"دير عنايا المشهور" سيستقبل أول حبر أعظم... صلاة إيمان وبخور من أمام ضريح القديس شربل
هو البابا الأول، الذي سيزور دير مار مارون عنايا، إذ أبى البابا لاوون الـ14 إلا أن تتضمن زيارته إلى لبنان ضريح القديس شربل في دير عنايا.
هو الدير الذي له أكثر من رمزية وقيمة تاريخية، وهو الضريح الذي يضم رفات قديس من لبنان. لكن القديس شربل، ومنذ زمن، لم يعد قديساً لبنانياً، بل بات في مصاف العالمية. وربما لكلّ هذه الأسباب عزم البابا على زيارة عنايا، إذ لا يمكنه أن يزور لبنان ولا يصلّي أمام ضريح القديس شربل هناك.
في لحظة صلاة وتأمل، ستكون محطة البابا في عنايا، وستطبع من هناك الصورة الأولى لأول حبر أعظم أمام ضريح مار شربل، لما لهذا الموقع من معان روحية طاغية.

دير عنايا هو دير للرهبانية اللبنانية المارونية، ويعرف بدير مار مارون - عنايا، التي هي لفظة سريانية فسّرها البعض بمعنى المرتّل والمرنم أو جوق المتعبّدين أو النساك.
كانت في السابق مزرعة من مزارع بلاد جبيل، انتقل اسمها إلى الدير حين ابتاع الرهبان فيها أرضاً وشرعوا في تشييد دير عليها.
عام 1828، انتهى العمل في بناء القسم الأول من الدير. وللمفارقة الدينية أن هذا العام بالذات شهد ولادة مار شربل، كما لو أن الرب هيّأ تلك الأرض للبركة التي حلّت بفضل القديس شربل.
وبين عامي 1838 و1841 أكتمل بناء الكنيسة وكل الأقبية فيه.

ولعل الداخل إلى الدير يشعر منذ اللحظة الأولى بالرهبة والإيمان ورائحة البخور التي تفوح من كل زاوية، إضافة إلى الصمت الذي يخيّم في كلّ الأرجاء، والذي لا يدفع بالزائر إلا إلى الصلاة والسكينة.
عام 1965، أعلن شربل مخلوف طوباوياً، وشرعت الرهبانية في بناء كنيسة جديدة تكون مهيّأة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المؤمنين الوافدين إلى عنايا، خصوصاً أن دعوى إعلان القداسة كانت قيد الدرس.
في عام 1974، كان تدشين الكنيسة الجديدة غرب الدير، وأنشئت على اسم القديس شربل. ولا تزال الرهبانية حتى اليوم تُحدث في الدّير تغييرات وإصلاحات، خدمة للزوّار، وتلبية لحاجاتهم الروحية والزمنية، من دون أن يفقد الموقع الخشوع والطابع الروحي، ولا سيما أن الدير يستقبل يومياً كمّاً هائلاً من المؤمنين.
لطالما ردّد المؤمنون أن مار شربل هو الذي "شهر" هذه الضيعة الجبيلية البسيطة، وأدخل عنايا إلى القاموس العالمي، وحوّلها مزاراً وطنياً وعالمياً كبيراً، حيث يقصدها آلاف المؤمنين للصلاة والتوبة، كما تتوافد إلى الدير الرسائل من كل أنحاء العالم، والأهم حيث لا تزال تسجّل العجائب، حتى يومنا هذا، ببركة القديس شربل.

أقام القديس شربل في دير مار مارون مدة 16 عاماً، حين كان لا يزال "الأب شربل"، وتمرّس بالكثير من الفضائل، في مقدّمها فضيلتا التواضع والطاعة.
ومن هناك، علّمت في الأذهان، عبر الأجيال، رواية ما يعرف بـ "آية السراج"، حين ملأ خادماً السراج للأب شربل بالماء بدل الزيت، لكن السراج ما لبث أن أضيء ساعات طوال صلاته الليلية.
دفن الأب شربل في مقبرة الدير العمومية. وليلة دفنه، شاهد أهل الجوار نوراً يتلألأ فوق ضريحه، وتكرّر ظهور النور هذا طوال 45 ليلة.
مذّاك، بدأت تسجل الوقائع عجائبَ لهذا الأب القديس. وحين أذن البطريرك إلياس بطرس الحويك بفتح قبره، تفاجأ الجميع بأن جسمه سالم من الفساد، وجرى من خاصرته دم ممزوج بماء، وأخذ جثمانه ينضح عرقاً دموياً، فأعيد جثمانه إلى قبر جديد عام 1926.
9 تشرين الأول 1977، أعلن البابا بولس السادس الطوباوي شربل قديساً. وبعد 48 عاماً، سيتبارك البابا لاوون الـ14 من هذه القداسة، وسيستقبله "دير عنايا المشهور" بالتراتيل والصلاة وبخور الإيمان!
نبض