اتهامات خطيرة في ألمانيا... هل يتجسّس نواب حزب "البديل" لصالح الكرملين؟

أوروبا 01-11-2025 | 07:35

اتهامات خطيرة في ألمانيا... هل يتجسّس نواب حزب "البديل" لصالح الكرملين؟

تقدّم نواب من حزب "البديل" في تورينغن بنحو 47 استفساراً برلمانياً حيال مواضيع تفصيلية في مجالات الدفاع وطرق الإمداد العسكرية، ما أثار الريبة والشك.
اتهامات خطيرة في ألمانيا... هل يتجسّس نواب حزب "البديل" لصالح الكرملين؟
تجمّع لمناصري حزب "البديل من أجل ألمانيا". (رويترز)
Smaller Bigger

أثارت تصريحات وزير داخلية ولاية تورينغن الألمانية غيورغ ماير، قبل أيام، زوبعة سياسية وأمنية خطيرة في البلاد، بعد اتهامه نوّاب حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، بصفتهم جهة رقابية في برلمان الولاية، بتكثيف استجواباتهم للحكومة بشأن قضايا تتعلق بالبنية التحتية الحيوية للبلاد، بما يوحي أنهم يعملون وفق توجيهات أو قوائم أوامر من الكرملين.
لكن ما أسس هذا الاشتباه؟ وما المعطيات المتوفّرة؟ وما حدود الحق الدستوري الذي كفله القانون للنواب في طرح الأسئلة، خصوصاً حين تتعلق بمعلومات حساسة قد تشكل خطراً أمنياً على ألمانيا؟

البنية التحتية الحيوية
بحسب ما تداوله الوسط السياسي في عدد من الولايات، فإن نواباً من حزب "البديل" في تورينغن تقدّموا بنحو 47 استفساراً برلمانياً حيال مواضيع تفصيلية في مجالات الدفاع وطرق الإمداد العسكرية. وأعلن سياسيون في ولايات أخرى، مثل براندنبورغ، عن استجوابات مماثلة من قِبل نواب اليمين الشعبوي يُشتبه في أنها جُمعت لصالح روسيا.
وفي توضيح للموقف، أعرب الوزير ماير، في تصريحات إعلامية، عن توجّسه إزاء وتيرة هذه الاستفسارات ومضامينها، مشكّكاً في نيّات حزب "البديل" الذي وصفه بأنه "الذراع الممدودة والمساعدة لنظام فلاديمير بوتين". ومن بين الأمثلة، تقدّم النائب عن الحزب رينغو مولمان، في أيلول/ سبتمبر 2025، بسؤال تفصيلي بشأن عدد عمليات النقل العسكرية عبر الطرق البرّية وخطوط السكك الحديدية، ونقاط التوقف التي مرّت عبر تورينغن منذ عام 2022، إضافة إلى طريقة التنسيق بين الجيش الألماني (البوندسفير) والشرطة الفيدرالية والسلطات الأخرى.
وأظهرت تقارير أن هذه الاستفسارات شملت كذلك معلومات بشأن البنية التحتية للنقل وإمدادات الطاقة والمياه، إضافة إلى البنية التحتية الرقمية، مع تركيز خاص على تكنولوجيا المعلومات ومعدات الشرطة وأنشطة الجيش الألماني، إلى جانب منظومات الدفاع الثابتة والمتحركة المخصّصة للتصدّي للمسيّرات.
وفي ظلّ تعزّز الشكوك، أكّد وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبراندت، في مقابلة مع صحيفة "هاندلسبلات" نهاية الأسبوع الماضي، أن هناك تحقيقات فردية جارية بحق أعضاء وموظفين من "البديل"، موضحاً أن على المحققين تحديد مدى عمق هذه الصلات. وقال دوبراندت: "من المستغرب أن يزور نواب من حزب البديل السفارة الروسية من أجل احتساء القهوة"، مضيفاً أن الحزب "يدافع عن حرب بوتين العدوانية ويتجاهل انتهاكه الصارخ للقانون الدولي". وشدّد دوبراندت على أن "البديل يتصرّف كحزب ألماني مؤيّد لبوتين، وأداؤه يغذي الشك بأن الأمر يتجاوز حدود التعاطف السياسي".
في المقابل، رفض الحزب هذه الاتهامات ووصفها بأنها "ادعاءات شائنة"، مطالباً بإقالة الوزير ماير "لانحيازه السياسي".

 

تجمع لأنصار حزب البديل. (وكالات)
تجمع لأنصار حزب البديل. (وكالات)

 

خطر على أسرار الدولة
وفي ضوء هذه المعطيات والاشتباه في أن حزب "البديل" يسيء استخدام حقه الدستوري كجهة رقابية لمساءلة الحكومات الولائية وجمع معلومات بعينها بغرض التجسس على البنية التحتية الحيوية لصالح موسكو، يرى الباحث في العلوم السياسية نوربرت ديركسن، في تصريح لـ"النهار"، أن النقاش حيال علاقة الحزب بروسيا "ليس جديداً، لكنه اكتسب زخماً كبيراً بفعل الحرب في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية الراهنة".
ويشير ديركسن إلى أن "تكرار الاستفسارات بشأن قضايا أمنية حسّاسة أمر يثير الريبة، خاصة في ظل اهتمام الكرملين بالسياسات الدفاعية للدول الأوروبية وحلف الناتو"، مؤكداً أنه "إذا ثبت أن استيضاحات نواب البديل تتجاوز الحاجة البرلمانية العادية وتُستخدم عمداً لأغراض تجسّسية، فسيُعد ذلك خرقاً للمبادئ الوطنية وتهديداً مباشراً للأمن الداخلي".
ويوضح ديركسن أن "الإجابة عن الأسئلة البرلمانية التزام دستوري وحق أصيل للمعارضة ضمن أدوات الرقابة الديموقراطية، إلا أن القانون، استناداً إلى المادة 67 الفقرة 3 من دستور ولاية تورينغن، يجيز رفض الإجابة التفصيلية إن كان ذلك يعرّض أسرار الدولة أو سير عمل الحكومة أو بيانات حساسة للخطر". ويلفت إلى أن "الخشية تكمن في أن تصل هذه المعلومات إلى جهات لا ينبغي أن تحصل عليها".
وتعليقاً على هذا الجدل، رأت أوساط سياسية أن "البديل يُلحق الضرر بألمانيا عمداً ويعمل كصوت للطغاة حول العالم".

سابقة نافالني
وفي سياق متصل، قال رئيس لجنة الرقابة البرلمانية في البوندستاغ مارك هنريشمان، المنتمي إلى "الاتحاد المسيحي الديموقراطي"، إن روسيا "تستغلّ وجود حزب البديل في البرلمانات الألمانية للتجسّس والحصول على معلومات حساسة".
وفي حديثه مع شبكة التحرير الألمانية، شدّد هنريشمان على أن "هناك أدلة دامغة على ذلك"، مضيفاً أن الصورة تكتمل حين تُضاف إلى "مواقف الحزب المشبوهة السابقة، ومنها تشكيكه عام 2020 في تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني".
واعتبر أن "بوتين يستخدم حزب البديل كأداة طيّعة داخل ألمانيا"، داعياً إلى "وقف هذا النوع من الخيانة"، ومؤكداً أنه "لم يعد ممكناً تسليم معلومات حساسة كتابياً إلى ممثلي حزب البديل من أجل ألمانيا".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/31/2025 2:00:00 PM
أشقاء الشرع.. مسؤولان بارزان في الحكومة وثالث "معاقَب"
شمال إفريقيا 10/31/2025 9:38:00 PM
 مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار ينص على أن تتمتع الصحراء الغربية بحكم ذاتي تحت سيادة المغرب
ثقافة 10/30/2025 10:50:00 PM
بعد صراع طويل مع المرض...
اقتصاد وأعمال 10/31/2025 4:25:00 AM
استقرّ مؤشر الدولار بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر مقابل العملات الأخرى ما يجعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.