تولسي غابارد… زرعت في التقدمية وحصدت في الترامبية لتصبح مديرة "العقل الاستخباري"

دوليات 14-02-2025 | 07:42

تولسي غابارد… زرعت في التقدمية وحصدت في الترامبية لتصبح مديرة "العقل الاستخباري"

بدءاً من الأربعاء، غابارد هي مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية التي تضم 18 وكالة استخبارية منها وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي واستخبارات الجيش وسلاح الجو والدفاع والمارينز، إلى آخر القائمة.
تولسي غابارد… زرعت في التقدمية وحصدت في الترامبية لتصبح مديرة "العقل الاستخباري"
غابارد تتوسّط زوجها وترامب بعد توقيعه تفويضاً رسميّاً بتعيينها مديرة للمخابرات الوطنية الأميركية. (ا ف ب)
Smaller Bigger

"ألوها" تحية تخص ولاية هاوي. لدى نزولك أرض مجموعة الجزر البعيدة بشدة عن أميركا، وهي مع ذلك جزء منها، يرحب بك سكانها بـ"ألوها"، وباللفظ نفسه يودعونك.

لهذا اللفظ بُعد آخر غير الاستقبال والوداع. هو تعبير روحي عن العلاقة العميقة بين القلب والعقل وعن مشاعر المحبة واللطف والتعاطف.

تبدو تولسي غابارد أفضل من طبّق "الألوها" عملياً في حياتها السياسية التي بكّرت في خوض غمارها نائبة في المجلس التمثيلي لهاواي وهي في الحادية والعشرين من عمرها (عام 2002). اليوم، وقد بلغت أكثر من ضعف العمر الذي بدأت به، يبدو أنها خاضت مراراً وتكراراً تلك المعركة التقليدية بين ما يريده القلب وما يراه العقل صحيحاً، وقد غلّبت عقلها دائماً.

بدءاً من الأربعاء، غابارد هي مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية التي تضم 18وكالة استخبارية منها وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيديرالي واستخبارات الجيش وسلاح الجو والدفاع والمارينز، إلى آخر القائمة. حصلت على 52 من أصل مئة صوت في مجلس الشيوخ، بعد استجواب طويل وانتقادات ديموقراطية طاولتها كشخص غير موثوق به يتسلم مركزاً شديد الحساسية، كالذي سمّاها له ترامب بعيد فوزه في الانتخابات الأخيرة. بعدها توجهت إلى المكتب البيضوي برفقة زوجها وأقسمت اليمين تحت نظر رئيسها الذي لم يكف عن الابتسام لها، هو الذي تخوف سابقاً من فشلها في عبور تصويت الكونغرس لخصومتها مع الديموقراطيين، وتوجس الجمهوريين الدائم منها.

بعد سنة من انضمامها إلى مجلس نواب هاواي، انخرطت غابارد في الحرس الوطني لجيش الولاية. ولم تلبث أن غادرت إلى العراق 
لتخدم هناك سنة كاملة شكّلت خلالها موقفها الذي سيستمر معها بعد ذلك، وهو العداء للحركات الإسلامية ورفضها حروب أميركا في الخارج.

لم تعاود الترشح لمقعدها النيابي، واختارت بدلاً من ذلك متابعة تحصيلها العلمي وخدمتها العسكرية التي ختمتها بالانضمام إلى الاحتياط برتبة عالية بدءاً من عام 2021. مجيئها إلى واشنطن كان عام 2013 نائبة ديموقراطية عن ولايتها، واستقبلت النائبة "الجونيور" بحماسة من رفاقها في الحزب وباتت نائبة رئيس اللجنة الوطنية الديموقراطية. 

شابة رياضية عسكرية مفعمة بحيوية جزيرتها، صفات تفتح أبواباً للسياسية المتحمسة التي لا تجبن عن قول رأيها كما هو، كما لا تتردد في اعتزال رفضها السابق لزواج المثليين وحقوق الإجهاض بقبولها هذين الخيارين الديموقراطيين. وفي الولاية الثانية لباراك أوباما، كان للتقدميين في الحزب صعود في فئاته الشابة كما في قواعده السياسية وممثليه في الكونغرس. وغابارد التي وصلت عام 2016 إلى ولايتها الثالثة في مجلس النواب، اختارت دعم الرفيق الاشتراكي بيرني ساندرز في مواجهة هيلاري كلينتون وسياساتها التقليدية المؤيدة لحرب العراق. ولما لم تذهب الرئاسة لأي من المتنافسين، وجدت غابارد نفسها أمام سؤال الـ"ألوها"، وبين قلبها وعقلها، اختارت البراغماتية ولم تتردد في لقاء الرئيس المنتخب حينها دونالد ترامب، في خطوة ذكية سياسياً لشخص طموح، وغير محسوبة بدقة لديموقراطي صاعد.

في العام التالي، 2017، قامت بخطوتها الأوسع، من واشنطن إلى دمشق دفعة واحدة، حيث التقت رئيس النظام السابق بشار الأسد. ومع أنها لاحقاً دافعت عما فعلته، من باب أن البديل الوحيد من الأسد ستكون "القاعدة" أو "داعش" أو "النصرة"، لكنها أعلنت في الوقت نفسه أن الأسد تعهد لها المضي قدماً في تحويل سوريا إلى ديموقراطية بعدما أقنعته بفوائدها. زيارتها لسوريا جعلتها عرضة لهجوم الجمهوريين وانتقادات الديموقراطيين معاً. وبدا أن رحلة انفصالها عن حزبها بدأت، لكن ليس قبل أن تجرب حظها لمرة أخيرة معه، مرشحةً في الانتخابات التمهيدية الديموقراطية للمقعد الرئاسي في وجه بيرني ساندرز وجو بايدن وكامالا هاريس. "القوة" ورفض الحروب كانا جوهري خطابها الانتخابي في مواجهة ترامب، لتنال بذلك من ساندرز وبايدن، وتذبذب مواقف هاريس التي تعرضت لهجوم مستمر من غابارد خلال المناظرات التي جمعت المرشحين. 

مع أنها دعمت بايدن بعد انسحابها من الانتخابات التمهيدية، إلا أنها، وقد خرجت من الكونغرس، بدأت رحلة تحولها من ديموقراطية تقدمية إلى ترامبية مع إطلاقها بودكاست خاصاً راحت تهاجم فيه الديموقراطيين وإدارة بايدن، قبل أن ترتد إلى محافظة في ما خص حقوق المثليين والعابرين وحقوق الإجهاض. وأكملت دورة كاملة بإعلان خروجها من الحزب الديموقراطي إلى مستقلة، ثم جمهورية ستدعم مرشحين جمهوريين من الذين شككوا في نتائج الانتخابات، وتشبّه بايدن بأدولف هتلر، لتصل إلى تبني كل المظالم الترامبية، وتنخرط في حملته الانتخابية بحماسة وتصميم شديدين ليكون المنصب  الرفيع والحساس مكافأتها لقاء المخاطرة الكبيرة في تحولها من النقيض إلى النقيض، من دون أن ترمش عيناها الطامحتان. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
لبنان 11/20/2025 4:27:00 PM
نوح زعيتر ينحدر من قرية (الكنيسة) في أقصى البقاع الشمالي اللبناني المحاذي لسوريا، ويحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي.  
لبنان 11/20/2025 5:35:00 PM
الحادثة وقعت خلال وجود أولاد الزوجين في المدرسة، الذين صُدموا لدى عودتهم بالمشهد المؤلم في داخل المنزل