إعلام البيت الأبيض الجديد… كم تحب الرئيس ترامب؟
"ما أكثر شيء تحبه في دونالد ترامب؟".
لم يوجه براين غلين هذا السؤال إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائه الرئيس الأميركي ونائبه وآخرين في المكتب البيضوي.
اللقاء الذي تحول إلى مشادة بين الضيف الأوكراني ومستضيفه الأميركي، ولم يسجل تاريخ البلد، أو أي بلد آخر، شبيهاً له، بدأه غلين بطرحه سؤالاً فظاً بشأن ثياب الضيف الذي تخوض بلاده حرباً مع روسيا منذ العام 2022. وهو لم يكن سؤالاً بل أقرب إلى تصريح استنتج منه المراسل أن زيلينسكي لا يحترم المكتب البيضوي، وبالتالي الرئيس، والأرجح أنه حضر فتيل إحراق أعصاب ترامب الذي أشعله جاي دي فانس باستكمال استجواب زيلينسكي عن سبب عدم شكره ترامب، مكرراً التعبير عن خيبته من جحود الحليف الأوكراني.
الأريحية التي تمتع بها غلين في مخاطبة الضيف تعود إلى ثقته البالغة بعلاقته بترامب. فالمراسل ذو الشعبية الهائلة لدى جمهور "ماغا" له مكانة خاصة عند الرئيس، وهو الذي أخذ على عاتقه منذ سنوات تغطية كل نشاطات الرئيس بعد خسارته الانتخابات، وعلى رأسها القضايا التي لاحقته في السنوات الأربع الفائتة.
غلين، وصديقته هي مارجوري تايلور غرين شخصياً، النائبة الترامبية حتى العظم في الكونغرس، ينتمي مثلها إلى المدرسة الترامبية في أن الأميركي الحقيقي هو الأميركي الجريء الذي يسمي الأمور بأسمائها من دون خوف من الصوابية السياسية، أو قلق من اتهام بالوقاحة وتخطي اللياقة العام وعدم احترام مشاعر الآخرين.
الإعلامي، نجم "ماغا" المكرّس، لديه سؤال مفضل غير استنطاق الضيوف في اختيار ما يرتدون، وهو أن يعرف إلى أي درجة يحب الناس ترامب. ليس مراسلاً تقليدياً بالطبع، لذا فهو بالتحديد النموذج الذي يريد البيت الأبيض الجديد إحاطة الرئيس به.
عندما أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت الأسبوع الفائت أن الإدارة ستبدأ اختيار المراسلين لتغطية نشاطات الرئيس ضمن press pool، بدلاً من جمعية مراسلي البيت الأبيض، قدمت الخطوة باعتبارها انتصاراً للشعب الأميركي.
هذه المهمة تتكفل بها الجمعية منذ أكثر من قرن، وتختار ممثلي وسائل الإعلام مداورة لتغطية نشاطات الرئيس في الأماكن الضيقة التي لا تتسع لنحو ألفي مراسل معتمدين، كالمكتب البيضوي أو على متن الطائرة الرئاسية، تلحظ التنوع في توجهات هذه الوسائل كما يفترض أن تضمن توجيه "الأسئلة الصعبة" للرئيس.
لكن ترامب كان خلال فترته الأولى على عداء مع معظم وسائل الإعلام التقليدية، وعلى خصومة شخصية مع الكثير من ممثليها، هو الذي لا يوفر مناسبة لا يوجه فيها سبابته إلى حيث يقف المراسلون والعدسات مطلقاً تسميته المفضلة عليهم: الميديا الزائفة.
ترامب يعرف أن الإعلام اليميني المحافظ الذي شكل رافعة أساسية له هو ذاك غير التقليدي، معظمه يأتي عبر مؤثرين وصانعي محتوى بودكاست وفيديوهات وقنوات ومواقع صغيرة لكنها شديدة التأثير والانتشار بين جمهوره. هؤلاء هم بالتحديد من يفتح لهم ترامب بابي مكتبه وطائرته.
مجموعات من "أصحاب الرأي" وليسوا "ناقلي خبر" كما تصفهم "بوليتيكو". هؤلاء لن يطرحوا أسئلة نقدية على الرئيس بل سيكونون أقرب إلى مشجعين.
وفي العادة المتبعة، فإن ممثل كل وسيلة إعلامية في المجموعة المختارة عليه أن يكون عين زملائه في الوسيلة المشابهة، إن مطبوعة أو مرئية، أي يفترض به أن تكون فيه مواصفات الصحافي التي تبدي وسائل الإعلام التقليدية تخوفها من عدم توافرها في الإعلام الجديد الوافد، كما تسأل عن قدرته على توفير مصاريف تغطية نشاطات الرئيس التي تتطلب سفراً وإقامة وغيرها مما تدفعه وسائل الإعلام نفسها ولا تحمله لدافع الضرائب الأميركي.
مع السؤال الاستغرابي بشأن عدم ارتداء زيلينسكي بدلة رسمية خلال لقائه ترامب، يبدو أن المركب قد أبحرت بمراسلين من نوع آخر سيشكلون مع الرئيس ذي الأعصاب المتحفزة دائماً، أخباراً عاجلة من نوع آخر كذاك الذي شهدناه أخيراً، أو سؤال قادة من العالم كم يحبون ترامب ويحترمونه.
في الوقت نفسه، تُدفع بعيداً عن الرئيس وكالات مثل "رويترز"ِ ويستمر منع وكالة "أسوشييتد برس" من الدخول إلى البيت الأبيض برمته لأنها رفضت تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا. هذا مع العلم أن الوكالة تأسست عام 1846.
نبض