ديبلوماسية المظهر… زيلينسكي يخلع زيه العسكري ويغيّر أسلوبه لاستمالة ترامب
مفاوضات جديدة، مظهر مختلف... استبدل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الملابس العسكرية التي لبسها منذ بدء الحرب مع روسيا في عام 2022، بملابس أكثر رسمية، خلال زيارته إلى البيت الأبيض يوم الاثنين لمقابلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقبل الاجتماع الذي ضمّ قادة أوروبيين أيضاً للبحث في المسألة الأوكرانية، استقبل ترامب نظيره الأوكراني قائلا: "أكاد لا أصدّق ما أرى، يعجبني كثيراً"، في إشارة إلى السترة السوداء بأزرار عالية والقميص الأسود المغلق الياقة اللذين تأنّق بهما زيلينسكي.
وردّ الأخير الذي أحجم عن ارتداء بزة تقليدية مع قميص فاتح وربطة عنق: "هذا أفضل ما لديّ". وارتسمت ابتسامات عريضة على وجهي الرئيسين اللذين تصافحا قبل التوجّه إلى الجناح الغربي للبيت الأبيض.
قد يبدو هذا تبادلاً بسيطاً، لكن تغيير زيلينسكي لملابسه يعكس التغيير في التكتيكات التي اتبعها في الأشهر التي تلت الاجتماع الكارثي في شباط، بحسب شبكة "سي أن أن". بعد ذلك مباشرة، بدأ في جهود احتواء الأضرار حيث شكر ترامب والولايات المتحدة علناً على دعمهما لأوكرانيا، وعمل على إصلاح علاقته بترامب.
هل أراد الرئيس الأوكراني إرضاء الرئيس الأميركي وبالتالي إعطاء دفع لديبلوماسية السلام، وهل كانت هذه إشارة مبكرة على استعداده لتقديم بعض التنازلات؟
تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" في هذا الإطار" إن بدلة زيلينسكي "ترسل رسالة إلى واشنطن"، لافتة أيضاً الى أن إطراء ترامب، المهووس بالمظهر أكثر من معظم قادة العالم، الذي بدا عفوياً كان في الواقع مليئاً بالمعاني.
بدلة رسمية وامتنان
خلال الزيارة الأخيرة لفولوديمير زيلينسكي إلى البيت الأبيض في 28 شباط، انتقد الصحافي براين غلين المقرّب من التيار المؤيد لترامب المعروف بـ"ماغا" الرئيس الأوكراني قبل أن يتعرض هذا الأخير على الهواء مباشرة لهجوم عنيف من ترامب ونائبه جاي دي فانس.
ويؤكّد الرئيس الأوكراني أن لباسه الاعتيادي المستوحى من الزيّ العسكري هو عربون تضامن مع القوّات المسلّحة.
لكن سبق له أن ارتدى بزّة سوداء وقميصا أسود من توقيع المصمّم الأوكراني فيكتور أنيسيموف، بعد اجتماع شباط الكارثي، في جنازة البابا فرنسيس في نيسان، وفي قمة الناتو في حزيران في هولندا، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
وبعد ستة أشهر، دخل براين غلين مجدّداً على الخطّ في المكتب البيضوي. وقال متوجّها لزيلينسكي: "تبدو رائعاً في هذه البدلة".
فسارع الرئيس الأميركي إلى التعليق مربّتاً على كتف نظيره الأوكراني: "قلت له ذلك أيضاً"، قبل أن يوضّح له بشأن غلين "هو الذي هاجمك المرّة الماضية". فردّ زيلينسكي مبتسماً: "أتذكّر ذلك".
ولم يكتفِ الرئيس الأوكراني الذي أتى إلى البيت الأبيض لحثّ ترامب على عدم التخلّي عن بلده في وجه روسيا بتبديل هندامه واعتماد لهجة ممازحة، بل شكر أيضاً مضيفه بإلحاح كبير.
وقال: "شكراً على الدعوة وشكراً جزيلاً على ما تبذلونه من مجهود، من جهود شخصية لوضع حدّ للقتل وإنهاء هذه الحرب".

وخلال الاجتماع الأخير في شباط/فبراير، اتّهم جاي دي فانس الرئيس الأوكراني بالجحود، معاتباً إيّاه لأنه "لم يقل ولو لمرّة واحدة شكراً" على عشرات مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي قدّمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا. وهذه المرّة، فضّل نائب الرئيس الأميركي الذي شارك في اللقاء المنعقد في المكتب البيضوي لزوم الصمت، أقلّه أمام الصحافيين، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وفي هذا الاطار، قالت صحيفة "التلغراف" إن الزي الرسمي والامتنان الذي أظهره زيلينسكي لترامب جنّب تعرضه لهجوم ثانٍ في المكتب البيضاوي، وأشارت الى أن أسابيع من تدريب القادة الأوروبيين له حيال كيفية تعامله مع ترامب آتت ثمارها.
رسالة لميلانيا ومضرب غولف لدونالد
كذلك، تسلّح الرئيس الاوكراني خلال اجتماعه الثاني مع نظيره الأميركي بسلاحين سريين شكلا "طريق زيلينسكي الى قلب ترامب"، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الإلكترونية: مضرب غولف لدونالد، ورسالة لزوجته ميلانيا.
كان مضرب الغولف هدية رمزية، حيث أعلن مكتب الرئيس الأوكراني صباح الثلاثاء أن كوستيانتين كارتافتسيف، وهو رقيب صغير فقد ساقه في الأشهر الأولى من الغزو الروسي أثناء إنقاذ رفاقه في المعركة، قد أعطاه لزيلينسكي ليقدمه إلى ترامب. وقال مكتب زيلينسكي: "أصبح الغولف جزءاً من إعادة تأهيل كارتافتسيف".
كما قدم زيلينسكي إلى ترامب رسالة كتبتها زوجته أولينا زيلينسكا إلى ميلانيا ترامب، تعرب فيها عن امتنانها لجهود نظيرتها الأميركية في مناشدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعادة 20 ألف طفل أوكراني مختطف إلى أقاربهم.
قال زيلينسكي وهو يسلم الرسالة إلى ترامب: "اسمحوا لي أن أشكر زوجتك. لأنها أرسلت رسالة بشأن أطفالنا، وزوجتي، السيدة الأولى لأوكرانيا، أعطتها الرسالة".
ومن المؤكد أنه ستكون هناك مناقشات أكثر صعوبة في المستقبل. وسيحتاج زيلينسكي إلى الضغط على ترامب للتأكد من أن بوتين لن يحدد شروط أي اتفاق. لكنه من الواضح أنه تعلم الدرس من اجتماع شباط الكارثي. زيلينسكي غيّر مظهره، لكن هدفه لم يتغيّر، وهو المحافظة على الدعم والسعي نحو سلام لم يُحسم بعد، لكن طريق السلام لا يزال طويلًا ومليئاً بالتحديات المقبلة.
نبض