"أنا مسرور لأنه يشعر هكذا. سأبلغكم بالموضوع بعد ستة أشهر".

عندما رد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على سؤال حيال ثقة نظيره الروسي فلاديمير بوتين بقدرة قطاعه النفطي على تحمل العقوبات الجديدة، لم يكن يتوقع أن تترك إجراءاته أثرها على روسيا، في فترة أقرب إلى 6 أيام منها إلى 6 ستة أشهر.

تمثل شركتا "لوك أويل" "روسنفت" اللتان خضعتا للعقوبات الأميركية الأخيرة نحو نصف الصادرات الروسية من النفط. لهذا السبب، وصفتهما "سي أن أن" بأنهما "الصراف الآلي" للحرب الروسية.

من جهتها، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إنديا" أن عقوبات ترامب أصابت "عين الثور" لأنها قد تدفع الهند والصين أخيراً إلى تخفيف أو حتى إلى وقف استيراد النفط الروسي قبل أواخر تشرين الثاني/نوفمبر. ونقلت "رويترز" الثلاثاء عن مصادر قولها إن المصافي الهندية أحجمت عن إصدار طلبات جديدة منذ فرض العقوبات، بانتظار توضيحات من نيودلهي.

وثمة ما لا يقل عن أربع شركات صينية أوقفت شراء النفط المشحون بحراً من روسيا، بحيث سيستمر هذا التوقف "على الأقل في المدى القريب"، بحسب الوكالة نفسها. ليس واضحاً ما إذا كانت هذه الخطوة موقتة وتأتي في سياق تهيئة أجواء اللقاء بين ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ على هامش قمة "أبيك". لكن مهما تكن الأسباب، تبدو التداعيات السياسية للعقوبات الأميركية جلية في الوقت الراهن. وأعلنت "لوك أويل" الاثنين أنها تنوي بيع أصولها الدولية بعد الإجراءات الأميركية.

والأسوأ؟

إنه التوقيت. لا يتعلق الأمر فقط بالاستهداف الأوكراني لنحو ثلث مصافي النفط الروسية منذ آب/أغسطس، وتعطل ما يراوح بين 10 و20 في المئة من إمكانات التكرير في البلاد. يقول النائب السابق لرئيس قسم ميريل لينش في بنك أوف أميركا كريغ كينيدي إن هناك "بركة مظلمة من الديون (المترتبة على القطاع الدفاعي لمصلحة البنوك الروسية) ولا أحد يعلم بالضبط حجم الديون الذي سيتم التخلف عن سداده بمجرد استحقاقها". وأشار إلى أن الصناعة الدفاعية تدين للبنوك بنحو 190 مليار دولار، أي ما يقرب من 37 في المئة من الموازنة السنوية للدولة.

قمة ألاسكا (أ ب)

بالفعل، أشارت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية يوم الاثنين إلى أن "الصناعة الروسية تتأرجح على شفير انهيار صناعي شامل، ويصل العبء المتمثل بأقساط القروض على إيرادات الشركة إلى مستويات قياسية جديدة".

الخلاصة واحدة

لا يعني أي من ذلك أن العقوبات الأميركية ستوقف الحرب الروسية على أوكرانيا قريباً. ليست هذه الإجراءات "عصا سحرية"، كما أنه من المتوقع أن تعمد روسيا والهند والصين إلى إيجاد وسائل للالتفاف حول العقوبات ولو جزئياً.

لكن الأكيد أن روسيا لا تعيش حالياً أفضل أيامها. سرعة توقف الهند والصين عن شراء النفط الروسي تظهر حدود ما بإمكان شريكي موسكو الدوليين تقديمه لها، بالتحديد عندما تبدأ واشنطن بفرض خطوطها الحمراء.

يقول توم كيتينج من "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" تعليقاً على العقوبات: "كانت الولايات المتحدة في 24 ساعة أكثر فاعلية من الاتحاد الأوروبي في الأشهر الستة الأخيرة".

صحيح أن استدامة تلك الفاعلية ترتبط بما إذا كان ترامب سيواصل التزامه بالعقوبات أو بما إذا كان سيغض الطرف عن تنفيذها. لكن روسيا تتعلم، بالطريقة الصعبة، أن "نهاية" هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي أبطأ بكثير مما تتخيل.