إسرائيل تضرب مجددا في الضاحية وتغتال الطبطبائي... مخاوف متعاظمة من انفجار وتجاهل مبادرة عون
لم تقف خطورة اغتيال رئيس اركان "حزب الله " هيثم الطبطبائي في قلب الضاحية الجنوبية على نجاح إسرائيل التصاعدي في اغتيال قادة الحزب الأساسيين والأركان والكوادر والعناصر ، وكذلك عودة الغارات الإسرائيلية ان بقصد الاغتيالات وان بقصد قصف البيئة الحاضنة للحزب على الضاحية الجنوبية لبيروت ، وإنما تجاوزتها في التوقيت والجغرافيا والظروف إلى دلالات اعمق وأوسع خطورة تمثلت اقله في ابرز الوقائع والمعطيات الاتية:
أولا: ان نهج الاغتيالات الإسرائيلية لا مرد له ولا خطوط حمر ولا اتفاقات حتى تردع إسرائيل عنه على ما ترمز اليه عملية اغتيال الطبطبائي البارحة قبل أربعة أيام من مرور سنة كاملة على اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل .
ثانيا : ان الغارة الإسرائيلية على حارة حريك ، ولو كان هدفها الحصري اغتيال الرجل الثاني في هيكلية "حزب الله " ، قد تشكل الإنذار الأخطر والأكثر تقدما إلى احتمال ان تكون نذير العملية العسكرية الموسعة او الضربات الواسعة التي تهدد إسرائيل بانها خيار حتمي وشيك والتي يضج الإعلام الإسرائيلي بتقارير على مدى الساعات تشرح أهدافها ودوافعها . وهو الأمر الذي بات يثبت معادلة ان السؤال لم يعد هل تحصل الحرب الواسعة الجديدة بل متى تحصل فقط ؟ هذه المعطيات لم تبددها معلومات الإعلام الإسرائيلي عن أن لجنة "الميكانيزم" تبلغت بأن عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل لن تشكل تصعيدًا إلا إذا ردّ عليها "حزب الله".
ثالثا : يثبت التصعيد الإسرائيلي الحاصل ان لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأميركية أيضا ، أخذتا في الاعتبار بعد خيار التفاوض الذي يعرضه لبنان بدليل ان الغارة على الضاحية واغتيال الطبطبائي حصلا بعد 48 ساعة من إعلان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون مبادرته الأخيرة ولم يكن بعدها إلا تصعيد إسرائيلي من جهة وصمت وتجاهل أميركي من جهة أخرى اقله كما توحي المعطيات الظاهرة حتى الان .
رابعا : لم يعد خافيا ان مخاوف تعاظمت في الساعات الأخيرة من احتمال تدهور الوضع في لبنان في الأيام القليلة المقبلة بما يضع زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان التي تبدأ الأحد المقبل وتستمر إلى الثلاثاء الذي يليه ، في مهب الخطورة مهما جرى الكلام عن ضمانات لعدم حصول ما يتهدد حصولها .
اذن سارعت مصادر إسرائيلية ، وقبل التأكيدات التي صدرت لاحقا من "حزب الله" ولبنان ، إلى تأكيد اغتيال هيثم الطبطبائي في الغارة الإسرائيلية بعد ظهر امس على شقة سكنية في شارع العريض - حارة حريك في الضاحية الجنوبية. وقد أدت الغارة التي أطلقت خلالها ثمانية صواريخ إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثمانية وعشرين آخرين بجروح حسب حصيلة وزارة الصحة .
وأعلن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن بنيامين نتنياهو أصدر الأمر بتنفيذ الهجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت امس وذلك بناء على توصية وزير الدفاع ورئيس الأركان. وأوضح المكتب أن الغارة استهدفت هيثم الطبطبائي، الذي يُعدّ وفق الرواية الإسرائيلية المسؤول عن قيادة عملية تعزيز القوة والتسلح داخل "حزب الله". وأشار الاعلام العبري الى أن الطبطبائي قاد على مدار السنوات الأخيرة قوات النخبة في "حزب الله"، وشارك العام الماضي مع محمد حيدر في مسؤولية إعادة التأهيل وتعزيز القدرات العسكرية للحزب. وحاولت إسرائيل تصفيته مرتين خلال الحرب وكانت امس المرة الثالثة . وفق المعلومات فإن والد المستهدف إيراني ووالدته لبنانية، ويعيش هو في لبنان.
وأبو علي الطبطبائي، هو القائد السابق لقوة الرضوان، الوحدة الخاصة التي شاركت في العمليات العسكرية في سوريا واليمن، وهو على قائمة المطلوبين لدى الولايات المتحدة مع مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى اعتقاله.
وقال مسؤول أميركي إن "إسرائيل لم تبلغنا قبل قصف الضاحية الجنوبية لبيروت". وأضاف المسؤول لـ"أكسيوس": "إسرائيل أبلغتنا بغارة الضاحية الجنوبية بعد تنفيذها".
وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدروسيان أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمر بتنفيذ الغارة في الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي أُطلقت عليها قناة "14" اسم "الجمعة السوداء". وأكدت أن العملية تأتي في إطار جهود إسرائيل لمنع حزب الله من إعادة بناء قوته وتهديد الأمن الإسرائيلي، مشددة على أن التنظيم يعمل بشكل فاعل على انتهاك التفاهمات بين لبنان وإسرائيل".وأضافت أن "الحكومة ستواصل اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان عدم تعافي حزب الله أو تعزيز قدراته العسكرية داخل لبنان. وفي السياق، اشارت القناة 13 الإسرائيلية الى ان "البيت الأبيض لم يعد يعارض تنفيذ هجوم ببيروت مع تعاظم قوة حزب الله وعجز الحكومة".
أما من جانب "حزب الله " فاعلن نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي أنّ "هناك شخصية جهادية تم استهدافها ونعمل على التأكد من هوية الشخصية". ولفت إلى أنّ "العدوان اليوم على الضاحية يفتح الباب أمام تصعيد العدوان على كلّ لبنان"، موضحًا أنّ "المقاومة هي من تقرر كيفية الرد على هذا العدوان".
سبق هذا التطور ان صحيفة "يديعوت أحرونوت" أكدت ان إسرائيل تعمل على إعداد خطة هجومية تشمل ضربات جوية مكثفة في لبنان، وعمليات موجهة ضد بنية حماس العسكرية في غزة، إلى جانب احتمال تنفيذ هجوم استباقي ضد منشآت صاروخية ونووية داخل إيران.
واورد تقرير لصحيفة "معاريف" أنّ "سلاح الجو الإسرائيلي يواصل تنفيذ هجمات يومية على مواقع مرتبطة ببناء قدرات حزب الله، سواء في البقاع أو شمال نهر الليطاني"، معتبرا "أنّ المسألة لم تعد مرتبطة بـ"إذا" سيتحرّك الجيش، بل بـ"متى": خلال أسبوع، أو الأسبوع المقبل، أو الشهر القادم". وشددت "معاريف" على أنّ "الجيش اللبناني لا يقوم بمهمته في نزع سلاح حزب الله، ما يجعل المواجهة مسألة وقت".
اما رد الفعل اللبناني الرسمي فتمثل في اعلان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ان استهداف اسرائيل الضاحية الجنوبية من بيروت بعد ظهر امس وتزامن هذا الاعتداء مع ذكرى الاستقلال "دليل آخر على انها لا تأبه للدعوات المتكررة لوقف اعتداءاتها على لبنان وترفض تطبيق القرارات الدولية وكل المساعي والمبادرات المطروحة لوضع حد للتصعيد واعادة الاستقرار ليس فقط إلى لبنان بل إلى المنطقة كلها ". واضاف : "ان لبنان الذي التزم وقف الأعمال العدائية منذ ما يقارب سنة حتى اليوم ، وقدم المبادرة تلو المبادرة ، يجدد دعوته للمجتمع الدولي بان يتحمل مسؤوليته ويتدخل بقوة وبجدية لوقف الاعتداءات على لبنان وشعبه منعا لاي تدهور يعيد التوتر إلى المنطقة من جهة ، وحقناً لمزيد من الدماء من جهة اخرى ".
من جهته اعتبر رئيس الحكومة نواف سلام "ان الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم يتطلب توحيد كل الجهود خلف الدولة ومؤسساتها". وأضاف "إنّ حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطرة هي أولوية الحكومة في هذه المرحلة الدقيقة. فهي ستواصل العمل بشتى الوسائل السياسية والدبلوماسية مع الدول الشقيقة والصديقة، من أجل حماية اللبنانيين، ومنع أيّ تصعيد مفتوح، وبما يضمن ووقف اعتداءات إسرائيل وانسحابها من ارضنا، وعودة أسرانا".
اما في المواقف السياسية فتوجه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قائلا "لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية، لا نستطيع التصرف كالعادة: مهاجمة إسرائيل ولعنها، والتقدُّم بشكوى إلى مجلس الأمن. فهذه الخطوات لم تُفِد يوما بشيء، وعلى الأكيد لن تفيد اليوم .. أتمنى دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة طارئة لوضع قراري مجلس الوزراء في 5 و7 آب موضع التنفيذ، وإجراء مشاورات سريعة وفي العمق وبالتفاصيل كلها مع الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وبقية أصدقاء لبنان، للاستعانة بقدراتهم على وقف الاعتداءات الإسرائيلية نهائيا، وسحب إسرائيل من لبنان، والعودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949 ".
—————————-
.
نبض