يشهد بحر إيجة نشاطاً زلزالياً ملحوظاً استدعى من السلطات اليونانية توسيع دائرة الاجراءات الاحترازية لتشمل جزيرة أمورجوس، وخصوصاً أنه سجل 12 ألف هزة أرضية غير معتادة في المنطقة الواقعة أسفل البحر قرب الجزيرتين، فضلاً عن جزيرتي إيوس وأنافي، وجميعها من المقاصد السياحية ذات الشعبية الكبيرة. وترافقت الظاهرة مع انحسار مياه البحر الأمر الذي ينذر باحتمال حدوث تسونامي. فهل من خطر يلوح في الأفق لجهة زلزال مدمر أو تسونامي؟ وما الذي يحدث في بحر إيجة؟

توضح الباحثة السوريّة رشا عامر الحاصلة على دكتوراه في علم الزلازل من جامعة هيروشيما في اليابان، والمتخصصة في رصد الزلازل الكبيرة من خلال تسجيلات الزلازل البطيئة، والتي تشغل حاليّاً منصباً بحثيّاً في مجال التخزين الآمن لثنائي أوكسيد الكربون بهدف التخفيف من الانبعاثات الغازيّة والتغيّرات المناخيّة، أن ما يشهده بحر إيجة يصنف ضمن الزلازل النشطة الكثيفة في الآونة الأخيرة، خصوصاً قرب جزيرة سانتوريني. وقد تم تسجيل سلسلة من الهزات القوية (أكثر من 5 درجات) خلال فترة قصيرة، بالإضافة إلى انحسار ملحوظ لمياه البحر وصل إلى 300 متر في بعض السواحل التركية. هذا النشاط أثار تساؤلات حول إمكان حدوث زلزال مدمر أو تسونامي في المنطقة.

  تضيف: "بحر إيجه منطقة نشطة زلزالياً بسبب تصادم الصفيحة الإفريقية مع الصفيحة الأوراسية. ومع أن معظم الزلازل في المنطقة تراوح قوتها بين 5 و6.5 درجات على مقياس ريختر، فإن الزلازل التي تتجاوز 7 درجات نادرة جداً. حالياً، لا يوجد دليل علمي قاطع يشير إلى أن النشاط الزلزالي الحالي سيتطور إلى زلزال كارثي فوق 7 درجات، رغم أن هذا الاحتمال يبقى قائماً، وإن كان ضعيفاً".

ماذا عن انحسار مياه البحر؟

ترد الباحثة عامر الظاهرة إلى عوامل عدة محتملة، بما في ذلك النشاط الزلزالي تحت سطح البحر، الذي قد يتسبب بتغييرات موقتة في مستوى المياه. كما أن عوامل أخرى مثل المد والجزر والتيارات البحرية والتغيرات في الضغط الجوي يمكن أن تؤدي إلى هذه الظاهرة. تقول: "يجب التأكيد أن انحسار المياه ليس بالضرورة علامة على تسونامي وشيك،  رغم أن حدوث تسونامي عادة يرتبط بهذه الظاهرة . أي أنه ليس كل انحسار هو مقدمة لتسونامي . ومع ذلك  يجب مراقبة هذه الظاهرة  بشكل دقيق خصوصاً  في الوضع الراهن" . 

ماذا عن النشاط  البركاني؟ 

تطمئن الباحثة عامر إلى أنه لم تُسجل أي إشارات بركانية قوية حتى الآن (مثل تصاعد الغازات أو تغير حرارة المياه) تدل على قرب حدوث ثوران مؤكد، موضحة: "يقع بركان كولومبو على بعد 7 كيلومترات من سانتوريني، وهو من أنشط البراكين المغمورة في البحر الأبيض المتوسط. آخر انفجار له كان عام 1650 وأدى إلى تسونامي".

ماذا عن تحذيرات  العلماء في تركيا خصوصاً؟ 

لا ترى عامر في تحذير العلماء مدعاة للخوف، تقول: "من الطبيعي أن يحذر العلماء من احتمال وقوع زلازل كبيرة أو تسونامي بناءً على النشاط الزلزالي الحالي  وانحسار المياه حتى لو كان احتمالاً، لذلك  حذر مركز أبحاث ودراسات الزلازل في جامعة باليكسير في تركيا من احتمال وقوع تسونامي نتيجة للهزات المتتالية، مشيراً إلى أن المنطقة قد تشهد زلازل تراوح قوتها بين 6 و7 درجات، ما يزيد من احتمال حدوث موجات تسونامي قد تؤثر على السواحل الجنوبية لبحر إيجه".

ما التوقعات و التوصيات؟ 

بناءً على المعطيات الحالية، تؤكد عامر أنه لا يوجد أي دليل علمي قاطع يشير إلى خطر زلزال أكبر من 7 درجات أو انفجار بركاني وشيك في بحر إيجه. ومع ذلك، لا تزال المنطقة نشطة زلزالياً، وأي تغير في الظروف قد يؤثر على التوقعات الحالية. ولذلك، يُنصح سكان المناطق الساحلية في تركيا واليونان بالبقاء على اطلاع دائم على أحدث التحديثات واتباع التعليمات الصادرة من السلطات المختصة لضمان السلامة.
وعلى رغم أن الأدلة و التقييمات الحالية  تشير إلى عدم وجود  ما يثبت علمياً حدوث زلزال مدمر أو تسونامي بشكل مؤكد ووشيك ، إلا أن المراقبة المستمرة للنشاط الزلزالي والبركاني  ضرورية .

في المحصلة، توصي عامر بالحفاظ على الهدوء وعدم الذعر والتزام التعليمات والتأهب لأي طارئ. "يجب متابعة التطورات العلمية المستمرة، بحيث قد تستدعي التغيرات في المعطيات و ظهور معطيات جديدة  تعديل التقييمات  و التحذيرات المستقبلية".