عشرة أيام أولى من التصويب في الاتجاهات: دونالد ترامب عاد إلى البيت الأبيض لينتقم

هناك ما يشبه الحملة الشاملة لتنفيذ كل وعود ترامب الانتخابية دفعة واحدة. أغلق ملف أحداث ٦ كانون الثاني بإعفاء ١٥٠٠ من المشتبه بهم والمحكومين فيها. وشنّ حربه على المهاجرين غير النظاميين، ولحقهم إلى أطفالهم المولودين على التراب الأميركي يريد أن ينزع عنهم الجنسية.
عشرة أيام أولى من التصويب في الاتجاهات: دونالد ترامب عاد إلى البيت الأبيض لينتقم
نشطاء يحتجون على سياسة الهجرة لدونالد ترامب (أ ف ب)
Smaller Bigger

اختتمت واشنطن، ومعها الولايات المتحدة، الأيام العشرة الأولى من عودة دونالد ترامب بمشهد مثير: مئات أضواء الإنذار ليل الأربعاء - الخميس كانت تلمع فوق نهر البوتوماك، الذي يفصل بين مطار رونالد ريغان في فيرجينيا والعاصمة، ومروحيّات تدور في السماء، ومنقذون يبحثون في الماء المثلج عن ضحايا حادث الاصطدام المرعب بين طيارة مدنية ومروحية عسكرية، حيث يقع المبنى الذي تتبع له (البنتاغون) على بعد بضعة كيلومترات عن الحادث، وهي المسافة ذاتها بينه وبين البيت الأبيض.

الحادث الذي لا علاقة مباشرة له بإجراءات الإدارة الجديدة، أقلّه حتى الآن، بدا خاتمة رمزية للعاصفة المستمرة مذ أدّى ترامب القسم الرئاسي في العشرين من كانون الثاني (يناير)، وانطلق بتوقيع عشرات الأوامر التنفيذية والمذكّرات وخلافها من المواقف والقرارات التي تطايرت في كل اتجاه، من كولومبيا التي أعلن حرباً اقتصادية عليها وعلى مواطنيها إذا استمرت برفض المرحَّلين إليها، إلى غزة التي يريد أن يخليها من فلسطينييها حتى إشعار آخر صوب مصر والأردن، إلى الداخل الأميركي الذي يقاتل ترامب فيه على الجبهات كافة، وبكثافة في اللكمات وسرعة عاليتين تجعلان خصومه في الحزب الديموقراطي في حالة عدم اتزان للردّ.

هناك ما يشبه الحملة الشاملة لتنفيذ كل وعود ترامب الانتخابية دفعة واحدة. أغلق ملف أحداث 6 كانون الثاني بإعفاء 1500 من المشتبه بهم والمحكومين فيها، وشنّ حربه على المهاجرين غير النظاميين، ولحقهم إلى أطفالهم المولودين على التراب الأميركي يريد أن ينزع عنهم الجنسية، وهو أمر تنفيذي أوقفه موقتاً قاض فدرالي. قضى على كل البرامج التي تضمن التنوع في التوظيف، ثم أوقف التوظيف الفدرالي، قبل أن تدبّ فوضى عارمة بعدما قرر تجميد تريليونات الدولارات من القروض والمنح الفدرالية، ليعود فيتراجع عن هذا القرار الذي أثار استياء طرفي الكونغرس.

وفي دليل واضح على أنه لن يغفر لخصومه خلال فترة ولايته السابقة وما بعدها، كان أحد أول قرارات وزير دفاعه بيت هيغسيث إلغاء الحراسة والحماية والتصريح الأمني للجنرال مارك ميلي، قائد القوات المسلّحة المتقاعد، الذي خرج صدامه مع ترامب خلال ولاية الأخير إلى العلن. خطوة وزير الدفاع بحق قائد عسكري برتبة ميلي وتاريخه تعتبر إهانة لمنصبٍ لديه مكانة كبيرة في الوجدان الأميركي، بغضّ النظر عن شخص الجنرال؛ وقد أمر الوزير المفتشَ العام في الدفاع بفتح تحقيق في سلوكه حتى يتمكّن من "تحديد ما إذا كان من المناسب إعادة فتح القرار في رتبته العسكرية".

تجريد ميلي من امتيازاته، وفتح تحقيق بحقه، رسالة قاسية، ليست بحق الجنرال الذي منحه الرئيس السابق جو بايدن عفواً رئاسياً تحسّباً من انتقام ترامب منه، بل هي رسالة إلى كل خصوم ترامب الأول، والموظفين الكبار الحاليين في مختلف الأجهزة والإدارات وصولاً إلى البنتاغون.

الإجراء الانتقامي الآخر، بمفعول رجعي، خصّ ترامب به الجامعات المتّهمة من اليمين الأميركي المحافظ بأنها باتت وكراً لمعاداة السامية، خصوصاً الطلاب الذين عارضوا الحرب على غزة، من دون فرقٍ ما بين أجانب وأميركيين. ففي أمرٍ تنفيذي ذي مفعول رجعي، طالب ترامب وزارة العدل باتخاذ إجراء فوري لملاحقة المشتبه بقيامهم بتهديدات إرهابية وحرق وتخريب وعنف بحق اليهود الأميركيين. وهدّد ترامب جميع الأجانب المقيمين الذين انضموا إلى احتجاجات الجهاديين بالقول "سنعثر عليكم، وسنرحّلكم، ونلغي تأشيرات الطلاب لجميع المتعاطفين مع حماس في الحرم الجامعي".

في خضم فلسفة ترامبية جارفة في الكونغرس والإدارة، يبدو من المستحيل التمييز بين معاداة السامية ومعاداة الحكومة الإسرائيلية، كما من المستحيل التفريق بين مناصرة غزة، أو حتى القضية نفسها، وبين مناصرة "حماس" والسابع من تشرين الأول (أكتوبر). وما يبدو مقلقاً للطلاب والأساتذة الأجانب، ممن شاركوا في تظاهرات واعتصامات في جامعاتهم، أن السلطة التي ستفصل في قرار بقائهم في أميركا، أو طردهم منها وإلغاء تأشيراتهم، وحتى إلغاء الإقامة الدائمة (غرين كارد) لمن يحملها منهم، منحازة ضدهم، ورئيسها التنفيذي لم يخفِ إصراره على طردهم من أميركا، لأنّهم متعاطفون مع "حماس"، بينما تتكفّل تهمة معاداة السامية بمظلتها المطاطة والواسعة بمقاضاة الأميركيين ممن لا يملك حق طردهم، ويتمسّكون بالتعديل الأول من الدستور الذي يكفل الحق بحرية التعبير.

ما سبق هو بعضٌ من الهجوم على المحاور كافة الذي فتحه ترامب في أول عشرة أيام، مثيراً زوابع سياسية وحقوقية متنقّلة على طول أميركا وعرضها، ومباغتاً خصومه جميعاً، سياسيين وإعلاميين ومنظمات حقوقية، وهم لا يكادون يذهلون لأمر تنفيذيّ حتى يعاجلهم بآخر، عاملاً على مدار الساعة على النفخ في العواصف.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 9:32:00 AM
طقس الأيام المقبلة في لبنان