ملايين المتظاهرين ضدّ ترامب… و"الملك" يقصفهم بفضلات الذّكاء الاصطناعي

ملايين المتظاهرين ضدّ ترامب… و"الملك" يقصفهم بفضلات الذّكاء الاصطناعي

البيت الأبيض ردّ على طلب إحدى وسائل الإعلام بالتعليق على التظاهرات بكلمتين: "من يهتم؟".
ملايين المتظاهرين ضدّ ترامب… و"الملك" يقصفهم بفضلات الذّكاء الاصطناعي
متظاهرون يرتدون زي تمثال الحرية ودارث فيدر خلال مسيرة "لا للملوك" في دنفر. (أ ف ب)
Smaller Bigger

"لا ملوك في أميركا". تحت هذا الشعار كان اليوم المشهود في الولايات المتحدة السبت. نحو سبعة ملايين متظاهر ضد الرئيس دونالد ترامب تجمعوا بمئات الآلاف في ساحات العاصمة واشنطن ومانهاتن وشيكاغو وغيرها من المدن الكبرى، كما في بلدات الولايات الخمسين، في تحرك وصفه منظموه بأنه الأكبر في تاريخ البلاد.


الاحتجاج السلمي الذي دعت إليه ونظمته مئات من المجموعات الحقوقية والاتحادات النقابية والمنظمات التقدمية، هو الثاني بعد آخر نُظم في حزيران/يونيو الفائت. وهو يأتي قبل نحو ثلاثة أشهر من تمام السنة الأولى من الولاية الثانية لترامب في البيت الأبيض.

 

من الاحتجاجات ضدّ ترامب في دنفر. (أ ف ب)
من الاحتجاجات ضدّ ترامب في دنفر. (أ ف ب)

 

"الملكية"، بمعنى تركيز السلطة في فرعها التنفيذي، أي الرئيس وإدارته، منبوذة منذ أيام جورج واشنطن، الرئيس الأول الذي عبّر عن استياء شديد من مجرد التفكير بطرحه ملكاً، وفي خطاب الوداع حذّر من تركيز السلطة وشدّد على أهمية الحفاظ على التوازن بين فروع الحكم لمنع الاستبداد والحفاظ على الروح الحقيقية للدستور.
احتجاج المتظاهرين الرئيسي كان السبت ضد التفرد بالسلطة الذي يتهمون ترامب بممارسته من اليوم الأول لعودته رئيساً، والاستخدام المفرط للقرارات التنفيذية وتهميش الكونغرس الذي يتمتع حزبه الجمهوري بالأغلبية في فرعيه، وكذلك في تثبيت سلطته المطلقة على الوكالات الفيدرالية التي غالباً ما كانت تُحيّد عن الانحيازات السياسية لتقوم بواجباتها المفترضة في إنفاذ القانون.


من هذا المطلب السياسي للمتظاهرين تتفرع عشرات المطالب الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية التي دفعت الملايين إلى اليوم الطويل، ليس أقلها قرارات ترامب (أو التهديد) بنشر الجيش الوطني في مدن كبيرة لقمع الجريمة ودعم وكالة الهجرة في حملتها المستمرة ضد المهاجرين في مختلف أرجاء أميركا. المحتجون اعترضوا أيضاً على التخفيضات في برامج الدعم الصحي الفيدرالية مثل ميديكير وميديكيد والضمان الاجتماعي والأبحاث الطبية، وصولاً إلى برامج ملغاة تعزّز التعليم في مجتمعات فقيرة غالباً ما تنتمي إلى أقليات عرقية مختلفة.
الاحتجاج السياسي/المطلبي الكبير شارك في الدعوة إليه وحضره زعماء ديموقراطيون من مشارب مختلفة مثل نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس، والسيناتور التقدمي بيرني ساندرز، وتشاك شومر وغيرهم. في المقابل، وصفه الجمهوريون مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون بأنه ليس أقل من تظاهرة كارهي أميركا التي يديرها جناح "حماس" في الحزب الديموقراطي و"أنتيفا"، الحركة غير المركزية وغير الرسمية التي تناهض الفاشية ويتهمها اليمين الأميركي بالراديكالية اليسارية التي تبغي القضاء على الديموقراطية والحرية الفردية.

 

منشور يمجّد ترامب ويصفه بالملك. (وسائل التواصل الاجتماعي)
منشور يمجّد ترامب ويصفه بالملك. (وسائل التواصل الاجتماعي)

 

البيت الأبيض ردّ على طلب إحدى وسائل الإعلام بالتعليق على التظاهرات بكلمتين: "من يهتم؟". أما جيوش مناصري ترامب الإلكترونيين فأغرقوا وسائل التواصل الاجتماعي بالميمز الساخرة من المتظاهرين، متداولين مئات الصور لترامب وهو يعتمر تاجاً ذهبياً ويرتدي حلّة ملك. ترامب نفسه نشر فيديو معالجاً بالذكاء الاصطناعي قد يكون الأغرب حتى قياساً إلى تاريخه في الغرابة. في الفيديو يجلس "الملك" في قمرة قيادة مقاتلة "أف 16" ويطير فوق ما يبدو ساحة تايمز سكوير، حيث يقصف المتظاهرين بفضلات بنية اللون تسقط عليهم في كتل كبيرة وتلوّثهم من رؤوسهم نزولاً.

 

 

وبينما نشر نائب الرئيس جي دي فانس صورة رئيسه معتمراً تاجاً بدوره، ختمت الصفحة الرسمية للبيت الأبيض منشوراتها ليوم السبت بمنشور، الصورة الأولى فيه لترامب وفانس بتاجين فوق صورة لزعيمي الأقلية الديموقراطية في الشيوخ والنواب تشاك شومر وحكيم جيفريز وقد أُضيفت قبعتان مكسيكيتان فوق رأسيهما. "نحن صُنعنا بشكل مختلف"، كتب البيت الأبيض فوق الصورتين، متمنياً ليلة سعيدة للجميع.


بهذا المستوى من السخرية الفجّة تعامل الرئيس الأميركي وإدارته وحزبه مع ملايين المتظاهرين، وهو سياق يبدو أن ترامب اعتمده رسمياً في الهجوم على خصومه، سياسيين ومواطنين، مذ أعلن ترشحه أول مرة للرئاسة. لكن هذا الاستهتار المنظّم لا ينفي أن التحرك الكبير الذي فاق مثيله عدداً وتنوعاً في المشاركة، ينذر بخطر واضح على الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية العام المقبل. والتظاهرة، بحسب وصف "نيويورك تايمز"، ليست مجرد حدث يومي بل "إشارة إلى تحوّل في الرأي العام قد يهدد سيطرة الجمهوريين على الكونغرس إذا تحولت الطاقة التي شهدتها الولايات المتحدة إلى حملات انتخابية مستمرة ستشجّع المعترضين أو غير المقررين أو حتى غير المهتمين على التسجيل والاقتراع بكثافة".


إلى حينه، فقد قرر ترامب إذاً ألّا يستمع إلى الملايين من مواطنيه الغاضبين، وطار اصطناعياً فوق التراب الأميركي وقصفه بالفضلات. هي حرب وقد فُتحت بين جبهتين، واحدة تهتف ضد "الملك" والثانية تردّ: "عاش الملك"، في بلد أول كلمتين في دستوره: "نحن الشعب".


الأكثر قراءة

العالم العربي 10/17/2025 6:20:00 AM
"وقهوة كوكبها يزهرُ … يَسطَعُ مِنها المِسكُ والعَنبرُوردية يحثها شادنٌ … كأنّها مِنْ خَدهِ تعصرُ"
ثقافة 10/17/2025 6:22:00 AM
ذلك الفنجان الصغير، الذي لا يتعدّى حجمه 200 ملليليتر، يحمل في طيّاته معاني تفوق حجمه بكثير
ثقافة 10/17/2025 6:23:00 AM
القهوة حكايةُ هويةٍ وذاكرةٍ وثقافةٍ عريقةٍ عبرت من مجالس القبائل إلى مقاهي المدن، حاملةً معها رمزية الكرم والهيبة، ونكهة التاريخ.
ثقافة 10/17/2025 6:18:00 AM
من طقوس الصوفيّة في اليمن إلى صالونات أوروبا الفكرية ومقاهي بيروت، شكّلت القهوة مساراً حضارياً رافق نشوء الوعي الاجتماعي والثقافي في العالم.