البابا يجثو أمام القديس شربل: لا سلام من دون توبة القلب

لبنان 01-12-2025 | 12:23

البابا يجثو أمام القديس شربل: لا سلام من دون توبة القلب

"نعلم جيّداً، والقديسون يُذكّروننا بذلك، أنّه لا سلام من دون توبة القلب".
البابا يجثو أمام القديس شربل: لا سلام من دون توبة القلب
البابا لاوون الرابع عشر أمام ضريح القديس شربل في عنايا. (أ ف ب)
Smaller Bigger

على الطريق المزنّرة بالشجر والمؤدّية إلى ضريح القديس، حطّت حمامة بيضاء على الـPapamobile المبلّلة بزخات المطر. إنّها رمز السلام الذي كرّسه البابا لاوون الرابع عشر عنواناً لزيارته، ورمز الروح القدس الذي حلّ على رسل المسيح فانطلقت البشارة؛ هذا السلام "الذي لا وجود له من دون توبة القلب"، على ما أكّد الحبر الأعظم في عنايا.

الأجراس تُقرع، والمؤمنون يُطوّقون دير مار مارون، يُلوّحون بعلمَي لبنان والفاتيكان، عيونهم تترقّب، وأصواتهم ترتفع نحو السماء. "أطلب من البابا أن ينظر إلينا؛ أن ينظر إلى لبنان"، قال أحد المؤمنين لـ"النهار" تحت مظلّته، وشكر آخرٌ البابا على زيارته، معتبراً أنّها "زيارة ثقة ومحبة لهذا البلد الذي يُعاني منذ 50 سنة". الجميع عند ضريح القديس يلتمس تغييراً بالأحداث، وخلاصاً من الألم، ويدعو إلى السلام وعودة الأبناء المغتربين.

 

لحظة وصول البابا إلى دير مار مارون، عنايا. (حسام شبارو - “النهار“)
لحظة وصول البابا إلى دير مار مارون، عنايا. (حسام شبارو - “النهار“)

 

بترنيمة "أَبُا دْقُوْشْتُا" (يا أبا الحقِّ)، استقبلتهُ جوقةٌ في قلب الدير التاريخي. هي الصلاة السريانية الليتورجية التي كان القديس شربل يترنّم بها في احتفاله بالذبيحة الإلهية في محبسته، والتي يلتمس بها من الله أن "ينظُرَ إلى الخطايا وأن ينظرَ إلى التقدمة عنها"، وصارت مُلازمةً لكلّ احتفال بقدسيّة شربل. ترجّل الحبر الأعظم من العربة المبلولة، بثوبه الحبريّ الأبيض (السطانة)، وعلى كتفيه "البلّغرينا"، قبل أن يتّشح بالأحمر ويدخل الكابيلا القديمة.

أمام ضريح القديس، جثا البابا على مركعٍ أبيض صُنع خصيصاً للمناسبة وسيُحفظ في متحف الدير، طالباً السلام من أجل لبنان وكل المشرق. "نعلم جيّداً، والقديسون يُذكّروننا بذلك، أنّه لا سلام من دون توبة القلب"، قال للحاضرين، ومن بينهم رئيس الجمهورية جوزاف عون وعقيلته، "لذا، فليُساعدنا القدّيس شربل كي نتوجه إلى الله ونسأله نعمة التوبة لنا جميعاً".

 

البابا أمام ضريح القديس شربل. (أ ف ب)
البابا أمام ضريح القديس شربل. (أ ف ب)

 

والبابا يعلم جيّداً مكانة القديس شربل في قلب المجتمع اللبناني والكنيسة الجامعة، وهو ما دفعه للتفكير بالبابوات الذين أرادوا الحجّ إلى عنايا وما استطاعوا، ومنهم البابا فرنسيس الذي تربطه علاقة إيمانية عميقة بشربل منذ أيام شبابه في الأرجنتين، والبابا القدّيس بولس السادس الذي أعلن شربل طوباوياً في ختام المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1965، يوم حيّا "لبنان النبيل" وكرّم "شربل الراهب الحقيقي الذي عاش في الخلوة الإلهية وأعطى ذاته للحياة" ("النهار" 6 كانون الأول/ديسمبر 1965) وقدّيساً عام 1977 فيما الحرب تنهش وطنه. "كانوا يتمنّون هم أيضاً أن يقُوموا بمثلِ هذا الحجّ"، قال الحبر الأعظم.

في كلمته أمام الضريح، شهد البابا على قداسة شربل، قائلاً إنّ "الروح القدس صاغه وكوّنَه، لكي يُعلّم الصلاة لمن كانت حياته بعيدة عن الله، ويُعلّم الصَمتَ لمن يعيش في الضوضاء، ويُعلّم التَواضعَ لمن يسعى للظهور، ويُعلّم الفقر لمن يبحث عن الغنى. كلّها مواقف تسير عكس التيّار، ولهذا ننجذبُ إِليه، كما ينجذبُ السائرُ في الصحراء إلى الماء العذب النقي".

 

الجموع أمام دير مار مارون، عنايا. (حسام شبارو - “النهار“)
الجموع أمام دير مار مارون، عنايا. (حسام شبارو - “النهار“)

 

"رمزاً للنور الذي أضاءه الله بواسطة شربل"، أحضر البابا معه "هديةً"، هي قنديلٌ قدّمه للدير والمؤمنين، موكلاً لبنان وشعبه إلى حماية القديس، "حتى يسير دائماً في نور المسيح"، وشاكراً الله "لأنّه أعطانا القديس شربل" والذين يحافظون على ذكراه. وختم زيارته برسالة تُحمّل اللبنانيين مسؤولية تجاه بعضهم وتجاه وطن القديسين، "سيروا في نور الله".

 

الأكثر قراءة

الخليج العربي 12/1/2025 12:53:00 PM
السعودية وروسيا توقعان اتفاقية إعفاء متبادل من التأشيرات لحملة جميع الجوازات
المشرق-العربي 11/30/2025 12:47:00 PM
وزارة النقل العراقية تحسم الجدل: لا وجود لطائرة مركونة في صحراء الوركاء، والصورة المتداولة لطائرة عابرة رصدها القمر الصناعي للحظة واحدة فقط.
المشرق-العربي 12/1/2025 11:51:00 AM
قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، رافي ميلو، يتفقد مواقع عسكرية على امتداد الحدود مع سوريا ولبنان، للاطلاع على تدريبات القوات وإجراء تقييمات ميدانية للجهوزية.
كتاب النهار 12/1/2025 9:21:00 AM
زيارة البابا يفترض أن تكون مناسبة للمصالحة، وكان ممكناً تخطي البروتوكول فيها، إذ يحق لصاحب الدعوة، كما للشاعر، ما لا يحقّ لغيره.