عادت قضية المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية السابقة يفعات تومر يروشالمي، لتتصدّر المشهد في تل أبيب، بعد نقلها إلى المستشفى، إثر تعرّضها لما وُصف بـ"الحادث الصحي". الانتكاسة الصحية حصلت عقب تقارير أشارت إلى محاولة انتحارها، وكنتيجة للضغوط التي تلقّتها خلال الأونة الأخيرة، بعد استقالتها من منصبها وإطلاق تحقيقات بتهم مرتبطة بها.

التحقيقات، التي بدأت بحق يروشالمي، مرتبطة بتهم تشمل الاحتيال وخيانة الأمانة وإساءة استخدام المنصب وعرقلة سير العدالة وتسريب موادّ سريّة، في ما يُعرف بقضية "تسريب فيديو سدي تيمان"؛ وهو فيديو جرى تسريبه صيف عام 2024، وفيه يظهر جنودٌ إسرائيليون وهم يُسيئون معاملة معتقل فلسطيني احتجز خلال الحرب في قطاع غزة بشكل جسيم.

القضية بدأت مع انتشار الفيديو وإطلاق الجيش الإسرائيلي تحقيقات حيال إساءة معاملة أحد المعتقلين، بعد انتشار الفيديو الذي أثار ضجّة واسعة عربياً ودولياً. التحقيق أدى إلى توجيه لائحة اتهام جنائية إلى خمسة جنود احتياط إسرائيليين في شباط/ فبراير 2025. وفي 31 تشرين الأول/ أكتوبر، أعلنت يروشالمي استقالتها من منصب المدعية العامة العسكرية، لأنها سمحت بتسريب الفيديو.

تذرّعت يروشالمي بمحاولة التصدّي لدعاية "مغرضة" ضد القسم القانوني في الجيش المسؤول عن الحفاظ على سيادة القانون في داخل القوات المسلحة، وقالت إن الإدعاء العام العسكري تعرض لحملة "تشويه" طوال فترة الحرب على غزة. وأوضحت بأنه يجب التحقيق دائماً في شبهات ممارسة العنف حتى ضد أسوأ المعتقلين.

لم يتم توجيه أيّ تهم قضائية حتى الآن ضد يروشالمي أو أي من الضباط الآخرين الذين تم استجوابهم. وأمرت محكمةٌ بإبقائها رهن الاحتجاز حتى السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر. وأفرج عنها يوم الجمعة الماضي لتقضي فترة إقامة جبرية لمدة 10 أيام بموجب قرار قضائي. ويجري التحقيق أيضاً في شبهات بأن التسريب تمّ التستر عليه لاحقاً من خلال تقديم تقارير كاذبة حول مصدره إلى المحكمة العليا والنائب العام الإسرائيلي.

معسكر سدي تيمان.

مصدر فلسطيني يكشف بعض التفاصيل عن معسكر اعتقال سدي تيمان الذي يقف خلف قضية يروشالمي، ويشير إلى أنه المكان الذي يُحتجز فيه عدد من مقاتلي "حماس"، الذين شاركوا في هجوم 7 أكتوبر ، بالإضافة إلى مقاتلين آخرين جرى اعتقالهم خلال الحرب. وثمّة روايات كثيرة بشأن سوء سمعة المعسكر وعمليات التعذيب التي تحصل في داخله.

تقول المصادر إن قضية يروشالمي أعادت إلى الواجهة قضيتين، الأولى مرتبطة بالنظام القضائي وخطة "الإصلاح" المثيرة للجدل التي حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فرضها لتقويض سلطة القضاء في إسرائيل، وأثار انقساماً بين الإسرائيليين؛ والثانية متعلّقة بالمعاملة الوحشية التي تستهدف المعتقلين الفلسطينيين.

في المحصّلة، فإن قضية المعتقل الفلسطيني وتعذيبه أطاحت بالمدّعية العامة العسكرية في إسرائيل، والأنظار تتجه نحو كيفية تعامل القضاء معها في مقبل الأيام في ظل الحملة السياسية العنيفة التي تتعرّض لها، والتي ستفتح الباب نحو عودة الحديث عن خطة "الإصلاح" القضائي. لكن المؤكّد أن حالة الحرب التي تختبرها إسرائيل ستؤجّل النقاش الحاد إلى وقت يكون متأخراً.