتيكان تحوّل بعد نشوء الدول القوميّة من سياسيّ إلى دينيّ وفكريّ، لأنّ جوهر تعاليم يسوع المسيح يقوم على المحبّة والسلام ولا يمكن الكنيسة الكاثوليكية أن تكون خارج تطبيق السلام. وعلى المستوى المارونيّ، دائماً كانت العلاقات المارونية الكاثوليكية عريقة مع سعي فاتيكانيّ إلى حماية الحضور المارونيّ في الشرق والتركيز على دور الموارنة الديني والثقافي والاجتماعي لأنّ الموارنة يتبعون الكنيسة الكاثوليكية ولأنهم جزء من الكنيسة الكاثوليكية".
وينوّه بأنّ "مع الحرب العالمية الأولى حاول الكرسي الرسولي تخفيف العبء على الموارنة في جبل لبنان عبر التوسّط مع دولة النمسا ومساعدتهم في زمن المجاعة. ولم يشجّع الفاتيكان دعوات خيضت خلال الحرب اللبنانية بدءاً من عام 1975 وما بعدها إلى إنشاء دولة المكوّن الطائفي الواحد. تثبّتت دعوة الفاتيكان للموارنة بالتمسّك بأرضهم والانفتاح على الآخرين. ومع زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان، حديث عن السلام والانفتاح والعدالة.
السلام الأول بين اللبنانيين ولا ينعزل عن السلام مع جيرانهم في منطقة الشرق الأوسط. إنها دعوة ثابتة وصادقة للسلام بين الشعوب".
نبض