تقرير سرّي عن حرب الـ 12 يوماً: هل يستعدّ أردوغان لاحتمال تكرار سيناريو إيران-إسرائيل؟

شكلت المواجهة العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وإيران نقطة تحول في الاستراتيجية الدفاعية لتركيا، ففي الوقت الذي كان العالم يترقب فيه تطورات حرب الـ12 يوماً، كانت أنقرة تدرس عن كثب الدروس المستخلصة منها.
تقرير صادر عن أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية، كشف أن المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية حملت في طياتها مجموعة من الدروس الاستراتيجية. فقد أكد التقرير أهمية دمج الأنظمة المأهولة وغير المأهولة (مثل الطائرات المسيرة) في أي حرب مستقبلية. كما سلط الضوء على أهمية تطوير أنظمة دفاع صاروخي أكثر فعالية.
في حديثه لـ"النهار"، يقدّم الباحث والكاتب السياسي التركي علي أسمر قراءة معمّقة لتقرير "الأكاديمية الوطنية للاستخبارات"، الذي حمل عنوان "12 يوماً من الحرب: الدروس والعبر المستخلصة"، والذي يبحث رؤية شاملة للأمن القومي التركي في ظل التطورات الإقليمية.
التقرير يشدد على ضرورة تطوير أنظمة الدفاع الجوي التركية، بما في ذلك إطلاق منظومة جديدة أُطلق عليها اسم "القبة الفولاذية". كما يدعو إلى تعزيز الأمن السيبراني وإنشاء ملاجئ مدنية وأنظمة إنذار مبكر في المدن الكبرى.
رسائل تركية تحذيرية لإسرائيل
يضم التقرير تحليلات دقيقة للمنظومات العسكرية الإسرائيلية، ما يشير إلى أن تركيا تراقب عن كثب وتملك جاهزية استخباراتية عالية. ورغم أن التقرير يستبعد المواجهة العسكرية المباشرة، فإنه يحمل تحذيراً مبطناً لإسرائيل يدعوها إلى التوقف عن "الاستعراضات العسكرية" واحترام معادلات التوازن في المنطقة.
يرى أسمر أن أكثر ما يقلق تركيا حالياً هو مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي يروّج له رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يهدف إلى تفتيت الدول وإعادة رسم الحدود على أسس عرقية وطائفية.
تركيا تعتبر هذا المشروع تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة وأمنها القومي، ولذلك تتحرك ديبلوماسياً وعسكرياً لمنع قيام كيانات مصطنعة على حدودها.
ويسلّط أسمر الضوء على السياسة الخارجية التركية القائمة على البراغماتية، التي تمكّنها من تحقيق التوازن بين القوى الدولية. وتظهر هذه السياسة في عضويتها في حلف الناتو، وسعيها للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، واستخدامها مزيجاً من الأسلحة الغربية والروسية، مثل منظومة الدفاع الجوي S-400 وطائرات F-16 الأميركية.
حرب الأيام الاثني عشر وذرائع التسلح التركي
من جهته، يرى المحلل السياسي التركي آيدين سيزر أن حرب الأيام الاثني عشر "لم تكن المحفز الرئيسي" لإعادة تقييم تركيا لأنظمتها الدفاعية، بل كانت بمثابة "مبرر سياسي" لسياسة تسلح كانت موجودة بالفعل. فتركيا، انخرطت منذ مدة في تعزيز صناعاتها الدفاعية.
ويضيف سيزر أن هذه الحرب استُغلت لتبرير هذه السياسة أمام الرأي العام، إذ جرى تقديم إسرائيل كدولة عدوانية وقوية قد تشكل تهديدا مباشراً على تركيا، مما يبرر الاستمرار في التسلح.
وفي سياق متصل، يلفت سيزر إلى توقيت الكشف عن صاروخ "تايفون" المحلي في المعرض الدفاعي الأخير، معتبراً أن ذلك يصب في نفس السياق التبريري لهذه السياسات.
يؤكد المحلل التركي أيضاً أن تركيا، كدولة قوية، لا تحتاج في الواقع إلى القلق، لكنه يوضح أن الأنظمة السلطوية غالباً ما تجعل من التسلح هدفاً أيديولوجيا، وتستخدمه كشعار لإثبات القوة ورفض أي تدخل خارجي.
ويعتبر سيزر أن أنقرة حليف مهم في الناتو ولا تعاني من أزمة ثقة حقيقية، مشيراً إلى أن تركيا لو كانت غير واثقة في الحلف لكانت قد غادرته منذ زمن بعيد.
في النهاية، يبدو أن تركيا تدرس سيناريو حرب إسرائيل على إيران بعناية، وتتخذ خطوات حاسمة لتعزيز قدراتها العسكرية وتحالفاتها الإقليمية. فهل ستنجح أنقرة في بناء استراتيجية دفاعية تضمن لها الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المضطربة؟