ماراثون كيش يشعل شرارة الغضب... هل ينتهي عصر الحرّيات القصير في إيران؟

ايران 12-12-2025 | 15:40

ماراثون كيش يشعل شرارة الغضب... هل ينتهي عصر الحرّيات القصير في إيران؟

منذ أسابيع قليلة، وبعد سلسلة أحداث في إيران، بدا أن القيود الاجتماعية على النساء تعود تدريجاً.
ماراثون كيش يشعل شرارة الغضب... هل ينتهي عصر الحرّيات القصير في إيران؟
إيرانيتان تمارسان رياضة الجري في حديقة بارديسان شمال غرب طهران. (أ ف ب)
Smaller Bigger

بعد حرب الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل (من 13 إلى 24 يونيو/حزيران 2025)، شهدت الجمهورية الإسلامية ارتفاعاً ملحوظاً في الحريات الاجتماعية، حتى إن قرار مجلس الشورى الإسلامي بحرمان النساء غير المحجبات من الحقوق الاجتماعية لم يُنفَّذ، بتعليمات مباشرة من الرئيس مسعود بزشكيان.
لكنه منذ أسابيع قليلة، وبعد سلسلة أحداث، بدا أن القيود الاجتماعية على النساء تعود تدريجاً.
بدأ التراجع عندما قدَّم وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل خطيب تقريراً عن وضع لباس النساء والفتيات الإيرانيات إلى آية الله علي خامنئي في تشرين الثاني/نوفمبر 2025، فأمر المرشد الأعلى الرئيس باتخاذ "إجراءات رادعة".
بعدها عادت الشرطة والقضاء وأئمة الجمعة للهجوم على ما يصفونه بـ"الانفلات والعري"، كما وقّع 155 نائباً، من أصل 290 في البرلمان، رسالة إلى رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي، ينتقدون فيها بشدة "التقصير والإهمال والتساهل" من مؤسسات الدولة في مواجهة "غير المحجبات".



شرارة ماراثون كيش
الحدث الذي فجَّر غضب التيار المتشدد، وكثَّف معارضته للحريات الاجتماعية، هو ماراثون كيش، الذي أقيم في جزيرة كيش، جنوبي إيران، الأسبوع الماضي (5 كانون الأول/ ديسمبر 2025)، بمشاركة أربعة آلاف رجل وامرأة تقريباً.
رغم أن المنظمين أجروا سباق الرجال والنساء منفصلين تماماً تجنباً للجدل، فإن المتشددين هاجموا بشدة مشاركة عدد من النساء والفتيات من دون الحجاب الإلزامي.
أعلن المدعي العام في جزيرة كيش فتح ملف قضائي ضد المنظمين، لأنهم "أخلّوا بالعفة العامة، رغم التنبيهات السابقة بضرورة الالتزام بالقوانين والأنظمة"، بحسب قوله، كما أُعلن عن توقيف شخصين على خلفية الحدث.
وفي الخطاب الرسمي للجمهورية الإسلامية، تُعتبر أي فعالية لا تتقيد بالمعايير المطلوبة من النظام "إخلالاً بالعفة العامة"، كما حصل في حالات رقص الفتيات الصغيرات في احتفالات المدارس التي أثارت جدالات متكررة في السابق.
النائب علي شيرينزاد علّق معارضاً الماراثون: "في الوقت الذي تظهر فيه رياضياتنا الإيرانيات في المحافل الدولية محجبات بالكامل، يحققن البطولات ويعرضن صورة المرأة الإيرانية العفيفة الكريمة على العالم، كيف يُقام ماراثون للنساء في جزيرة كيش بدون حجاب؟".
من جهتها، زعمت وكالة "مهر" التابعة لمنظمة الإعلام الإسلامي الحكومية أن "كيش وصلت اليوم إلى درجة أنه عندما يُذكر اسمها يتبادر إلى أذهان الكثيرين الانفلات بدل التنمية والجمال. ولا يمكن تحمّل ما يجري في كيش اليوم!".
جزيرة كيش كانت دائماً منطقة هادئة ومفضلة لعيش الإيرانيين، وغياب التشدد الاجتماعي من جانب السلطات هو السبب الرئيسي الذي دفع الكثيرين إلى الاستثمار والإقامة في هذه الجزيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ 35-40 ألف نسمة.
حتى بنك "سامان" الخاص، الراعي المالي للماراثون، تعرض لهجوم المتشددين الذين اتهموه بـ"عدم حماية البيانات الشخصية للعملاء".

 

إيرانيات يقرأن الكتب خلال فعالية في طهران. (أ ف ب)
إيرانيات يقرأن الكتب خلال فعالية في طهران. (أ ف ب)

 

بزشكيان: لا تدفعوا الناس إلى كراهية النظام
بلغ حجم الهجمات على ماراثون كيش حَدّاً دفع بزشكيان إلى التدخل في جلسة مجلس الوزراء، فانتقد المتشددين بشدة قائلاً: "لا ينبغي أن نعمل شيئاً يجعل الناس ينفرون من الجمهورية الإسلامية ويصبحون غير راضين. لا يجوز فرض قيود غير مبررة على الناس أو الضغط عليهم؛ كل إجراء يولّد سخط الشعب هو بالضبط مساعدة للكيان الصهيوني".
وأضاف الرئيس الإيراني: "لماذا لا تظهرون أي حساسية تجاه هذه المشكلات؟ لكن حالما تُرى مخالفة صغيرة في مكان ما يبدأ البعض بالصراخ وا إسلاماه؟".

 

عودة الإغلاقات وتشديد الرقابة
في الأسابيع الأخيرة، أُغلقت مجدداً عشرات المقاهي والمطاعم في مدن إيرانية بسبب عدم تطبيق قانون الحجاب أو تقديم مشروبات كحولية، وحذّرت السلطات القضائية والشرطة من أن الإغلاقات ستكون "دائمة" من الآن فصاعداً.
وتُظهر مشاهدات ميدانية من المطاعم والمنتجعات في طهران أن أصحاب المطاعم مُلزمون بتفتيش الطاولات بأمر الشرطة، وإذا وُجدت مشروبات كحولية يُطلب من الزبائن مغادرة المكان فوراً.

 

هل تنفجر احتجاجات جديدة؟
يرى بعض علماء الاجتماع والمحللين أنه إذا لم يتراجع المتشددون والمؤسسات الحاكمة عن مواقفهم في تقييد الحريات الاجتماعية، خصوصاً في مسألة الحجاب الإلزامي، فإنه نظراً إلى التجارب السابقة والضغوط الاقتصادية غير المسبوقة (التضخم والبطالة)، وخصوصاً بعد حرب الـ12 يوماً، التي وصفها وزير الاقتصاد الإيراني أخيراً بأنها تركت "وضعاً اقتصادياً سيئاً جداً"، فإن احتمال اندلاع حركات احتجاجية واسعة مرتفع جداً.
لهذا السبب يحذّر خبراء أمنيون من أن النظام الإيراني يجب أن يتجنب في هذه المرحلة الحساسة أي قرار أو إجراء من شأنه إشعال فتيل الاحتجاجات، لأن التقييمات تشير إلى احتمال تدخل إسرائيل ومشاركتها في أي احتجاجات مستقبلية تحت شعار "دعم الشعب الإيراني".


الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
المشرق-العربي 12/11/2025 6:15:00 AM
قذائف المزّة والعمليتان اللتان لم يفصل بينهما شهر تحمل رسائل تحذيرية إلى الشرع وحكومته، والرسالة الأبرز مفادها أن القصر الرئاسي تحت مرمى الصواريخ.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:25:00 AM
إنّها المرة الأولى التي تتهم المنظمة "حماس" وفصائل أخرى بارتكاب جرائم ضد الانسانية.
المشرق-العربي 12/11/2025 2:10:00 PM
شدد على ضرورة منح المحافظة حكماً ذاتياً داخلياً أو نوعاً من الإدارة الذاتية ضمن سوريا كوسيلة لحماية الأقليات وحقوقها.