أوروبا 15-08-2025 | 06:08

زاسبكين لـ"النهار": الأوضاع في أوكرانيا ستتطور أسرع من السابق

ثلاث سنوات مرّت، والحرب الأوكرانية مستعرة بتكلفة بشرية واقتصادية عالية. لكن، ماذا عن المغانم الجيوسياسية؟
زاسبكين لـ"النهار": الأوضاع في أوكرانيا ستتطور أسرع من السابق
الديبلوماسي الروسي ألكسندر زاسبكين
Smaller Bigger


دار الزمن الأميركي-الروسيّ دورته الكاملة. بين آخر لقاء بين زعيمي البيت الأبيض دونالد ترامب والكرملين فلاديمير بوتين في قمة العشرين في 2019، والقمة المرتقبة في ألاسكا، عصفت أحداث جعلت كلاً من القطبين يسيران على توقيت مغاير عن الآخر، تماماً كما هو الحال في جزيرتي ديوميد عند مضيق بيرينغ، الذي يفصل روسيا عن ألاسكا؛ فالمسافة بينهما 4 كيلومترات فقط، وتتصلان ببعضهما البعض عند تجمد المياه؛ أمّا الفارق الزمني فيقارب الـ 24 ساعة.

إن أردنا أن نسقط مجازاً نظرية العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين عن "الزمكان"، والتي هي باختصار عدم إمكانية الفصل بين المكان والزمان، على عالم السياسة، وتحديداً على قطبي الحرب الباردة، يمكننا القول إن روسيا والولايات المتحدة تسيران في "زمكانين" مختلفين يتعارضان مع بعضهما البعض انطلاقاً من المصالح الجيوستراتيجية لكل منهما.

منذ تقاسم النفوذ الدولي بعد الحرب العالمية الثانية في مؤتمر يالطا -للمفارقة التاريخية هذه المدينة تقع في شبه جزيرة القرم- جرى تكريس الثنائية القطبية بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة؛ ومنذ ذلك الحين لم يتوقف الصراع البارد بينهما، لا في زمان ولا في مكان محددين. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، توسع حلف شمال الأطلسي إلى شرقي أوروبا، التي كانت تخضع لنفوذ موسكو؛ وهذا ما رأت فيه الأخيرة تهديداً لأمنها القومي. وبالانتقال سريعاً بالزمن إلى شباط/فبراير 2022 تاريخ الهجوم الروسيّ على أوكرانيا، رأى الكرملين في تلك الخطوة أمراً لا بد منه تفادياً لتوسع آخر للأطلسي نحو كييف. فكانت الحرب مع أوكرانيا التي نالت دعماً أطلسياً كبيراً.

ثلاث سنوات مرّت، والحرب هذه لا تزال مستعرة بتكلفة بشرية واقتصادية عالية. لكن، ماذا عن المغانم الجيوسياسية؟

هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه قبل انتهاء القمة المنتظرة بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا الأميركية، وخروج مقرراتها إلى أرض الواقع.

في هذا السياق، لا بدّ من تسجيل بعض الملاحظات السريعة. فالرجلان يعتبران أن هذه الخطوة بالشكل تحقق انتصاراً لكل منهما، واللقاء من الجانب الأميركي يقع على جزء لا يتجزأ من سيادتها. وبالنسبة إلى بوتين، فالقمة ستكون بمثابة أول زيارة للولايات المتحدة منذ 2015، حين شارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ وتعني كسر الحصار من جهة، وعدم إشراك الجانب الأوكراني فيها من جهة ثانية، على الرغم من أن العنوان الذي تحمله وقف الحرب، مما يعني كذلك انتصاراً معنوياً.

موقف موسكو يعبّر عنه بشكل أكثر وضوحاً الديبلوماسي المخضرم ألكسندر زاسبكين بقوله إن بلاده تسعى إلى إجراء الحوار مع الولايات المتحدة حول أهم القضايا المطروحة على الصعيد الدولي، وإن "هذه النيّة الروسية ثابتة دائماً، إلّا أن إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن، والتي سبقتها، لم تتجاوب وهذا المطلب الروسي، بل كانت تواصل نهجاً معادياً لروسيا من خلال توسيع الناتو، وتحويل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق إلى المعسكر الغربي، وبالتالي أصبحت العملية العسكرية الخاصة الروسية جواباً على النهج العدواني الغربي".

ويعود الديبلوماسي الروسي ليعلّل الحرب في أوكرانيا بأنها إضافة إلى ما سبق، تهدف إلى "حماية الشعب في دونباس، الذي كان يعيش تحت قصف الجيش الأوكراني خلال ثمانية أعوام، أي بعد الانقلاب غير الشرعي الذي قام به النازيون الأوكرانيون برعاية الولايات المتحدة وأوروبا".

ولعلّ هذا الرأي يتقاطع نسبياً مع ما أعلنه ترامب عند كشفه عن لقاء القمة من أن حلّ الصراع يشمل التنازل وتبادل الأراضي. أكثر من ذلك، يتابع زاسبكين حديثه مع "النهار" بتأكيده أن روسيا "اعتبرت ولاية ثانية للرئيس ترامب فرصة لإنعاش الحوار والتعامل مع الولايات المتحدة، خصوصاً أنه أعلن موقفاً ضد العولمة الليبرالية، وأعرب عن رغبته في إيقاف الحرب في أوكرانيا، كما أراد تطبيع العلاقات مع روسيا وتطوير التعاون الاقتصادي معها".

وعليه، يرى أن من نتائج القمة المباشرة تعاون في الاقتصاد والتجارة والاستثمارات، مما يعني عملياً "تعميق التطبيع، وهذا يجري من فترة؛ أمّا رفع العقوبات فهي مسألة غير معروفة حتى الآن".

ليس مبالغةً القول إن ما بعد قمة ألاسكا لن يكون كما قبله، وما حالة "الاستنفار" السياسي والديبلوماسي في أوروبا سوى دليل قاطع على ذلك، وهي المعنية مباشرة بالحرب الدائرة على أراضيها.

عطفاً على ذلك، وبالعودة إلى حديث الديبلوماسي الروسي ألكسندر زاسبكين، فإن النوايا التي أعلنها الرئيس الأميركي تتلاقى مع أهداف روسيا، و"لذلك ليس غريباً أن الديبلوماسية الروسية توجهت بسرعة إلى الجانب الأميركي لترتيب الحوار والتعامل قدر الإمكان". ويكشف أن الطرفين تقدما نحو "تفاهمات حول عدد من المواضيع"، خصوصاً مع إدراكهما لمصالحهما المتبادلة وضرورة إيجاد حلول "لتنقية الأجواء الدولية، وبدرجة أولى وقف الحرب في أوكرانيا. ومن هذه الزاوية يمكن القول إن اللقاء بين الرئيسين بوتين وترامب يتمتع بعدة معانٍ، وهي مترابطة وتشمل القضايا الأساسية الدولية".

ويردف في هذا الإطار أن من المرجح أن يتم إحراز تقدم نحو الحلّ، "لكن يجب أن نأخذ في الحسبان أن حكام أوروبا ونظام كييف يسعون إلى مواصلة الحرب". و يبدو بالنسبة لزاسبكين أن الرئيسين قد يخرجان "بمقترحات وسطية، وفي كل الأحوال فإن الأوضاع سوف تتطور أسرع من السابق".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".