تجّار إيران وطلابها أسقطوا نظام الشاه... هل يتكرّر السيناريو مع نظام خامنئي؟

ايران 30-12-2025 | 14:35

تجّار إيران وطلابها أسقطوا نظام الشاه... هل يتكرّر السيناريو مع نظام خامنئي؟

صحيفة "جيروزاليم بوست" ألقت الضوء على هؤلاء التجّار ومدى نفوذهم وتأثيرهم على السياسات العامة في إيران.
تجّار إيران وطلابها أسقطوا نظام الشاه... هل يتكرّر السيناريو مع نظام خامنئي؟
التظاهرات في إيران (أ ف ب).
Smaller Bigger

تتجه الأنظار إلى إيران وشوارعها الغارقة بالتظاهرات التي انطلقت يوم الأحد الفائت إثر التدهور الاقتصادي الحاصل والتضخم النقدي. هذه التظاهرات التي انضم إليها طلاب الجامعات كان قد أطلقها تجّار احتجاجاً على ارتفاع سعر الصرف المحلي. 

صحيفة "جيروزاليم بوست" ألقت الضوء على هؤلاء التجّار ومدى نفوذهم وتأثيرهم على السياسات العامة في إيران، واستذكرت محطات تاريخية تمكّن هؤلاء التجّار من الضغط لتغيير بعض السياسات الاقتصادية، وصولاً إلى إضعاف نظام الشاه والمساهمة في إسقاطه، وفق ما ذكرت الصحيفة.

فمن هم هؤلاء التجّار وماذا في سجلاتهم السياسية؟

لعبت طبقة "تجار البازار" كما يطلق عليها في إيران، على مرّ القرون، دوراً سياسيًا بارزاً، إذ مثّلت ركيزة اقتصادية وقوة دافعة في أوقات الأزمات الوطنية. وانطلاقًا من وجودهم في الأسواق والبازارات التقليدية لمدن مثل طهران وأصفهان وتبريز ومشهد، ارتبط البازاريون ارتباطاً وثيقاً بشبكات رجال الدين من خلال الأوقاف الدينية، ما منحهم نفوذاً مالياً وسلطة معنوية، وفق "جيروزاليم بوست".

وقد برز هذا التحالف سياسياً خلال احتجاجات التبغ (1891-1892)، حين أجبر إغلاق البازارات ومقاطعة رجال الدين شاه القاجاري على إلغاء امتياز بريطاني، ومرة أخرى خلال الثورة الدستورية (1905-1911)، حين ساهمت إضرابات التجار وإغلاق البازارات في فرض قيود دستورية على السلطة الملكية. 

تكرر هذا النمط في خمسينيات القرن الماضي، عندما دعم البازاريون حركة محمد مصدق للتأميم، وبلغ ذروته في عامي 1978-1979، حين حرمت إضرابات البازارات المتواصلة دولة بهلوي من الإيرادات والإمدادات اللوجستية، مما عجل بانهيار النظام الملكي.

وحتى في ظل الجمهورية الإسلامية، التي انبثقت في الأصل من هذا التحالف بين رجال الدين والبازارات، أعاد البازاريون تأكيد نفوذهم دورياً من خلال الإضرابات والاحتجاجات، لا سيما خلال فترات الضائقة الاقتصادية أو انهيار العملة.

إذاً، ووفق "جيروزاليم بوست"، فإن البازار أكثر بكثير من مجرد سوق. فهو محرك تاريخي دفع إيران في اتجاه أو آخر. لكن السؤال الذي تطرح الصحيفة هو: هل يضرب البازاريون بدافع الاستياء المالي فحسب، أم أنهم أيضاً ضد النظام؟

حاولت الجمهورية الإسلامية استرضاءهم وسعت إلى معالجة الفوضى المالية التي أحدثتها. فيوم الاثنين، عيّن النظام وزير الاقتصاد السابق عبد الناصر همتي رئيساً جديداً للبنك المركزي. وكان سلفه قد أُقيل في آذار (مارس) بسبب التضخم المتصاعد. لكن خلال الأشهر الثمانية التي تولى فيها همتي منصب وزير الاقتصاد، فقد الريال الإيراني ما يقارب نصف قيمته مقابل الدولار، وفقاً لبعض التقديرات.

كما ألقت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية باللوم على سياسات التحرير الاقتصادي الأخيرة التي انتهجتها الحكومة في زيادة الضغط على سعر الصرف في السوق المفتوحة.

وسعى الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان أيضاً إلى تهدئة استياء الشعب، فكتب على وسائل التواصل الاجتماعي مساء الاثنين: "إن معيشة الشعب هي شاغلي اليومي. لدينا إجراءات أساسية على جدول الأعمال لإصلاح النظام النقدي والمصرفي والحفاظ على القدرة الشرائية للشعب. وقد كلفت وزير الداخلية بالاستماع إلى المطالب المشروعة للمتظاهرين من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من العمل بكل قوتها لحل المشاكل والاستجابة بمسؤولية".

"نهاية النظام"
تحدثت صحيفة "جيروزاليم بوست" مع عدد من الأشخاص، داخل إيران وخارجها، ممن يتابعون الأحداث عن كثب، وقد تباينت ردود أفعالهم. فقد قال أحد الإيرانيين: "عندما ينتفض التجّار، فهذا يعني نهاية النظام".

بينما ذكر آخرون أن التجّار لم يخرجوا إلى الشوارع لإسقاط الجمهورية الإسلامية كحركة سياسية، بل لتحسين أوضاعهم المالية فحسب، وأنهم لا ينوون التضحية بحياتهم من أجل قضيتهم.

أهمية دور الطلاب
إلى ذلك، اعتبر آخرون أن أهم فئة قادرة على إحداث تغيير حقيقي هي الطلاب، وهي فئة أخرى لعبت دوراً بارزاً في إسقاط النظام الملكي عام 1979.

وقال مراقب آخر للصحيفة: "كنا ننتظر لنرى ما إذا كان الطلاب سينضمون". وبعد وقت قصير، انضم طلاب جامعات عدّة إلى هذه التظاهرات.

وتبقى الأنظار متجهة نحو رد فعل الحكومة. حتى الآن، أطلقت قوات الأمن المسلحة الغاز المسيل للدموع على الحشود في محاولة لتفريقها، لكن النظام لم يُطلق العنان بعد لأدوات قمعه الأقوى، مثل الباسيج.

اللافت أن التظاهارت حملت شعارات سياسية وليس اقتصادية فحسب، وفق الصحيفة العبرية، فقد تعالت الأصوات التي ندهت "الموت للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي"، وسط استياء من سياسته المتمثلة في دعم حلفاء إيران بمليارات الدولارات، في حين يعاني الاقتصاد الإيراني.

وكان من بين الهتافات التي سُمعت: "لا لغزة، لا للبنان. أضحي بحياتي من أجل إيران".

وبالتالي، فإن إيران ستكون موضع مراقبة في الأيام والأسابيع المقبلة لمعرفة أفق الحركة الاحتجاجية الجديدة، ومدى خطورتها على النظام في ظل أطماع إسرائيلية واضحة باسقاطه، وتهديدات أميركية وإسرائيلية حقيقية بضربات جديدة.

 

تظاهرات إيران (أ ف ب).
تظاهرات إيران (أ ف ب).

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/29/2025 6:20:00 PM
القادة هم: أبو عبيدة ومحمد السنوار ومحمد شبانة ورائد سعد وأبو عمر السوري.
اقتصاد وأعمال 12/29/2025 5:34:00 AM
"بات من مصلحة المكلفين التصريح عن مداخيلهم وتسديد الضرائب ضمن المهل القانونية، تفاديا لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم"
لبنان 12/29/2025 12:37:00 PM
سمير جعجع دعا إلى عدم التصويت لمحور الممانعة أو "التيار الوطني الحر"
سياسة 12/29/2025 7:00:00 AM
صباح الخير من "النهار"...إليكم أبرز الأخبار والتحاليل لليوم الاثنين 28 كانون الأول / ديسمبر 2025