هل يتجه الحزب الجمهوري إلى الانهيار؟
نيكولاس "نِك" فْوَنتيس هو أحد العنصريين واللاساميين الذي يحسب نفسه على تيار "أميركا أولاً". وإذا كانت العنصرية تترافق عادة مع اللاسامية في شخصيات اليمين المتطرف فإن فونتيس يدفع أفكاره إلى مستوى أعلى من الجنون.
هو يرفض الديموقراطية ويريد عودة الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش. يحب ستالين وهتلر (في الوقت نفسه)، ويعتقد أن نساء كثيرات "يُردن التعرض للاغتصاب" وأن العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة هي علامة على المثلية.
كان من المفترض أن يظل فونتيس محصوراً في هامش ضيق من العالم الافتراضي. لكنه حصل خلال الأسبوع الماضي على فرصة ذهبية لإطلالة على جمهور أوسع: جمهور الإعلامي المحافظ تاكر كارلسون.

أثارت الحلقة ضجة واسعة بين الجمهوريين التقليديين الذين رأوا أن كارلسون أمّن منصة لشخصية لاسامية طردها "مؤتمر العمل السياسي المحافظ" سنة 2023.
ثم تدخل كيفين روبرتس، رئيس مؤسسة "هيريتدج" المحافظة. لكنه لم يعلم أن تدخله سيصب الزيت على النار. دافع روبرتس عن كارلسون مهاجماً "التحالف السام" الذي انتقده. وبعدما أضاف أنه لا يمكن إلغاء فوينتس بالرغم من كرهه لما يقول، أوضح روبرتس أن "المسيحيين يمكنهم انتقاد دولة إسرائيل من دون أن يكونوا لاساميين". كدليل على أن دفاعه عن كارلسون لم يكن موفقاً، اضطر روبرتس إلى إصدار إدانة أخرى، في اليوم التالي، لأفكار فوينتس.
ولم يوفر الأخير نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس من انتقاداته، لأن زوجته هندية. ويُعد فانس أيضاً من الأصوات المترددة حيال دعم إسرائيل. قال فانس مؤخراً إنه "حين يقول الناس إن إسرائيل تتلاعب بطريقة ما أو تسطير على رئيس الولايات المتحدة، فهم لا يتلاعبون أو يسيطرون على هذا الرئيس للولايات المتحدة". وأشاد بالضغط الذي فرضه ترامب على إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة.

جاء كلام فانس في مناسبة نظمتها مؤسسة الناشط الأميركي المحافظ الذي اغتيل مؤخراً تشارلي كيرك. دخل فوينتس وكيرك في صدام كبير حول القيم الأميركية، وكان الأول يرسل مناصريه إلى تجمعات الناشط الراحل لإغاظته. ويتوقع بعض المراقبين أن ترتفع شعبية فوينتس بعد غياب كيرك الذي لم تخلُ تصريحاته الأخيرة من انتقادات معتدلة لإسرائيل.
مستقبل صعب لفانس
بنسب متفاوتة، ثمة صوت مناهض لإسرائيل، وحتى لليهود، يزداد صخباً ضمن التيار الأميركي المحافظ. لكنه أضعف من أن يوحّد "ماغا"، بل من أن يوحّد نفسه. على سبيل المثال، لم يصوّت فونتيس لترامب سنة 2024. وحتى مع افتراض بقاء فوينتس مجرد صدى في العالم الافتراضي، ثمة أسئلة أخرى عن مستقبل تيار "ماغا" بعد ترامب.
هل يوافق فانس مثلاً على استضافة كارلسون للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أو على دفاعه مؤخراً عن نيكولاس مادورو؟ وما هي نظرته، كمرشح مفترض لانتخابات 2028، إلى طيف آخر من الشخصيات المحافظة التي ترفض التدخل في فنزويلا مثل لورا لومر وستيف بانون، أو إلى شخصيات أخرى تدعم الديموقراطيين في مسائل داخلية كالمشرعة مارجوري تايلور غرين؟ وكيف ستكون نظرة هذه الشخصيات وغيرها إلى قضية عدم اعتناق زوجته للمسيحية؟
مفارقة
يبدو التشظي الكامن في تيار "ماغا" فرصة أمام الجمهوريين الكلاسيكيين لاستعادة السيطرة على الحزب. لكن أداءهم في الانتخابات التمهيدية الماضية لم يكن مشجعاً. في الخلاصة، من المحتمل أن يتغير وجه الحزب الجمهوري، إن لم يكن تركيبته.
وربما يكون ترامب آخر رئيس يحافظ على تماسك الحزب... بعدما غذّى بنفسه بذور الانقسام فيه.
نبض