وداعاً للأحزاب التقليدية البريطانية... أهلاً بالشعبوية!

أوروبا 02-11-2025 | 19:17

وداعاً للأحزاب التقليدية البريطانية... أهلاً بالشعبوية!

باتت نسبة الرضى عن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر  بين الناخبين، بحسب استطلاع أخير للرأي أجرته "يوغوف"، ناقصة 51 في المئة، علماً أنها كانت 25 في المئة حينما تسلّم السلطة قبل 16 شهراً.
وداعاً للأحزاب التقليدية البريطانية... أهلاً بالشعبوية!
ستارمر يقف أمام طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون" خلال زيارة لشركة "بي إيه إي سيستمز" في وارتون، شمال إنكلترا. (أ ف ب)
Smaller Bigger

الانهيار التدريجي الذي عانت منه زعامة كير ستارمر منذ أشهر، بلغ قبل أيام حدّاً غير مسبوق، حمل العديد من المراقبين على كتابة ورقة نعيه، مع أن هذا الموت المعلن لا يقتصر عليه كشخص فحسب، وإنما يطاول نمط السياسة التي يمثلها.
تسابقت استطلاعات الرأي والنتائج الانتخابية على الأرض لتأكيد تراجع أسهمه، فقد تكبّد خسائر انتخابية فادحة، كان آخرها في انتخابات فرعية لبرلمان ويلز المحلي الأحد الماضي، والتي حلّ فيها مرشحه ثالثاً بفارق كبير، على رغم هيمنة حزب العمال الحاكم عليها تاريخياً.
باتت نسبة الرضى عن رئيس الوزراء البريطاني بين الناخبين، بحسب استطلاع أخير للرأي أجرته "يوغوف"، ناقصة 51 في المئة، علماً أنها كانت 25 في المئة حينما تسلّم السلطة قبل 16 شهراً.
يُؤخذ عليه افتقاره إلى الكاريزما وتأرجحه بين خيارات متناقضة بشأن مسائل جوهرية، وتردده في اتخاذ قرارات مهمة. غير أن "موته المعلن" لا يعود فقط إلى ضعف مهاراته القيادية، فاستطلاع "يوغوف" يدل على تحولات عميقة في التوازنات الحزبية، إذ أعطى كلاً من العمال والمحافظين 17 في المئة، والإصلاح 27، والخضر 16، والأحرار الديموقراطيين 15. وبذلك تكون أسهم العمال قد تراجعت منذ فوزه بالانتخابات بنحو 20 نقطة.
إن صعود "الإصلاح"، ممثل اليمين الشعبوي، ليس جديداً. والمفاجئ هو وصول "الخضر"، الذي جنح بقوة إلى اليسار، إلى هذا المستوى، مع أن أسهمه لم تزد عن 6 في المئة في انتخابات العام الماضي. واللافت أن "الخضر" يتصدر الأحزاب كافة في أوساط الشباب، إذ حقق 40 في المئة بين ناخبي الفئة العمرية (18-24 سنة)، وكان "العمال" أقرب منافسيه (21 في المئة).
زاك بولانسكي، الذي فاز بزعامة "الخضر" قبل نحو شهر، مختلف عن السياسيين التقليديين. فهو يهودي معادٍ لسياسات إسرائيل، مثلي، يساري، متحدث بارع استطاع أن يزيد عدد الأعضاء بنسبة مئة بالمئة ليصبحوا أكثر من 150 ألف عضو، أي أكثر بـ25 ألف عضو من حزب المحافظين الذي تأسس قبل قرنين وحكم البلاد لأكثر من مئة عام. وبولانسكي ماضٍ في استقطاب المزيد، فيما يتعثر حزب يساري شعبوي جديد، ويتراجع حزب "الإصلاح" جراء انقسامات داخلية و"فضائح" متكررة.

 

زعيم حزب الخضر زاك بولانسكي. (اكس)
زعيم حزب الخضر زاك بولانسكي. (اكس)

 

لكن نجاحات الشعبويين هي، في الأساس، على حساب الأحزاب التقليدية عموماً، في مشهد يعيد إلى البال تجارب فرنسا وإيطاليا، حيث أخلت الأحزاب العتيقة الميدان لقوى سياسية جديدة.
في هذه الأثناء، أخذ مراقبون يكتبون ورقة النعي لستارمر لأنه لن يستطيع استعادة المبادرة قبل الانتخابات المحلية في اسكتلندا وويلز والانتخابات البلدية أواسط العام المقبل. لكن هل يتعرض حزبه للتهميش، وهو لم يتذوق بعد طعم سلطة افتقدها على امتداد عقدٍ ونصف عقد؟
المدّ الشعبوي الجارف علامة على قنوط الناخب من تَخشّب السياسة والسياسيين وفقدان ثقته بجدواهم، ما يفسر ظاهرة الامتناع عن المشاركة في العملية الانتخابية. غير أن الشعبويين لا يمثلون الحل على المدى الطويل، فهم يعدون بالكثير من خارج السلطة، وحين يصلون إليها يكتفون بالشكوى ووضع العصيّ في العجلات. تجربة المتطرف الهولندي خيرت فليدرز، الذي تدل التقارير الأولية على خسارته في انتخابات الثلاثاء الماضي، تؤكد ذلك.
تعزز الشعبوية على المدى الطويل خيبة الأمل بالسياسة. ويدل سجلّ فاراج على أنه قادر على الشكوى أكثر منه على إيجاد الحلول. أما بالنسبة إلى بولانسكي، ومعه روب جيتين زعيم "دي 66" المرشح لتشكيل الحكومة الهولندية الجديدة، فالتحدي يتصل بوضع برامج إيجابية واقعية يمكنها أن تغيّر حياة المجتمع نحو الأفضل.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 11/1/2025 8:19:00 AM
من هي الدول المشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير؟ 
سياسة 11/1/2025 3:32:00 PM
برّاك: "آلاف الصواريخ المنتشرة في جنوب لبنان ما زالت تشكل تهديداً حقيقياً لإسرائيل"...
ثقافة 11/1/2025 8:45:00 PM
بصمة لبنانية في مصر تمثّلت بتصميم طارق عتريسي للهوية البصرية للمتحف المصري الكبير.
اقتصاد وأعمال 10/31/2025 9:15:00 AM
جدول جديد لأسعار المحروقات