"الدولة الفلسطينية" تعزّزت في الأمم المتحدة... وترامب يطرح اليوم خطة سلام تقصي "حماس"
إنه بامتياز "يوم الدولة الفلسطينية" هنا في الأمم المتحدة. على مدى ثلاث ساعات جسّدت معظم الدول المتحدثة في مؤتمر "حل الدولتين" برئاسة سعودية – فرنسية مشتركة خيارها الواضح الذي سبق أن كرّسه "إعلان نيويورك" في تموز/يوليو الماضي: حلّ الدولتين هو الخيار الوحيد للسلام، ولا أمن ولا سلام لإسرائيل من دون قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، وهي دولة توالت الاعترافات الأوروبية بها وتكرّست في خطابات الأمس.
ووصف المتحدث باسم الخارجية الفرنسية باسكال كونفافري الحدث بأنه "يوم تاريخي من أجل السلام في المنطقة". وأضاف في حديث لـ"النهار" على هامش المؤتمر: "إنه يوم تاريخي من أجل حلّ الدولتين. بصراحة، قبل عام واحد فقط، كنتُ أظنّ أن هذا الحل في خطر اندثار حقيقي. ومن خلال الجهود المشتركة مع قيادة فرنسا والمملكة العربية السعودية، وكذلك جميع الشركاء في المنطقة، اتُخذت خطوات ملموسة للغاية".
وعلى رغم إقرار معظم القادة بأن هذه الخطوة ليست نهاية المطاف، بل بداية طريق صعب، حفلت الساعات الثلاث وما تلاها بالكثير من المواقف الحازمة من قادة عرب وغربيين، مدفوعة بلحظات عاطفية لدى الجانب الفلسطيني الحاضر في القاعة، والذي استمع إلى كلمة الرئيس محمود عباس عبر تقنية الفيديو بعد رفض الولايات المتحدة منحه والوفد المفترض تأشيرات دخول.
وإذ ركّزت الكلمات على خيار حلّ الدولتين، كان ثمة حرص من قادة كثر على تأكيد إدانة هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبالتالي إرفاق تبنّي ذلك الخيار بوجوب ألا يكون لـ"حماس" أي دور في حكم غزة، بل إن عباس كرّر في سياق إدانته للحركة حديثه عن أن الدولة الفلسطينية المقبلة ستكون "غير مسلحة"، داعياً "حماس" والفصائل جميعها إلى تسليم أسلحتها. وقال: "لن يكون لحماس دور في الحكم، وعليها وغيرها من الفصائل تسليم السلاح للسلطة الفلسطينية، لأننا نريد دولة واحدة غير مسلحة، وقانوناً واحداً، وقوات أمن شرعية واحدة".
وفي هذا الشأن قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في حديثه لـ"النهار": "لقد تحقّقت نتائج مهمة، منها للمرة الأولى صدور إدانة على مستوى الأمم المتحدة لحركة حماس بوصفها منظمة إرهابية، والتأكيد على أن حماس لن يكون لها أي مكان على الإطلاق في الحكم المستقبلي للدولة الفلسطينية. وهذا أمر بالغ الأهمية".

الرفض الأميركي والتهديد الإسرائيلي
ووفق مصادر ديبلوماسية عربية تحدثت إليها "النهار" في الأمم المتحدة، فإن تحديات كثيرة ستبرز تباعاً أمام مسار الدولة الفلسطينية، أبرزها الرفض الأميركي للخطوات الأوروبية، في ظل اقتناع متنام في أوساط عربية وغربية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتجه إلى إجراءات غير مسبوقة في الضفة الغربية تجعل قيام دولة فلسطينية متّصلة أمراً مستحيلاً.
ويشكل سؤال "اليوم التالي" اختباراً فعلياً أمام "إعلان نيويورك" في ظل رفض إسرائيل التجاوب مع متطلبات تنفيذ ولو بعض إجراءاته ذات العلاقة بالضفة الغربية مثلاً. ويقول كونفافري متحدثاً عن الأسئلة التي تسعى رئاسة المؤتمر إلى معالجتها: "كيف سيبدو اليوم التالي؟ ما هي التصوّرات لليوم التالي من حيث إعادة الإعمار، ومن حيث تثبيت الأمن والاستقرار، وأيضاً من حيث الاندماج الإقليمي؟ لقد اتُخذت خطوات قوية في هذا الاتجاه على مدى ثمانية أو تسعة أشهر من العمل. وهذا هو بالضبط ما يحدث اليوم في الأمم المتحدة".
وعمّا إذا كان يرى أن ثمة إمكانية فعلية لقيام دولة فلسطينية، أجاب: "نحن بالفعل نُنشئ هذه الترتيبات في هذا الاتجاه. الأولوية الأولى، والأولوية المطلقة، هي وقف إطلاق النار، ثم الإفراج عن الـ 48 رهينة الذين لا يزالون في قبضة حماس منذ السابع من أكتوبر 2023، وبعدها ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى أراضي غزة. هذا هو الأمر العاجل. لكن ما نقوم به هنا هو خلق أفق سياسي جديد، وفتح مسار آخر غير العنف فقط، والخروج من دائرة الحروب والعنف اللامتناهي، وهو ما سيساعد فعلياً في تحقيق وقف إطلاق النار هذا".
مقترح جديد من ترامب
ولا يخفى على الأطراف الداعمة لقيام دولة فلسطينية أن الموقف الأميركي بشأنها لن تغيّره قوة الدفع الدولي الذي شهده المؤتمر في الأمم المتحدة، وهذا على الأغلب ما سيبلغه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدد من القادة والمسؤولين العرب وآخرين من دول إسلامية في اجتماع اليوم الثلاثاء في الأمم المتحدة. لكن وفق موقع "أكسيوس"، فإن ترامب سيطرح عليهم مقترحاً للسلام ومستقبل الحكم في غزة بعد الحرب.
ومن المتوقع أن يحضر اللقاء مسؤولون من السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان. وسيؤكد ترامب خلال الاجتماع أن "حماس" لن يكون لها دور في حكم قطاع غزة.
وذكر الموقع أن خطة ترامب تتطلب من الدول العربية والإسلامية إرسال قوات عسكرية إلى غزة للمساعدة في انسحاب إسرائيل وتوفير تمويل عربي وإسلامي للمرحلة الانتقالية وإعادة الإعمار.
نبض