هل يقتحم ترامب آسيا الوسطى؟
6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025. يوم تاريخي محتمل لأميركا... في قلب آسيا.
الصورة برّاقة: رؤساء الدول الخمس في تلك المنطقة زاروا البيت الأبيض حيث استقبلهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ قبل ذلك، لم يقم معظم هؤلاء بزيارة الولايات المتحدة، ناهيكم عن زيارتها بشكل جماعي. ولم تغب الاتفاقات عن أجواء القمة، بدءاً بالطائرات التجارية مروراً بالآلات الزراعية وليس انتهاء بالخدمات الهندسية والسكك الحديدية. وكان انضمام كازاخستان إلى اتفاقات أبراهام أحد أبرز عناوين القمة.
عادة ما كانت اجتماعات "سي.5+1"، أي بين كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، تتم على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر من كل سنة. لكن في أيلول الماضي، تدافعت علامات الاستفهام والهواجس بعد غياب هذا الاجتماع، خصوصاً أنه صادف الذكرى العاشرة لتأسيس المنصة.
سرعان ما تبددت الهواجس في النصف الثاني من تشرين الأول/أكتوبر، مع الإعلان عن القمة. في الواقع، انعقدت غالبية الاجتماعات السابقة على مستوى وزراء الخارجية. كان الرئيس السابق جو بايدن أول من افتتح قمة على مستوى رئاسي قبل عامين. الفرق اليوم أن القمة حصلت في واشنطن، عاصمة القرار الحقيقي، لا في نيويورك.
لماذا 2015؟
بالرغم من الصورة المستجدة، ثمة نمط قديم-جديد من التحولات التي بني وينبى عليها هذا التعاون. عندما تم تأسيس مجموعة "سي.5+1"، كانت روسيا التي تنظر إلى آسيا الوسطى باعتبارها منطقة نفوذها الخاصة، تتوسع في أوروبا، مع ضم شبه جزيرة القرم والتوغل في شرق أوكرانيا، وفي غرب آسيا، مع التدخل العسكري في سوريا. تخوفت دول آسيا الوسطى من أن تكون التالية على لائحة التوسع الروسي. كانت الرغبة بتخفيف النفوذ الروسي واضحة في كازاخستان وقيرغزستان مع التحول التدريجي في زيادة استخدام اللغة المحلية على حساب الروسية، بعد الحرب على أوكرانيا.

وأدركت دول المنطقة أن أميركا كانت عاجلاً ام آجلاً ستغادر أفغانستان المجاورة مما سيولد فراغاً أمنياً تعدّ القوى المتطرفة مهيّأة لملئه. بهذا المعنى، كانت المنصة نوعاً من التعويض عن الفراغ وعنصراً لإبقاء الاهتمام الأميركي بالمنطقة. كما تقول مجلة "ذا ديبلومات"، تجسد "سي.5+1" تخطيطاً بعيد المدى لدى قادة دول آسيا الوسطى أكثر مما هو الحال لدى أميركا.
التطور في حدوده الواقعية
يحمل الحديث عن حقبة استراتيجية جديدة لأميركا في المنطقة شيئاً من المبالغة، بالحد الأدنى في الوقت الحالي. صحيح أن دول آسيا الوسطى تريد التقرب أكثر من الغرب ضمن تعزيز ما يسمى "السياسة الخارجية المتعددة الاتجاهات"، لكن البنى التحتية والمواصلات فيها بنيت على قاعدة تلبية احتياجات الاتحاد السوفياتي بالدرجة الأولى، بالتالي، سيتطلب تعزيز العلاقات التجارية مع أوروبا وأميركا أكثر من صورة واتفاق في البيت الأبيض.

يتعزز هذا المسار مع ذهاب معظم الموارد الطبيعية في تلك الدول إلى الصين وروسيا في المقام الأول، إلى جانب السيطرة الكبيرة لموسكو وبكين على شبكات التعدين والمعالجة. على سبيل المثال، ترسل كازاخستان 27 في المئة من صادراتها المعدنية إلى الصين و16 في المئة إلى روسيا. أما الولايات المتحدة فبالكاد تبلغ حصتها 5 في المئة. وتصدّر كازاخستان، مصدر نصف إمدادات اليورانيوم حول العالم، نحو 30 في المئة من إنتاجها إلى الصين.
باختصار، كان اجتماع البيت الأبيض بقيادة ترامب ناجحاً تكتيكياً. بالتالي، لا يزال أمام الإدارة الحالية بذل الكثير من الجهد والوقت إذا أرادت رفع عتبة طموحاتها، في واحدة من أهم المناطق الحيوية حول العالم.
نبض