لماذا لم تنجز إسرائيل المهمّة خلال الحرب الأخيرة مع إيران؟
عادت إسرائيل لتحضيرات الحرب مع إيران سياسياً وعسكرياً وسوسيولوجياً، وسبقت ذلك تجهيزات لحرب مع "حزب الله"، بانتظار التفاهم مع الولايات المتحدة. وكلّ هذه المشهدية معلّقة على القمّة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي ستُعقد بعد أيام قليلة في فلوريدا، في ظل تقارير تشير إلى مساعٍ إسرائيلية لإقناع الإدارة الأميركية بالحرب.
تحضيرات الحرب وعواملها مرتبطة بسردية إسرائيلية تقول إن الأهداف في إيران ومع "حزب الله" لم تنجز. فإيران عادت لتصنيع الصواريخ الباليستية وترميم المفاعل النووية، و"حزب الله" لم يسلّم كامل سلاحه ويحاول إعادة بناء ترسانته العسكرية، ما يستوجب عودة الحرب لإتمام المهمّة، بحسب السردية العبرية.
لكن في هذا السياق يُطرح سؤال محوري: لماذا لم تنجز إسرائيل المهمّة كاملةً خلال حربيها الأخيرتين مع إيران و"حزب الله"؟ بل استعاضت عن ذلك باتفاقين لوقف النار مع الطرفين. بعض التقارير تقول إن الضغوط الديبلوماسية الأميركية أفضت إلى وقف الحربين، وبعض التحليلات تشير إلى أن عوامل مختلفة، بينها ما هو مرتبط بإيران حصراً وأخرى مرتبطة بـ"حزب الله" وحده.
وقف الحرب مع إيران
العامل الأميركي كان حاسماً في ما يتعلّق بالحرب مع إيران، لكنه ليس الوحيد، بل أضيف إلى عوامل ميدانية جعلت من المشهد أكثر تعقيداً. يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي لـ"النهار" إن "الولايات المتحدة ضغطت لوقف الحرب لأن استمرارها كان سيورّطها بالمشاركة، وسيوسّع دائرة الحرب في المنطقة، وهو الواقع الذي أراده نتنياهو لكن رفضه ترامب".
عوامل ميدانية أخرى تُذكر في هذا السياق. تقارير كثيرة تحدّثت عن بدء إيران استخدام صواريخ أكثر تطوّراً خلال الأيام الأخيرة للحرب نتج عنها دمار واسع، ما وضع إسرائيل تحت ضغوط كبيرة. إضافة إلى ذلك، يشير ياغي إلى هدف إسقاط النظام الإيراني الذي "لم ينجح فيه نتنياهو" لأن ترامب لم يرده. التحليلات تقول إن الرئيس الأميركي لم يرد فوضى في الشرق الأوسط في حال سقوط النظام.
ماذا عن لبنان؟
في لبنان، العوامل مختلفة. الحرب مع "حزب الله" لم تستدع تورّط الولايات المتحدة أو إيران، والطرفان لم يتدخلا بشكل مباشر حينها. وفق ياغي، فإن إسرائيل قدّرت أن الضربات التي استهدفت قيادة وبنية "حزب الله" كانت حاسمة. التقارير والوقائع تشير إلى أن هذه الضربات شلّت قدرات الحزب الذي لم يهاجم إسرائيل ولم يردّ رغم الهجمات التي حصلت ضده.
أرادت إسرائيل إحداث ضغط محلي وإقليمي ضد "حزب الله" يدفعه نحو تفكيك ترسانته العسكرية، ونجحت وفق ما يقول ياغي، لأن الحرب والاتفاق الذي تلاها شكّلا ضغطاً داخلياً وخارجياً على الحزب. لكن حتى الحين، لم يخضع "حزب الله" بالكامل لهذه الضغوط، وقال أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إن الحزب لن يسلّم سلاحه شمالي نهر الليطاني.
في المحصلة، فإن "عدم إنجاز" إسرائيل التام لمهمّاتها مع إيران و"حزب الله" خاضع للعوامل المذكورة سلفاً، وزيارة نتنياهو للولايات المتحدة للقاء ترامب ستتمحور على كيفية "إتمام" أهداف إسرائيل. الكباش بين ديبلوماسية ترامب وعسكرية نتنياهو متقدّم ويتصدّر المشهد، والعين على ما سيجري بعد القمّة المنتظرة في الشرق الأوسط.

نبض