روبنسون… فتى أميركا النموذجي يقتل بطله المفترض

روبنسون… فتى أميركا النموذجي يقتل بطله المفترض

ابن الثانية والعشرين الذي أُعلن القبض عليه الجمعة بشبهة اغتيال تشارلي كيرك يكاد يكون نموذج هذا اليمين.
روبنسون… فتى أميركا النموذجي يقتل بطله المفترض
تايلور روبنسون. (ا ف ب)
Smaller Bigger

أحبط تايلور روبنسون آمال اليمين الأميركي المتطرف. ابن الثانية والعشرين الذي أُعلن القبض عليه الجمعة بشبهة اغتيال تشارلي كيرك يكاد يكون نموذج هذا اليمين. رجل، أبيض، من عائلة جمهورية محافظة متدينة، نشأ في بيت مدجج بالفخر باقتناء السلاح وتدريب أفراده منذ نعومة أظفارهم على الرماية الدقيقة. فوق ذلك، هو مهذب ومتفوق أكاديمياً.

 

ابن يوتاه البار هذا، الولاية التي تقع في قلب الغرب الأميركي "الحقيقي" المحافظ على قيم الدين والعائلة والدستور، من المفترض أن يكون آخر من يفكر بإسكات مبشّر مثل تشارلي كيرك، صنع كل مجده بالدفاع عن نموذج هذا الشاب بالتحديد، ضد هجوم "الآخر"، كل ما هو ليس أبيض مسيحياً محافظاً. "الآخر" الذي يمكن للائحة مواصفاته أن تطول بحسب كيرك، تختلط فيها القضايا بالأعراق بالمعتقدات، فتصير النسوية في سلة واحدة مع الليبرالية والإسلام وحقوق السود المدنية والمساواة والتنوع والهوية الجندرية ورفض التسلح وحق المرأة بالإجهاض.

 

أفنى كيرك عمره القصير وهو يحارب الأعداء المفترضين لقاتله الذي تبين أنه لا يمكن أن يكون أكثر أميركية مما هو عليه، بدءاً من اسمه، تايلر روبنسون.
ليس أفريقياً أميركياً. ليس مهاجراً مسلماً. ليس عابراً جنسياً. وليس انطوائياً غرق في حفرة أرنب على الإنترنت ليخرج منها إلى مدرسة ابتدائية ويقتل عشرات الأطفال لسبب لا يعرفه إلا هو. قاتل كيرك نفذ عملية الاغتيال باحتراف وبرودة أعصاب شديدين، وساعده في وصوله إلى سطح المبنى وفراره منه أن ليس في شكله ما يثير الشبهة، فهو مجرد شاب أبيض نحيل.

 

 

أفنى كيرك عمره القصير وهو يحارب الأعداء المفترضين لقاتله. (ا ف ب)
أفنى كيرك عمره القصير وهو يحارب الأعداء المفترضين لقاتله. (ا ف ب)

 

 

القاتل سلّمه والده الخميس إلى الشرطة، أبقى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتل الخبر طي الكتمان بانتظار إطلالة رب عمله، الرئيس دونالد ترامب، الجمعة في برنامج "فوكس" الصباحي كي يعلن القبض عليه. وبما أن روبنسون التزم الصمت، بناءً على حقه الذي يكفله له التعديل الخامس من الدستور، لم ترشح أي معلومات من التحقيق معه عن دوافعه لقتل تشارلي كيرك، بانتظار جلسة المحكمة الثلاثاء.

 

هكذا، لجأ الأميركيون إلى التحليل الذي تراوح بين حدين متنافرين: إما أن روبنسون بات يسارياً راديكالياً في السنوات الأخيرة، بسبب السموم التي تبثها الليبرالية في أذهان الطلاب، وإما أنه من أتباع حركة تطلق على نفسها اسم "غرويبرز"، مرشدها الروحي مؤثر شاب يدعى نيك فوينتس (27 سنة) تصل معتقداته وآراؤه إلى ما بعد بعد يمين كيرك، وهو وأتباعه، لم يوفروا فرصة للتهجم على الراحل قبل اغتياله لأنه "معتدل" يسعى للحفاظ على الوضع القائم في الحزب الجمهوري ولا يسعى مثل فوينتس وحركته إلى التغيير الراديكالي.

 

تايلر روبنسون متهم إذاً بالانتماء إلى متنافرين راديكاليين تامين لا يجمعهما جامع. فصام في الاستنتاجات يشبه الحالة التي تعيشها أميركا منذ اغتيال كيرك ثم القبض على قاتله. فإدارة ترامب أخذت تكريم الرمز الوطني على عاتقها لما يمثله من قيم وطنية "استُشهد" من أجلها. في الوقت نفسه، ترتفع فجأة، وبفارق هائل عما قبل الاغتيال، نسبة البحث عن مصطلح "الحرب الأهلية". وترمى على الطاولة كل أوراق الجدال الأميركي العتيق. عنف المجتمع المستدام، والعنصرية المتأصلة، والتدين، والمحافظة، والليبرالية، وغضب اليسار، وهجوم الإسلام، وصعود اليمين الأميركي وجرعات هرمون القوة التي تلقاها ولا يزال مع عودة الترامبية إلى واشنطن وحروب الرئيس الكبيرة والصغيرة ضد المهاجرين وضد المساواة والتنوع واليقظة وكل ما يمت إلى المعسكر الآخر بصلة. جدال سيأخذ حيزه الإعلامي والسياسي قبل أن يطفئه حدث آخر، أو يشعله من جديد إذا كان شبيهاً به، فيعاود الأميركيون النقاش، ويصاب الإنترنت، وربما الذكاء الاصطناعي، بالتخمة، وهما يبحثان عن أفضل تفسير لمصطلح "الحرب الأهلية".

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/2/2025 7:34:00 PM
أفادت شبكة "سي أن أن" الأميركية، استناداً إلى مصادر استخباراتية أوروبية، بأن هناك دلائل إضافية على جهود الجمهورية الإسلامية لإعادة تأهيل قدرات وكلائها، وعلى رأسهم "حزب الله"
ثقافة 11/1/2025 8:45:00 PM
بصمة لبنانية في مصر تمثّلت بتصميم طارق عتريسي للهوية البصرية للمتحف المصري الكبير.
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
أوروبا 11/2/2025 6:24:00 AM
إصابة عشرة أشخاص من بينهم تسعة يُرجَّح أن تكون إصاباتهم "مهددة للحياة".