إسرائيل بعد عامين من الحرب... قوّة عسكرية وعزلة دولية وانقسام داخلي

اسرائيليات 08-10-2025 | 06:45

إسرائيل بعد عامين من الحرب... قوّة عسكرية وعزلة دولية وانقسام داخلي

صحيح أن اسرائيل أظهرت أنها قوة عسكرية في المنطقة بعد سلسلة من الانتصارات. لكن عملياتها في غزة أدت إلى تزايد عزلتها الدولية  وتعرضها لخطر فقدان الدعم الغربي طويل الأمد الذي كان ضرورياً لبقائها
إسرائيل بعد عامين من الحرب... قوّة عسكرية وعزلة دولية وانقسام داخلي
جنديان اسرائيليان في غزة، (أ ف ب).
Smaller Bigger

أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن إسرائيل خسرت الكثير من الدعم الدولي، وقال لـ"اكسيوس": "لقد ذهب بيبي بعيداً في غزة، وخسرت إسرائيل الكثير من الدعم في العالم"، مؤكداً أنه سيرد "كل هذا الدعم".

 

صحيح أن بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر، خرجت إسرائيل من الحرب أقوى عسكرياً، لكنها أكثر عزلة دولياً. أما داخلياً، فتعمّقت الانقسامات السياسية والمجتمعية، ما يهدد استقرارها ويضعف موقفها في مواجهة تحديات مستقبلية معقدة.


سلسلة من الانتصارات وعزلة دولية متزايدة
بعد هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وجه الجيش الإسرائيلي سلسلة من الضربات المدمرة إلى أعدائه الاستراتيجيين.

تم تدمير قدرات "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان بشكل كبير، وانهار نظام الأسد في سوريا، وتضررت القيادة العسكرية الإيرانية وبرامجها الصاروخية والنووية بشكل بالغ.

ولكن، أدى مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني في غزة إلى إحياء الدعوات العالمية لإنشاء دولة فلسطينية، في حين اعترفت أخيراً دول غربية، منها فرنسا وبريطانيا وكندا، بدولة فلسطينية.

اتهم الخبراء ومنظمات حقوق الإنسان الكبرى إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية قراراً باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

ويقول رئيس قسم الدراسات الدولية والسياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور عماد سلامة لـ"النهار" إن بعد عامين من الحرب بين "حماس" وإسرائيل "يمكن القول إن إسرائيل خرجت عسكرياً أقوى لكنها دبلوماسياً أضعف. فبينما عززت قدراتها الميدانية ووسّعت ردعها في المنطقة، تواجه اليوم عزلة دولية غير مسبوقة نتيجة الاتهامات بارتكاب جرائم حرب وازدياد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين".

من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي الدكتور مراد حرفوش لـ"النهار": "لا شك أن الحرب المستمرة في قطاع غزة تركت أثراً عميقاً على صورة وقوة إسرائيل، التي طالما روّجت لنفسها على أنها تمتلك الجيش الذي لا يُقهر، والمجهز بأحدث التكنولوجيا العسكرية، والمدعوم سياسياً ومالياً من الولايات المتحدة، حيث بلغ حجم الدعم خلال الحرب الأخيرة ما يقارب 21 مليار دولار، فضلا عن الإسناد اللامحدود من عدد من الدول الغربية". ويضيف: "لكن هذه القوة الهائلة، لم تنجح في تحقيق أهدافها الاستراتيجية ضد الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة، التي ما زالت صامدة ومتمسكة بحقها في الدفاع عن نفسها بإمكانيات محلية بسيطة، مقارنة بما يمتلكه الجيش الإسرائيلي من ترسانة ضخمة".

وانتشر الغضب تجاه إسرائيل من العالم الإسلامي إلى أوروبا، وبشكل متزايد إلى الولايات المتحدة، حيث عارضت أطراف كبيرة من الحزب الديموقراطي وجزء من حركة "ماغا" المساعدة الأميركية لإسرائيل، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". 

وفي حين ظل ترامب داعماً لإسرائيل، فإن عزلتها الجديدة منحته نفوذًا غير عادي استخدمه بالفعل لعرقلة خطط ضم الضفة الغربية، ولإجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الاعتذار عن ضربة قطر، ولجعل إسرائيل توافق على خطة وقف إطلاق النار الأخيرة في غزة.

كما أصبح التضامن مع القضية الفلسطينية من حرم الجامعات الأميركية إلى المدارس الأوروبية من السمات السياسية للجيل الجديد، بحسب "الجورنال".

ويقول حرفوش: "مع تواصل مشاهد القتل التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الأطفال والنساء، والدمار الهائل الذي طال البنية التحتية في غزة، بدأت الأصوات الدولية تتعالى رفضاً لهذه الجرائم، إذ أدانت العديد من الدول العمليات العسكرية وطالبت بوقفها الفوري، فيما أقدمت دول مثل إسبانيا على تجميد اتفاقيات عسكرية مع إسرائيل... تراكم هذه المواقف جعل إسرائيل تواجه عزلة دولية متنامية، تجلت بوضوح في مشهد مغادرة وفود عديدة قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء خطاب نتنياهو، في رسالة رمزية تعبّر عن الرفض العالمي لسياساته. حتى ترامب أقرّ بأن تل أبيب تعيش عزلة دولية غير مسبوقة".

جندي اسرائيلي في غزة، (أ ف ب).
جندي اسرائيلي في غزة، (أ ف ب).

 

انقسام داخلي
داخلياً، أدت الحرب وفشل نتنياهو في إنهائها مقابل الإفراج عن الرهائن المتبقين إلى انقسام حاد في المجتمع الذي كان موجوداً قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، بحسب "نيويورك تايمز".

 

يزعم العديد من الإسرائيليين أن نتنياهو مدد الحرب، متخلياً عن فرص وقف النار حتى بعد قطع اغتيال قادة "حماس" من أجل الحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني وإطالة أمد سيطرته على السلطة.

 

كذلك، أفادت وكالة "اسوشيتد برس" بأن الفشل في إعادة الرهائن ترك البلاد منقسمة بشدة، مع احتجاجات جماهيرية أسبوعية ضد نتنياهو. 

 

ويقول سلامة: "داخلياً، الحرب عمّقت الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً حول أداء نتنياهو ومسؤولية الحكومة عن الإخفاقات الأمنية في السابع من تشرين الأول. لكن الدعم القوي من الرئيس ترامب لحكومة نتنياهو ساهم في تخفيف حدة هذا الانقسام ومنح اليمين المتشدد جرعة شرعية جديدة. كما أن حملات التخويف والانتصارات التكتيكية المتفرقة ساهمت في توحيد الرأي العام مؤقتاً حول اليمين، ما أبقى التيار الحاكم متماسكاً رغم التوترات الداخلية المتصاعدة".

كذلك، أجبر الصراع المستمر جنود الاحتياط على الخدمة لفترات طويلة، ما أدى إلى استنزاف الاقتصاد وتعطيل حياتهم، في حين أدى إلى تأجيج الاستياء الطويل الأمد من اليهود المتطرفين الأرثوذكس، الذين يعفون من الخدمة العسكرية.


ويقول حرفوش بدوره لـ"النهار": "داخلياً، يواجه المجتمع الإسرائيلي انقساماً حقيقياً حول جدوى استمرار الحرب. فوفق استطلاعات الرأي، نحو 70% من الإسرائيليين يطالبون بوقفها، فيما تتهم المعارضة نتنياهو وائتلافه الحاكم بإطالة أمد الحرب خدمةً لأجنداتهم السياسية والحزبية الضيقة، دون تحقيق أي هدف استراتيجي واضح. كما تؤكد المؤسسة العسكرية أن الظروف باتت مهيأة للتوصل إلى هدنة، وأن العمليات الجارية لم تعد تحقق أي مكاسب ميدانية حقيقية".

ويضيف: "تزداد هذه الخلافات حدّة مع تصاعد الجدل حول قانون الحريديم الذي يهدد استقرار الحكومة، إلى جانب التغييرات الواسعة التي أجراها نتنياهو داخل قيادات المؤسسة العسكرية والأمنية بسبب خلافاتهم معه حول إدارة الحرب، وهو ما سيترك أثراً بالغاً على العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري في المدى القريب والمتوسط".

رغم تفوقها العسكري، تواجه إسرائيل عزلة متزايدة، واتهامات دولية خطيرة، وانقساماً داخلياً عميقاً يُضعف موقعها الاستراتيجي ويهدد تماسكها على المدى البعيد.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت