إعلام عبري يربط بين أرض الصومال والجولان... حكايات حدود رسمها الاستعمار
منذ أن اعترفت إسرائيل بجمهورية أرض الصومال، دار جدل حول الأقاليم الانفصالية وحقها بتشييد دولة من عدمه بظل القانون الدولي وقوانين الأمم المتحدة. في هذا السياق، استعرض إعلام عبري كيفية نشوء العديد من حدود الدول والأقاليم خلال القرن الماضي، وبينها الصومال وجمهورية أرض الصومال.
حاول الإعلام العبري تبرير الاعتراف الإسرائيلي بجمهورية أرض الصومال، وأراد ربط هذا الانفصال عن الصومال باحتلال الجولان السوري وضمه إلى إسرائيل، على قاعدة أن "لا شيء" يمنع من أن يكون الجولان جزءاً من فلسطين أساساً، لكن تقسيمات "سايكس بيكو" وضعته مع سوريا تحت سلطة فرنسا.
ووفق تقرير عبري، فإن حدود الصومال، كغيرها من حدود العديد من دول أفريقيا والشرق الأوسط، تعود الحقبة الاستعمارية. ففي كثير من الحالات، استعمرت القوى الأوروبية هذه الدول لفترة وجيزة، وصلت إلى عقود. وكانت السلطات الاستعمارية ترسم خطوطاً على الخرائط دون أي أساس تاريخي، وفق "جيروزاليم بوست". ثم، مع انهيار الإمبراطوريات في ستينيات القرن العشرين، وجدت هذه الدول نفسها "عالقة" بتلك الحدود.
أدى التدخل الأوروبي في أفريقيا إلى توحيد العديد من المناطق "قسراً" تحت رايات مختلفة. ونتيجة لذلك، أي دولة تغيّر حدودها أو ينفصل عنها إقليم يعني غالباً تغيير الحدود التي رسمتها الدول الأوروبية بين عامي 1890 و1960.
تاريخ أرض الصومال
أرض الصومال مثال واضح على ذلك. ففي ثمانينيات القرن التاسع عشر، ظلت أجزاء كبيرة من أفريقيا، بما فيها الصومال، غير مستعمرة. لكن وبعد بضعة عقود فقط، رُسمت الحدود الحالية للقارة، بشكل رئيسي من قِبل فرنسا والمملكة المتحدة، بمساهمة من ألمانيا والبرتغال وإسبانيا وبعض الدول الأخرى.
تعود أصول حدود المنطقة التي تسمّى اليوم أرض الصومال إلى أرض الصومال البريطانية. وقد شهدت المنطقة حكم قبائل وسلطنات مختلفة لسنوات، وخضعت للنفوذ البريطاني بين عامي 1884 و1920. ثم غزاها الإيطاليون عام 1940، واستعادها البريطانيون عام 1941.
وكانت إيطاليا قد توغلت في الصومال في ثمانينيات القرن التاسع عشر، وغزت إثيوبيا المجاورة. وهُزمت على يد إثيوبيا عام 1896، لكنها استطاعت السيطرة على إثيوبيا خلال حقبة موسوليني. وتعود الحدود الحالية للصومال وإثيوبيا إلى حد كبير إلى تلك الحقبة.
نالت أرض الصومال البريطانية استقلالها لفترة وجيزة في حزيران (يونيو) 1960، ثم أصبحت منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل الصومال. وفي عام 1969، وقع انقلاب عسكري، فكانت أرض الصومال جزءاً من الصومال بين عامي 1960 و1991. أعلنت استقلالها عام 1991، لكن دولاً حول العالم أجبرتها على البقاء ضمن ما يسمّى بـ"حدودها الاستعمارية"، وفق الإعلام العبري.
أمثلة من دول أخرى
في كثير من الحالات، أدت الحدود الاستعمارية لدول أخرى إلى حروب وإبادة جماعية. فجنوب السودان، ذو الأغلبية غير المسلمة، خاض حروباً لسنوات لمحاولته الانفصال عن السودان.
وتعرضت بيافرا لمجازر في نيجيريا.
أما الكونغو، وهي إرث استعماري آخر، فقد عانت من حروب عديدة، مثل حرب كاتانغا وشرق الكونغو. وشهدت رواندا إبادة جماعية.
كما كانت محاولات ضم مناطق أخرى إلى دول أكبر مثيرة للجدل. أُلحقت زنجبار بتنزانيا. وضمت المغرب الصحراء الغربية بعد رحيل القوة الاستعمارية. غامبيا دولة صغيرة تتكون في معظمها من حوض نهري، بينما الكونغو دولة شاسعة لأسباب مماثلة تعود إلى الحقبة الاستعمارية.
تأثير الإمبراطوريات الاستعمارية على الشرق الأوسط وآسيا
في الشرق الأوسط أمثلة مماثلة. مُنع إقليم كردستان العراق من الاستقلال وضمّ إلى العراق بسبب السلطات الاستعمارية، حسب التقرير العبري.
ويُنظر إلى مرتفعات الجولان كجزء من سوريا فقط بسبب ظروف تاريخية مماثلة. لا يوجد سبب منطقي يمنعها من أن تكون جزءاً من فلسطين في عهد الانتداب البريطاني، إلّا لأنها كانت جزءاً من سوريا المحتلة من قبل فرنسا، وفق "جيروزاليم بوست".
سنغافورة أصبحت مستعمرة بريطانية عام 1867. ثم ضُمّت لفترة وجيزة إلى ماليزيا قبل أن تنال استقلالها عام 1965، ما مكّنها من رسم مسارها الخاص.
وبالتالي، في كثير من الحالات، تعود جذور الصراعات التي نشهدها اليوم، من الساحل إلى الشرق الأوسط، إلى الحقبة الاستعمارية، استغلها الإعلام العبري لبترير سردية الاعتراف بأرض الصومال والسيطرة على الجولان.

نبض