لماذا قد ترتاح إيران لنهج ترامب في أوكرانيا؟

لماذا قد ترتاح إيران لنهج ترامب في أوكرانيا؟

أكثر من مؤشر إلى اختلاف ولايته الثانية عن الأولى
لماذا قد ترتاح إيران لنهج ترامب في أوكرانيا؟
الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية (أ ب)
Smaller Bigger

لا تبدو الأنباء الواردة عن طريقة تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع أوكرانيا مزعجة لإيران. فالرؤية الأميركية القائمة على المقايضات السريعة بعيداً من الشراكات التاريخية تخدم هدف طهران بالتحرر من عزلتها الدولية.

 

ما قاله ونستون تشرشل يوماً عن عدم وجود صداقات أو عداوات دائمة بل فقط مصالح دائمة يجد في سياسات ترامب أفضل مثل عملي. وبإمكان إيران أن تساعد الرئيس الأميركي على تحقيق مصلحة بعيدة المدى: اتفاق نووي يحمل توقيعه.

 

الجائزة المنتظرة

قيل الكثير عن أن سبب ترامب الأول لتمزيق الاتفاق النووي الموقع سنة 2015 هو أنه يحمل توقيع سلفه باراك أوباما. الفرصة مناسبة الآن ليبرم ترامب صفقة تحمل اسمه. وبعبارة أخرى، أنه لم يحمل توقيعه الخاص. الفرصة مناسبة الآن ليحقق ترامب هذا الهدف. وتماماً كما يرغب الرئيس الأميركي بتخليد اسمه كحامل سلام بين روسيا وأوكرانيا، سيرغب بتكرار إنجاز مماثل مع إيران. والعداوة بين الطرفين، بما فيها اتهام وزارة العدل إيران بمؤامرة لمحاولة اغتيال ترامب، قد لا تحول دون الصفقة. في الواقع هي قد تشجع أكثر على مثل هكذا اتفاق.

 

تحدث مناصرو الرئيس مراراً عن استحقاقه جائزة "نوبل" للسلام، وقد تكون إيران إحدى البوابات الأساسية لهذه الجائزة. في شباط (فبراير)، قال مستشاره لشؤون الأمن القومي مايك والتز: "سيقوم بإنهاء الحرب في أوروبا. سيقوم بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط. وهل تعلمون؟ سنحصل على جائزة نوبل وهي موضوعة بجانب اسم الرئيس دونالد جيه ترامب".

 

وسيط إضافي

بعد الانفتاح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ستزداد احتمالات توسط موسكو في صفقة أميركية مع طهران، هذا إن لم تكن قد ازدادت فعلاً. ذكرت "بلومبرغ" الثلاثاء أن روسيا وافقت على مساعدة إدارة ترامب في التفاوض حول البرنامج النووي. قال الكرملين الأربعاء إن المحادثات المستقبلية بين روسيا والولايات المتحدة ستشمل النقاش حول برنامج إيران النووي، وهو موضوع تم التطرق إليه سريعاً في الجولة الأولى من المحادثات بين الطرفين الشهر الماضي. وهذا ما أكده أيضاً الاثنين الناطق باسم وزارة الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي.

 

لكن اللافت في تقرير "بلومبرغ" إشارته إلى أن ترامب هو الذي نقل هذا الاهتمام إلى بوتين خلال المكالمة الهاتفية بينهما الشهر الماضي. وهذا يعني إن صحت معلومات "بلومبرغ" أن ترامب كان المبادر إلى هذه الخطوة، وبعبارة أخرى، كان أول من قدم التنازل.

 

تغير الوضع

صحيح أن ترامب وقّع بسرعة على حملة جديدة من الضغط الأقصى على إيران، لكن تلك الخطوة تجسد تكتيكاً تفاوضياً أكثر منه كونه استراتيجية لإسقاط النظام. وهو قال على أي حال إنه "غير سعيد بالتوقيع عليها". ينقل هذا الأمر المراقبين إلى النقطة التالية: ولاية ترامب الثانية مختلفة.

 

أبرز ما يميز الإدارة الثانية لترامب غياب "الصقور" المتشددين تجاه إيران مثل مايك بومبيو وجون بولتون ونيكي هايلي وإليوت أبرامز وبراين هوك. ساهم هؤلاء إلى حد كبير في صياغة استراتيجية ترامب ضد إيران، حتى أن الرئيس طلب من بولتون دخول إدارته من أجل التمهيد السياسي والقانوني للخروج من الاتفاق النووي. اليوم، بات ترامب متحرراً من هذه السياسات، وكما أظهر الملف الأوكراني، أياً يكن "الصقور" الذين لا يزالون يخدمون الإدارة الحالية، فهم ملتزمون تماماً بخطوط ترامب العريضة. "التخلص من النظام الإيراني" كهدف نهائي أصبح من الماضي وإيران تدرك هذا الواقع. يفسر ذلك إلى حد بعيد سبب جرأة طهران على التشدد مؤخراً في رفض التفاوض مع الإدارة الحالية بعدما أبدت بعض الليونة عقب فوز ترامب.

 

أوكرانيا مجدداً

إذا كان لأوكرانيا أن تقدم أي دليل على الموضوع، فسيكون بالإمكان قول إن التفاصيل قد لا تقف عائقاً أمام أهداف ترامب الكبيرة. فهو اعترف بأنه "لا يهتم كثيراً" بالشروط المحددة للاتفاق بين روسيا وأوكرانيا، طالما أنه يوقف القتل في نهاية المطاف. يتعين انتظار ما إذا كان "عدم اهتمام" ترامب بالتفاصيل قد يسهّل على الإيرانيين المهمة أكثر مما هي سهلة أساساً، بالنظر إلى تطور برنامجهم النووي وتحولهم عملياً إلى دولة تقف على عتبة الاختراق النووي.

 

وفي ما يتعلق بالمشادة الكلامية الأخيرة في البيت الأبيض بين ترامب ونائبه جيه دي فانس وفولوديمير زلينيسكي، والتي يبدو أنه كانت لفانس الكلمة العليا فيها بعد تقديم الرئيس الأوكراني ما يشبه الاعتذار، يمكن أن يرجّح فانس السياسة الأميركية باتجاه اتفاق مع إيران. ففانس قال في تشرين الأول (أكتوبر) إن لدى الولايات المتحدة وإسرائيل مصالح "متمايزة أحياناً" وإن "عدم الذهاب إلى حرب مع إيران" هو من مصلحة واشنطن.

 

تظهر المؤشرات لغاية اليوم أن احتمالات التفاوض بين ترامب وإيران أكبر من احتمالات التصادم. إذا تبين فعلاً أن ولاية ترامب الثانية مختلفة إيرانياً عن ولايته الأولى فالمفاجأة لن تكون كبيرة حقاً.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 12/18/2025 3:34:00 PM
إعلام عبري: روي أمهز تفاصيل عن "إحدى أكثر مبادرات حزب الله سرية وتمويلاً، وهو مشروع استراتيجي وإبداعي وطموح أُطلق عليه اسم "الملف البحري السري"
سياسة 12/19/2025 11:14:00 AM
الجيش الإسرائيلي: كشف أمهز أنه كان يشغل منصباً مركزياً في "الملف البحري السري"، وأدلى بمعلومات استخبارية حساسة عن الملف
مجتمع 12/18/2025 1:31:00 PM
كيف سيكون طقس اليومَين المقبلَين؟