"العنف السياسي" يضرب مجدداً في دالاس… أين ومتى الهجوم التالي؟

"العنف السياسي" يضرب مجدداً في دالاس… أين ومتى الهجوم التالي؟

أين ومتى سيكون الهجوم التالي؟ ومن سيكون ضحية الأميركي العادي، المجهول تماماً، والمدجج بالسلاح والإيديولوجيا، والإيمان العميق بحقه في التعبير عن رأيه السياسي بالرصاص؟
"العنف السياسي" يضرب مجدداً في دالاس… أين ومتى الهجوم التالي؟
شرطيان بالقرب من موقع إطلاق النار في دالاس. (أ ف ب)
Smaller Bigger

صباح الأربعاء، صعد جوشوا جان إلى سطح مبنى مواجه لمركز يتبع وكالة الهجرة والجمارك في مدينة دالاس بولاية تكساس. من مكانه، أطلق "القناص" الشاب (29 سنة) النار على المركز الذي يُستخدم لاحتجاز مهاجرين غير شرعيين في الولاية الجنوبية، التي تقع على الحدود مع المكسيك. قتل واحداً منهم وجرح اثنين، قبل أن يقتل نفسه.
يوم عادي آخر في الولايات المتحدة. أميركي ليس على رادار أيّ وكالة، يقرّر لدوافعه الخاصة تسجيل موقف سياسيّ بأكثر الطرق تقليدية أميركياً: إطلاق النار.
ينقسم الأميركيون بشأن الوكالة الأشد نشاطاً منذ أطلق الرئيس دونالد ترامب يدها، ودعمها تمويلاً وعديداً بشرياً، وأمّن لها ما يلزمها من غطاء سياسي وقضائي. هم إما معها أو ضدها؛ معها لأنها تقضي على خطر ملايين غير الشرعيين الذين وصفهم ترامب بأنهم تجار مخدرات ومغتصبون ولصوص وآكلو حيوانات أليفة (إلخ…)، وضدها لأن أميركا لا يمكنها أن تتحول إلى دولة بوليسية يخاف فيها الأهل من إرسال أبنائهم إلى المدارس أو ذهابهم هم أنفسهم إلى العمل أو المستشفى خوفاً من غارات الوكالة الشرسة، وخوفاً من رميهم في معسكرات احتجاز وفصلهم عن أطفالهم وترحيلهم كيفما اتفق، حتى إلى بلاد بعيدة عن مساقط رؤوسهم.
وبعد نحو أسبوعين فقط من الاغتيال المدوي للناشط اليميني المحافظ تشارلي كيرك، وبعد أيام على تشييعه المهيب بحضور ترامب ونائبه جي دي فانس وستين ألف متضامن، وقع عنف شبيه بالأسلوب، وإن كان وقعه أقل بما لا يقاس من اغتيال الوجه السياسي الواعد. هذه الفترة القصيرة بين الهجومين الداميين حوّلت مخاوف الأميركيين إلى نوع آخر من العنف، ليس جديداً على أميركا بالطبع، هو العنف السياسي.

 

عناصر من شرطة دالاس يجرون تحقيقاً في موقع إطلاق النار على مركز لإنفاذ قوانين الهجرة والجمارك. (أ ف ب)
عناصر من شرطة دالاس يجرون تحقيقاً في موقع إطلاق النار على مركز لإنفاذ قوانين الهجرة والجمارك. (أ ف ب)

 

شهدت أميركا منذ بداية العام الحالي ازدياداً ملحوظاً في حوادث العنف السياسي. قبل كيرك، في حزيران/يونيو الفائت اغتيلت عضوة برلمان مينيسوتا الديموقراطية ميليسا هورتمان وزوجها. المهاجم نفسه انتقل إلى بيت آخر وأطلق النار على نائب ديموقراطي هو جون هوفمان وزوجته، اللذين نجيا مع إصابات عديدة. العنف لا ينتمي إلى طرف دون غيره، كما أن الاغتيال هو دائماً "مبادرة شخصية" من رجل ما، أبيض في أغلب الأحيان، قرّر أخذ الأمور على عاتقه، وبسلاحه الشرعيّ المرخّص.
حدّة الانقسام السياسي تنعكس عنفاً في الخطاب على المستويات كافة. معسكر ترامب لا يوفر مأساة للهجوم الشرس على المعسكر المضاد. وبينما كانت الوكالات الفيديرالية، وفي مقدّمها مكتب التحقيق الفيديرالي (FBI)، شديدة الحذر والرصانة في التعامل مع جرائم ذات دافع سياسي، لا يمتنع المدير الحالي للمكتب كاش باتل عن الاستنتاج السريع بعد ساعات على الحادث بأن دافع القناص إيديولوجي بدليل رصاصة كُتب عليها "ضد آيس". هذه السرعة في الاستنتاجات ليست من أعراف المكتب ورؤسائه. وباتل، المحسوب من جنود ترامب الأوفياء، يتسرع دائماً، خاسراً المزيد من ثقة الأميركيين المهزوزة به أصلاً، وفي الأغلب يكون فتيلاً لإشعال جدال سياسي يصبّ فيه ترامب الوقود على النار متّهماً "اليسار المتطرف الإرهابي" بالعنف الحاصل، وطالباً من "كل الديموقراطيين الإقلاع عن التهجم على وكالة الهجرة"، في اتهام غير مباشر بأن انتقاد الوكالة سبب في العنف ضدها.
وبينما أميركا تقترب من موعد الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر العام المقبل (435 مقعد نواب و33 مقعد شيوخ)، لا شيء يوحي بأن الطريق إلى هذه الانتخابات المصيرية لإدارة ترامب ستكون معبدة بخطابات اللين والوحدة، بل بحروب مواقف وخطابات ستستمر في التصاعد حتى حلول الموعد. والمواسم الانتخابية في الولايات المتحدة ترافقها، في الأيام العادية وليس الترامبية، زيادة في الأحداث الأمنية ذات الخلفية السياسية. بعد جريمة الأربعاء التي راح ضحيتها محتجزون بالقوة لدى الوكالة، باتت المقولة التقليدية في محلها: والسؤال أين ومتى سيكون الهجوم التالي؟ ومن سيكون ضحية الأميركي العادي، المجهول تماماً، والمدجج بالسلاح والإيديولوجيا، والإيمان العميق بحقه في التعبير عن رأيه السياسي بالرصاص؟

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً. 
مجتمع 11/21/2025 8:31:00 AM
تركيا وسواحل سوريا ولبنان وفلسطين ستكون من بين المناطق المستهدفة بالأمطار بعد إيطاليا