جنوبي هاجر مطلع القرن الـ20... صرح تربوي ديني يستعيد الذاكرة
قبل حوالى 117 سنة، عام 1908، هاجر الشاب الجنوبي موسى سعادة من قريته الجنوبية البابلية (الزهراني) الى غينيا (أفريقيا) طلباً للعيش الكريم وتحصيل لقمة العيش، بعيداً من جور العثمانيين وشظف العيش. أمضى موسى زهاء 51 سنة في الغربة من دون أن يتمكن من العودة الى منزله المتواضع وأرضه التي اضطرته قسوة الحياة الى مفارقتها.

في لفتة وفاء لمن أفنى حياته في الاغتراب، ولم تمكنه الظروف من العودة الى دياره، بادر نجله علي سعادة، قنصل غينيا الفخري في لبنان، الى إنشاء صرح تربوي ديني في المكان نفسه في البابلية باسم "مدرسة الحاج موسى سعادة لتعليم القرآن الكريم"، موكلاً إدارتها الى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
وفي مناسبة افتتاح المدرسة، أقيم احتفال حضره عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية والمدنية والدينية والسلطات المحلية، يتقدمهم مفتي صور وجبل عامل الشيخ حسن عبد الله.
القنصل سعادة
والقى القنصل سعادة كلمة لفت فيها الى أنه "أراد تنفيذ هذا المشروع في المكان نفسه الذي خرج منه والده ليهاجر إلى إفريقيا، إحياءً لذكريات العائلة وتاريخها".

وأوضح أنّ والده، "رغم قضاء 51 سنة في الاغتراب، لم يتمكّن من العودة إلى قريته الأمّ بسبب عدم توافر الإمكانات الماديّة، لكنه ظلّ متمسّكاً بوطنه وقريته في ذاكرته وأحاديثه الكثيرة خلال سنوات المهجر في إفريقيا".
وأضاف: "من خلال إحياء ذكرى والدنا، نشعر في عائلتنا برضا معنوي لا يُقدّر بثمن. فهذا المشروع يخلّد تاريخ عائلتنا في الذاكرة الجماعية، إذ كما أن لكل أمة تاريخها، فإن لكل عائلة أيضاً تاريخها، ومن الضروري أن نتذكّره بين الحين والآخر، لأن من يجهل تاريخه يخاطر بفقدان هويته".
المفتي عبد الله
كذلك القى المفتي عبد الله كلمة قال فيها: "نقف في هذا المكان الذي كنا نلهو فيه، والذي صار اليوم مِعلماً
من معالم هذه البلدة، هو مِعلم عنوانه: مدرسة الحاج موسى سعادة لتعليم القرآن الكريم. مع الأسف بعد شيطنة هذا الدين، هناك حاجة الى خطاب ديني واضح، يواجه كل تلك الشعارات التي تطلق ويكافحها".

وأضاف: "الدين ليس آلة قتل، الدين ليس آلة سلطة، الدين ليس جسر عبور الى السلطة، الدين ينظّم حياة الناس للتوصل الى مجتمعٍ راقٍ للرقي بالإنسان".
وشدد على "أننا عندما نتحدث عن مدرسة القرآن، إنما نتحدث عن مدرسة تريد القيم وتحافظ على القيم".
نبض