لم تمض أشهر على تسلم مجلس بلدي جديد في العاصمة بيروت، حتى فاحت رائحة فضائحية، إذ تبيّن أن مبلغ 330 ألف دولار سُحب من خزينة البلدية من دون أيّ سند قانوني.

في التفاصيل، كان مدرجا في جدول أعمال آخر جلسة للمجلس البلدي الأربعاء الماضي بند يتعلّق بتنفيذ قرار مجلس شورى الدولة إلزام البلدية دفع تعويضات تقارب 330 ألف دولار لـ20 ضابطاً في فوج إطفاء (كانوا قد اعترضوا أمام شورى الدولة على قرار المحافظ السابق زياد شبيب الذي حرمهم حقوقهم)، تعويضا لقسائم المحروقات التي حُرموا الاستفادة منها سنوات عديدة. وخلال مناقشة هذا البند، أكد أحد الأعضاء أن الـ20 ضابطا قد حصلوا على هذه الأموال من دون أمر أو حتى علم من المجلس البلدي.

وبعد الاتصالات التي أجراها الأعضاء، تبيّن أن أمين خزينة البلدية خضر أبو عرم‬ هو من سحب المبلغ كاملاً من دون علم أحد، وبرر تصرّفه بأنه جاء "تعاطفا مع الضباط". والمثير للريبة أنه تم اقتطاع 3 آلاف دولار من مستحقات كل ضابط، فما القصة الحقيقية لما حصل؟

تشير معلومات "النهار" إلى أن أبو عرم اقتطع من كل ضابط 3 آلاف دولار، ليكون بذلك حقق خلال أيام قليلة نحو 50 ألف دولار، مع العلم أنه طلب من الضباط الذين قبضوا أن يبقى الأمر سريا، لكن ما فضح المخالفة هو أن 3 ضباط (لم يشاركوا في الاعتراض أمام شورى الدولة مع رفاقهم) لم يحصلوا على مستحقاتهم، فاتصلوا بأعضاء البلدية وأعلموهم بما حصل.

وبعد 24 ساعة من الجلسة وانتشار الفضيحة، أوقف جهاز أمن الدولة أبو عرم ودخلت عناصره مبنى مالية البلدية برفقة موظفين من ديوان المحاسبة.

وفي حديث إلى "النهار" أكد عضو مجلس البلدي عماد فقيه أن "فتح خزنة البلدية له إجراءات إدارية ولا يمكن أن يتخذ قرارا بذلك موظف وحده، وبعدما حضر موظفون من ديوان المحاسبة لن تنجح أي محاولة لتبرئة الموظف المرتكب، بل بدأت تنكشف ملفات جديدة".

أما عضو المجلس البلدي سعيد حديفة فقال إن "المشكلة الأساسية في النظام نفسه داخل البلدية"، متسائلا "كيف يمكن شخصا في بلدية بحجم بلدية بيروت أن يفتح الخزنة ويسحب المال كما يريد من دون رقابة من أحد؟".

توازيا، أكد مصدر من أمن الدولة لـ"النهار" أن أبو عرم اعترف من بداية التحقيق بأنه صرف هذه الأموال من دون الرجوع إلى الآليات الإدارية المتبعة، لكنه شدد على أنه كان يحاول إنصاف الضباط وتطبيق قرار شورى الدولة.

يبدو أن الأمور متجهة إلى تحقيق وتدقيق شامل في كل بيانات البلدية المالية، وخصوصا بعد الإخبار الذي تقدم به نواب بيروت فؤاد مخزومي وغسان حاصباني وفيصل الصايغ ونديم الجميل ونقولا الصحناوي أمام النائب العام المالي القاضي ماهر شعيتو، طالبين فتح تحقيق في ما حصل.