قمة ترامب-شي... اختراق صيني كبير

قمة ترامب-شي... اختراق صيني كبير

خسارة ترامب، ولو أنها غير نهائية، كانت مسألة وقت.
قمة ترامب-شي... اختراق صيني كبير
الرئيسان شي جينبينغ ودونالد ترامب يغادران بوسان (أ ف ب)
Smaller Bigger

"من هنا القول: إذا كنتَ تعرف العدو وتعرف نفسَك، فلن تكون بحاجة إلى الخوف من نتيجة مئة معركة. إذا كنتَ تعرف نفسك لكنك لا تعرف العدو، فمقابل كل نصر تكسبه ستواجه أيضاً هزيمة. إذا لم تكن تعلم لا العدو ولا نفسك، فستخضع في كل معركة".

 

يصعب على المراقب عدم تذكر كلمات الجنرال الصيني صن تزو لدى متابعته مخرجات قمة الرئيسين دونالد ترامب وشي جينبينغ في كوريا الجنوبية.

 

حين أطلق "يوم التحرير" في نيسان/أبريل الماضي، لم يكن ترامب قد درس ملياً مقومات القوتين الأميركية والصينية. بعبارة أخرى، "لم يكن يعلم لا العدو ولا نفسه". لهذا السبب، عاد في كوريا الجنوبية إلى المربع الأول، وربما أسوأ.

 

عن الفرق الكبير بين المكاسب

قال ترامب إن الصين ستبدأ فوراً بشراء فول الصويا الأميركي وإن شي سيبذل جهده لوقف تجارة مادة الفنتانيل. وأعلن أن الرسوم الجمركية على الصين ستنخفض من 57 إلى 47 في المئة. وسيتم تعليق الرسوم على السفن الصينية الراسية في الموانئ الأميركية، والقيود الصينية على المعادن النادرة التي أعلنت بداية هذا الشهر. لكن لم يكن واضحاً ما إذا كانت الصين ستعلق القيود التي فرضتها على هذا القطاع في الربيع الماضي، رداً على رسوم ترامب، أم فقط تلك التي فرضتها مؤخراً.

 

بالمقابل، سيتواصل الصينيون مع شركة "إنفيديا وشركات أخرى للحصول على ما يحتاجونه من الرقائق" بحسب ترامب. لكن ثمة غموض يلف نوعية الرقائق التي قد تحصل عليها الصين والتي قد لا تكون الأكثر تطوراً. قال ترامب إنه رفض أن تبيع "إنفيديا" رقائق "بلاكويل" المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. لكنه ناقش إمكانية الوصول إلى رقائق أخرى، مضيفاً: "لقد قلتُ إن هذا الأمر هو بينكم (الصينيين) وبين إنفيديا، لكننا بمثابة المحكّم نوعاً ما".

 

في آب/أغسطس الماضي، ذكرت "رويترز" أن ترامب "فتح الباب" أمام احتمال بيع رقائق متطورة من "إنفيديا" للصين. وأضافت أن الشركة كانت بصدد تطوير رقائق مرتبطة بالذكاء الاصطناعي ومخصصة للصين مبنية على نموذج "بلاكويل". 

 

حالياً، يبدو أن الاتفاق الأولي شمل تعليق أميركا توسيع القيود المفروضة على الشركات الصينية المدرجة في القائمة السوداء بحيث كان من المفترض أن تشمل الفروع التي تملكها بنسبة لا تقل عن 50 في المئة.

 

وأعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن الصين وافقت على نقل ملكية تطبيق "تيك توك" للفيديوات القصيرة. إذاً، حققت الصين مكاسب جلية عبر تفادي قيود إضافية على الرقائق، إن لم يكن عبر رفع بعضها على الأقل. وستحصل أميركا على تخفيف للقيود على المعادن الأرضية النادرة لمدة عام، مع إمكانية التمديد.

 

الفرق بين مكاسب الطرفين هو أن واشنطن بحاجة إلى فترة طويلة كي تصبح معتمدة على نفسها في تعدين وتكرير المعادن الحرجة. بينما حصول الصين على الرقائق قد يمكّنها من تحقيق اختراقات تكنولوجية في فترة قصيرة، وذلك بالاعتماد على نوعية الرقائق التي ستصل إليها.


 

قضية أصعب

بمجرد أن فرضت الصين ضوابط إضافية على صادرات المعادن النادرة بداية هذا الشهر، تراجع ترامب في غضون أيام عن التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المئة على بكين. اكتشفت الصين أن نقطة الضعف الأميركية أكبر من المتوقع. ترجمة ذلك أن بإمكان الصين استغلال نفوذها في المعادن المحورية للضغط في نقاط حساسة أخرى كتايوان.

 

 

 

بالتالي، هل تنازل ترامب لشي في هذا الملف؟ إنه احتمال كبير خصوصاً أن لواشنطن سجلاً حديثاً في هذا الإطار، لا يقتصر على تجميد حزمة مساعدات عسكرية إلى الجزيرة. حتى لو لم يحصل هذا التنازل في بوسان، فقد يتحقق في المستقبل غير البعيد، قبيل لقاء الرئيسين مجدداً في نيسان/أبريل المقبل.

 

"أفيون الروح"

ليس ترامب مسؤولاً عن عقود من تخلي واشنطن عن استثمارها في المعادن الحرجة، لكنه مسؤول عن عدم قراءته لهذا الواقع قبل إطلاق الحرب التجارية، وبالتالي، عن عدم إعداد الولايات المتحدة لاستعادة قدرتها على المنافسة، وهو أمر ممكن. يساعد في ذلك أن الاقتصاد الصيني ليس في أفضل أحواله.

 

يدفع ترامب ثمن منح الأولوية للأضواء على حساب الجوهر، وللصفقات التجارية على حساب التنافس الاستراتيجي. تدرك الصين ذلك وقد حصلت على مكاسب وازنة مقابل بعض التنازلات الصغيرة. حتى القضايا ذات الثقل المركزي بالنسبة إلى الولايات المتحدة، مثل التصنيع الصيني الفائق، تُركت معلّقة.

 

ترامب وشي (أ ف ب)
ترامب وشي (أ ف ب)

 

على سبيل المثال، يساعد شراء الصين فول الصويا المزارعين الأميركيين الذين يصوتون لترامب. أما قضية نقل ملكية "تيك توك" فهي تنازل صيني ثانوي آخر، إذ يعتبر شي هذا التطبيق "أفيون الروح". وفي دغدغة لمشاعر ترامب قال شي إن تنمية الصين لا تتعارض مع روحية "أميركا أولاً".

 

عند المصافحة، أغدق ترامب المديح على الرئيس الصيني. لكن شي ظل صامتاً في هذا الوقت. ربما كان يفكر بكيفية رسملة انتصاره في المستقبل، أو بكيفية "إملاء" خطواته التالية لدى تجدد الحرب التجارية. و"الإملاء" تعبيرٌ لـ "فوكس نيوز"، الشبكة الإعلامية الحليفة لترامب.

 

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/31/2025 2:00:00 PM
أشقاء الشرع.. مسؤولان بارزان في الحكومة وثالث "معاقَب"
شمال إفريقيا 10/31/2025 9:38:00 PM
 مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار ينص على أن تتمتع الصحراء الغربية بحكم ذاتي تحت سيادة المغرب
ثقافة 10/30/2025 10:50:00 PM
بعد صراع طويل مع المرض...
اقتصاد وأعمال 10/31/2025 4:25:00 AM
استقرّ مؤشر الدولار بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر مقابل العملات الأخرى ما يجعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.