لماذا خرج ترامب "منهكاً" من قمة ألاسكا؟

فَكّرَتْ في إطلاق إنذار الحريق، أو ادعاء حالة طبية طارئة، لإنهاء الوضع.

هذا ما تحدثت عنه مستشارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السابقة لشؤون الكرملين فيونا هيل حين روت تجربتها مع المؤتمر الصحافي الذي أعقب قمة هلسينكي سنة 2018. حينها، دعم ترامب موقف نظيره الروسي فلاديمير بوتين حين قال إنه لم يتدخل في انتخابات 2016 الرئاسية.

من أكثر ما طبع قمة هلسينكي صورة ترامب الشهيرة التي أظهرته متعباً من القمة، في مقابل خروج بوتين مزهواً ومسروراً. ويبدو أن قمة ألاسكا حملت انطباعاً مشابهاً.

قمة هلسينكي

"هذا ما صدمني"

في حديثه إلى "سي أن أن"، قال جون بولتون، مستشار آخر لترامب في ولايته الأولى، إن الرئيس "بداً متعباً جداً، هناك"، في ألاسكا. وأضاف: "أعني أنه متعب جداً، ليس خائب الأمل، متعب. وعلينا أن نفكر بما يعنيه ذلك".

وذكر آخرون أن ترامب لم يكن الوحيد الذي بدا عليه الإرهاق الشديد خلال القمة. مراسل شبكة "أم أس أن بي سي" بيتر ألكسندر قال بعد نهاية القمة: "ما صدمني هو تعابير وجوه العديد من أعضاء الوفد الأميركي هنا، (الناطقة باسم البيت الأبيض) كارولاين ليفيت و(الموفد الخاص) ستيف ويتكوف اللذين دخلا الغرفة، ثم غادرا بسرعة. بدت ليفيت متوترة بعض الشيء وقلقة. كانت عيونهما واسعة، وشاحبة تقريباً في بعض الأحيان".

حتى مراسلة شبكة "فوكس نيوز" المؤيدة للرئيس جاكي هينريتش قالت إن "الشعور في الغرفة لم يكن جيداً، لم يبدُ أن الأمور سارت على ما يرام، وبدا كأن بوتين أتى إلى هنا واجتاح (القاعة)، وقال ما أراد أن يقوله ثم حصل على صورته إلى جانب الرئيس وغادر".

بالفعل، كان "الاجتياح" واضحاً للغاية حين استهلك كلام بوتين أكثر من ثلثي وقت المؤتمر الصحافي المشترك، مع غرقه، كما العادة، في تفاصيل تاريخية. على العكس من ذلك، كان كلام ترامب عمومياً ومقتضباً ومكرراً.

لغة الجسد

من غير المرجح إذاً أن تكون الصور الصادرة عن القمة مجرد لقطات عابرة وحسب. فإلى جانب الصور التي تتغير من لحظة إلى أخرى، نقل متخصصون في لغة الجسد الفكرة نفسها.

(قمة ألاسكا - أب)

قال عالم النفس بيتر كوليت لـ"سكاي نيوز" البريطانية إن نزول ترامب الحذر من الطائرة الرئاسية عكس جزئياً تقدمه في العمر، لكن أيضاً خوفاً محتملاً مما ينتظره. وبالرغم من أن ترامب بدا في بعض الأحيان مهيمناً كما حصل عند المصافحة، بدا أحياناً أخرى متعباً، وأظهر إشارات في الشفاه والجسد تدل إلى أنه كان معرضاً للضعف.

وانعكس تعب ترامب تغيراً كبيراً في الموقف السياسي من التهديد بـ"تداعيات خطيرة" إذا فشل الاجتماع، إلى تأجيل للعقوبات، لكن أيضاً، إلى تخليه عن فكرة وقف إطلاق النار لمصلحة دعم اتفاقية سلام.

سؤال أخير

هل يكفي تقدير ترامب الشخصي لبوتين لتفسير هذا الانقلاب المفاجئ؟ هذا احتمال. لكن الاحتمال الآخر هو أن يكون بوتين قد استخدم لغة التهديد النووي. قبل ثلاثة أشهر، ذكرت هيل، المستشارة السابقة لترامب، كيف "شَحُب" وجه الرئيس عندما أظهر الإعلام الروسي سنة 2018 محاكاة لصاروخ فرط صوتي يستهدف أرضاً تشبه فلوريدا. وأضافت أن ترامب يحترم بوتين لأنه "قلق من تبادل نووي".

تناولت تقارير سابقة تهديدات مبطنة أو مباشرة وجهها بوتين لقادة أوروبيين. لكن توجيه تهديدات نووية إلى رئيس القوة العظمى أمر مختلف تماماً.

قمة ألاسكا انتهت. بعكس الأسئلة عما دار في أروقتها.