مواجهة ترامب وبوتين المحتملة في أوكرانيا... أيّ خيارات؟

تُعد سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه الأزمة الأوكرانية من بين السياسات التي اتبعت نهجاً مغايراً للإدارات الأميركية السابقة، ولا سيما إدارة سلفه جو بايدن، إذ سعى ترامب إلى اعتماد مقاربة تقوم على التهدئة والتفاوض المباشر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع تركيزه على إعادة إحياء دور الولايات المتحدة كوسيط رئيسي في تسوية النزاعات الدولية.
ومع تصاعد الأزمة في أوكرانيا، برزت خيارات متعددة للحل، تراوحت بين المسارات الديبلوماسية التي تراعي مصالح موسكو وواشنطن، والإجراءات التصعيدية مثل فرض العقوبات أو تقديم الدعم العسكري لكييف. ويبدو أن ترامب كان يسعى إلى تحقيق توازن بين الحد من النفوذ الروسي من جهة، وضمان المصالح الأميركية من جهة أخرى، في إطار طموحه لتقديم نفسه كـ"صانع سلام"، وربما كمرشح محتمل لنيل جائزة نوبل للسلام عبر تسوية شاملة.
المعضلة الأساسية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حسن منيمنة أن الموقف الأميركي بات يتقاطع في بعض ملامحه مع الرؤية الروسية حول مآل الحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى وجود "إقرار ضمني" أميركي بانتصار روسيا، مع تركيز الإدارة الأميركية على كيفية تنظيم توقيت هذا الانتصار بعيداً عن الخطابات الاستعراضية.
ويضيف منيمنة، لـ"النهار"، أن "واشنطن لا تزال ترى أن الحل يتمثل في وقف المعارك ومنح روسيا ما تريده، مع سعيها لأداء دور الوسيط وصانع الصفقة". لكنه يلفت إلى أن بوتين، من وجهة نظر أميركية، "لا يبدو في عجلة" من أمره، مستفيداً من تقدّمه الميداني والدعم الديبلوماسي الذي تحققه موسكو في المحافل الدولية.
ويرى منيمنة أن "المشكلة الأميركية تكمن في دفع روسيا نحو حلّ سريع، مع الإدراك أن واشنطن لا تستطيع علناً دعم اقتطاع أراضٍ أوكرانية، لأنه يتعارض مع مبادئها المُعلنة بشأن وحدة هذه الأراضي".
ويشير منيمنة إلى أن واشنطن تسعى لتحذير موسكو من سلبيات تأجيل التسوية، قائلاً إنها يمكن أن تقدّم ضمانات بعدم انضمام كييف إلى "الناتو"، وربما صفقات تجارية بين روسيا وأوكرانيا. لكنه يوضح أن "كل ذلك قد لا يكون كافياً لإقناع موسكو، ويبدو أن بوتين يسعى لمزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية، وتهميش الدور الأوروبي في أوكرانيا".
ويضيف أن "أميركا لا ترغب في إقصاء أوروبا كلياً، لكنها في الوقت ذاته تسعى إلى حلّ سريع".
خيارات ترامب
ويرى الباحث في الشأن الأميركي توفيق طعمة أنّ ترامب يملك مجموعة واسعة من الخيارات، أبرزها فرض عقوبات اقتصادية قاسية على قطاعات الطاقة والمصارف والتكنولوجيا الروسية، بالإضافة إلى استهداف الدائرة المقربة من بوتين.
ويضيف في حديثه لـ"النهار"، أن ترامب قد يمارس ضغوطاً على الحلفاء الأوروبيين لفرض عقوبات جديدة على روسيا.
في المقابل، لا يستبعد طعمة أيضاً إمكان تلويح ترامب بالتقارب مع موسكو إذا قدّمت تنازلات، مثل الانسحاب من بعض المناطق الأوكرانية.
ومن السيناريوات المحتملة أيضاً، أن يعلّق الرئيس الأميركي الدعم العسكري والمالي لكييف بهدف دفعها إلى طاولة المفاوضات، أو على العكس، قد يصعّد الموقف عبر تعزيز الدعم العسكري لها، بحسب مجريات الوضع الميداني.
وإذا فشلت المساعي التفاوضية، يرى طعمة أن ترامب قد ينسحب من الملفّ الأوكراني كليّاً، ويترك للأوروبيين مهمّة إنهاء الحرب، إذ "لا يرغب بالدخول في مواجهة مباشرة" مع موسكو.
ويشير إلى أن قرارات ترامب ستتأثر بعوامل عدّة، أهمّها توجّهات الحزب الجمهوري، وآراء القاعدة الانتخابية التي تميل إلى تقليص الدعم لأوكرانيا وتفضّل توجيه الموارد نحو الداخل الأميركي. وتبقى التطورات الميدانية على الأرض عاملاً حاسماً في تحديد مسار سياساته.